الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 13 ] لا إن شرط نفي الرجعة بلا عوض ، أو طلق ، أو صالح وأعطى . وهل مطلقا ، أو إلا أن يقصد الخلع ؟ [ ص: 14 ] تأويلان ، وموجبه : زوج مكلف ولو سفيها ، ، أو ولي صغير : أبا ، أو سيدا ، أو غيرهما ; [ ص: 15 ] لا أب سفيه ، وسيد بالغ .

التالي السابق


( لا ) تبين الزوجة من زوجها ( إن ) طلقها طلاقا رجعيا و ( شرط ) بضم فكسر ( نفي ) أي عدم ( الرجعة ) حال كون شرطها ( بلا عوض ) سواء كان الشرط منها ، أو من وليها ، أو منه ، ومثله : أنت طالق طلقة تملكين بها نفسك فرجح القرافي أنها رجعية وأفتى جد عج به ، قال وهو الأرجح ، وقيل بائنة ، وقيل ثلاث ( أو طلق ) الزوج زوجته طلاقا رجعيا وأعطاها مالا فرجعي ( أو صالح ) الزوج زوجته على مال لها عليه سواء أقر به ، أو أنكره ( وأعطى ) الزوج زوجته مالا وطلقها فرجعي ; لأن الطلاق بلا عوض في المسألتين .

ابن عاشر لم أر في ابن عرفة ولا في غيره ما قرره به تت من أنه صالح عن دين في ذمته ببعضه ، بل الذي لابن عرفة الباجي إن صالحها على عطية منه لها جهلا وظن أنه وجه الصلح ، فروى ابن وهب أنها طلقة رجعية ، ثم رجع فقال هو خلع وقاله ابن القاسم في المدونة ا هـ ، وحمل الحط المصنف على الصورتين .

( وهل ) يكون رجعيا ( مطلقا ) عن التقييد بعدم قصد الخلع ( أو ) هو رجعي في كل حال ( إلا أن يقصد ) الزوج ( الخلع ) فبائن ; لأن الصلح قد يكون في غير مقابلة شيء لها عليه ؟ في الجواب ( تأويلان ) وليس معنى قصد الخلع إرادته بلفظ الطلاق ، بل معناه جريان ذكره بينهما ; إذ لو قصد باللفظ لم يكن نزاع في أنه بائن قاله أحمد ، وهما فيما إذا صالح وأعطى . وأما إذا طلق وأعطى فرجعي اتفاقا ، ثم الراجح أنه رجعي أفاده عب البناني ابن الحاجب ، وفيها فيمن طلق ، وأعطى أكثر الروايات : رجعية ضيح ; لأنه بمنزلة من طلق وأعطى لزوجته المتعة .

قال في التهذيب وروي عن مالك " رضي الله عنه " أنها واحدة بائنة ، وفرق ابن المواز فقال إن كان ذلك على وجه الخلع فهي طلقة بائنة ، وإن لم يجر بينهما ذلك فله الرجعة . وتأول [ ص: 14 ] ابن الكاتب القول الذي في المدونة بالبينونة عليه أبو بكر بن عبد الرحمن وعبد الحق ، وهذا الاختلاف إنما هو في موطإ ابن وهب والأسدية والموازية فيمن صالح وأعطى ، لا فيمن طلق وأعطى ، قال في النكت وهذا هو الصحيح ، والنقل الذي في المدونة ليس بصحيح ، ولا خلاف فيمن طلق وأعطى أنه له الرجعة ; لأنه وهب لها هبة وطلقها وليست من الخلع في شيء . ونقل ابن عبد السلام وغير واحد أنهم صححوا الأقوال الثلاثة في كل من الثلاث مسائل المتقدمة ، وهي إذا طلق وأعطى ، وإذا صالح وأعطى ، وإذا طلق طلاق الخلع من غير عوض ، ثم قال والذي يدل عليه كلام ابن عرفة أن محلهما فيمن طلق وأعطى لا فيمن صالح وأعطى ; لأنه بعد أن ذكر اختلاف الرواة واعتراض ابن عبد الرحمن وغيره ، قال ، وفي الموازية فيمن طلق وأعطى إن جرى الأمر بينهما بمعنى الخلع والصلح فهي بائنة ، وإلا فرجعية . ا هـ . هذا هو الظاهر والله أعلم .

( وموجبه ) بضم الميم وكسر الجيم أي موقع طلاق الخلع بعوض ومثبته ( زوج ) أو نائبه من ولي ووكيل ( مكلف ) بفتح اللام أي ملزم بما فيه كلفة وهو البالغ العاقل ، ويحتمل أن الضمير للمال المخالع به أي مصيره واجبا على ملتزمه زوجة وغيرها فلا يجب بطلاق صبي ولا مجنون إن كان المكلف رشيدا ، بل ( ولو ) كان ( سفيها ) ; لأن له أن يطلق بلا عوض فيه أولى . اللخمي ويكمل له خلع المثل إن خالع بدونه . ضيح : ظاهر كلامهم أنه لا يبرأ المخالع بتسليم المال المخالع به له . ابن عرفة ظاهر كلام الموثقين كابن فتحون والمتيطي براءة المخالع بدفع الخلع له . قلت ; لأنه عوض عن غير متمول يستقل السفيه به فهو كهبة ، والخلاف المشار إليه بلو أصله لابن الحاجب وابن شاس . ابن عرفة قول ابن شاس وابن الحاجب " اختلف في صحة خلع السفيه " لا أعرفه ، ثم ذكر أنه يجب صرف الخلاف الذي ذكره ابن شاس لتكميل خلع المثل .

( أو ) موجبه ( ولي ) زوج ( صغير ) ومجنون حر أو رق سواء كان الولي ( أبا ، أو سيدا ، أو غيرهما ) من وصي ، وحاكم ، ومقدمه إذا كان خلع من ذكر على وجه المصلحة [ ص: 15 ] للصغير والمجنون ، ولا يجوز لهم الطلاق عليهما بغير عوض عند مالك وابن القاسم رضي الله تعالى عنهما . وحكى عليه الرجراجي الاتفاق ويرده قول ابن عرفة . اللخمي ويجوز أن يطلق على السفيه البالغ والصغير دون شيء يؤخذ له وقد يكون بقاء عصمته فساد الأمر ، جهل قبل نكاحه ، أو حدث بعده من كون زوجته غير محمودة الطريق . ا هـ . وولي المجنون : الحاكم ، أو مقدمه إن جن بعد بلوغه ورشده ، والأب ، ثم وصيه إن جن قبله واتصل .

( لا أب ) زوج ( سفيه ) أي بالغ لا يحسن التصرف في المال ( و ) لا ( سيد ) عبد ( بالغ ) فلا يجوز لهما أن يخالعا عنهما بغير إذنهما ولو جبراهما على النكاح .




الخدمات العلمية