الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 22 ] ولا يضرها إسقاط البينة المسترعية على الأصح [ ص: 23 ] وبكونها بائنا لا رجعيا ، أو لكونه يفسخ بلا طلاق ، أو لعيب خيار به .

التالي السابق


( و ) من ضاررها زوجها ضررا لها التطليق به ولم تتمكن من إثباته وهي في عصمته فأرادت مخالعته وأشهدت بينة بضرر زوجها لها وأنها تخالعه وتسقط حقها في الضرر ، وفي البينة الشاهدة به وأنها غير ملتزمة لهذا الإسقاط ، وإنما تتوصل به إلى خلاصها منه وتمكنها من إثباته عليه ثم خالعته معترفة بالطوع وعدم الضرر ، وأنها أسقطت حقها فيه ، وفي البينة الشاهدة به ، وفي البينة التي استرعتها أي أشهدتها سرا بما تقدم ف ( لا يضرها ) أي الزوجة ( إسقاط البينة المسترعية ) بضم الميم وفتح العين ; إذ عقبها ألف وكتبت بصورة الياء لتجاوزها خمسة أحرف ( على الأصح ) عند ابن راشد حاكيا له عن ابن الهندي وغيره ، وعلله بأن ضررها يحملها على الإقرار بالطوع .

البناني معنى الاسترعاء إشهادها قبل الخلع أنها متى افتدت من زوجها بشيء فليس طوعا منها ولا التزاما ، وإنما يحملها عليه الضرورة والرغبة في الراحة من ضرره بها ، وأنها متى حصلت لها النجاة منه ترجع عليه قاله صاحب الفائق وغيره ، وهنا ثلاث صور صرح بما في التوضيح عن ابن راشد ونصه : وإن اعترفت في عقد الخلع بالطوع وكانت استرعت فلها الرجوع باتفاق ، وكذا إن لم تسترع فقامت لها بينة لم تكن علمت بها . وأما إن كانت علمتها ففيه نظر .

والذي قاله ابن الهندي وابن العطار وغيرهما أن لها الرجوع ولا يضرها أيضا إسقاط البينة المسترعية ولا غيرها وهو أصوب ; لأن ضرره بها يحملها على أن تعترف بالطوع . ومن ابتلي بالأحكام يكاد يقطع بذلك . ا هـ . والأولى بحقيقة الاسترعاء حمله على المسألة الأولى ، وإن كان الإسقاط في الجميع كما صرح به ابن راشد والله أعلم .

وقال أبو الحسن ولو كتب في الوثيقة طائعة غير مشتكية ضررا وأسقطت الاسترعاء في الاسترعاء إلى أبعد غايته وأقصى حدوده ونهايته فلا يسقط ذلك حقها ; لأنها تقول لو لم أقل ذلك لما [ ص: 23 ] تخلصت منه . عج يفهم من كلامهم هنا أنها لو أسقطت كل بينة تشهد لها بما ينافي ما أقرت به من الطوع وعدم الضرر فإنه لا يلزمها .

( تنبيه ) : قوله " المسترعية " هو في النسخ بالياء المثناة تحت ، وقاعدة الخط أن الألف المتجاوزة ثلاثة أحرف وليس قبلها ياء ترسم ياء مطلقا سواء كانت عن واو ، أو ياء ، وهذا هو الراجح من ثلاثة أقوال ، وتقرأ ألفا وقراءتها ياء لحن فاحش قاله اللقاني .

( و ) رد المال المخالع به ( ب ) تبين ( كونها ) أي الزوجة المخالعة ( بائنا ) من مخالعها وقت خلعه ; لأنه لم يصادف محلا ( لا ) يرد المال المخالع به إن تبين بعد الخلع أنها كانت مطلقة طلقة ( رجعية ) لم تنقض عدتها ; لأنها زوجة مملوكة العصمة فيلحقها الطلاق ( أو لكونه ) أي النكاح فاسدا معا على فساده ( يفسخ ) بضم التحتية ( بلا طلاق ) كنكاح خامسة ومحرم من نسب ، أو رضاع ، أو صهر فيرد المال المخالع به لعدم مصادفة خلعه محلا . وأما المختلف فيه فلا يوجب ظهوره رد المال المخالع به لمصادفته محلا عند القائل بصحته وخلع المملكة صحيح وهو رد لتمليكها ولا تعذر بجهلها قاله ابن عرفة .

( أو ل ) ظهور ( عيب خيار به ) أي الزوج كعنته واعتراضه وخصائه وجبه وجنونه وجذامه وبرصه بعد الخلع ، فلها الرجوع بالمال المخالع به ، هذا هو المعتمد . وقوله السابق ولو طلقها ، أو ماتا ، ثم اطلع على موجب خيار فكالعدم ا هـ ضعيف ، أو يحمل على الاطلاع على عيب خيار بها فقط . البناني هذا هو المتعين راجع ما كتبناه فيما تقدم ومثل عيبه عيبهما .




الخدمات العلمية