الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المكتبة الإسلامية

الرئيسية
المكتبة الإسلامية

منح الجليل شرح مختصر خليل

الشيخ عليش - محمد بن أحمد بن محمد (عليش)

صفحة

جزء

وإن قالت اخترت نفسي وزوجي أو بالعكس ، فالحكم للمتقدم ، .

[ ص: 173 ] وهما في التنجيز لتعليقهما بمنجز وغيره : كالطلاق .

التالي السابق

عرض الحاشية

( وَإِنْ قَالَتْ ) الزَّوْجَةُ الْمُخَيَّرَةُ أَوْ الْمُمَلَّكَةُ ( اخْتَرْت نَفْسِي وَزَوْجِي أَوْ ) قَالَتْ كَلَامًا مُتَلَبِّسًا ( بِالْعَكْسِ ) لِلتَّرْتِيبِ السَّابِقِ بِأَنْ قَالَتْ : اخْتَرْت زَوْجِي وَنَفْسِي ( فَالْحُكْمُ لِلْمُتَقَدِّمِ ) مِنْ [ ص: 173 ] النَّفْسِ وَالزَّوْجِ ، وَيُعَدُّ الثَّانِي نَدَمًا فَإِنْ قَدَّمَتْ النَّفْسَ فَقَدْ اخْتَارَتْ الْفِرَاقَ ، وَإِنْ قَدَّمَتْ الزَّوْجَ فَقَدْ اخْتَارَتْ الْبَقَاءَ عَلَى الْعِصْمَةِ . وَرَدَّتْ مَا جَعَلَهُ لَهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ : وَإِنْ قَالَتْ اخْتَرْتهمَا فَكَتَقْدِيمِ نَفْسِهَا وَلَا يُنْظَرُ لِلتَّقَدُّمِ فِي مَرْجِعِ الضَّمِيرِ الْوَاقِعِ فِي كَلَامِ الزَّوْجِ احْتِيَاطًا لِلْفُرُوجِ ، فَإِنْ شُكَّ فِي الْمُقَدَّمِ فَلَا طَلَاقَ كَمَنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا ( وَهُمَا ) أَيْ التَّخْيِيرُ وَالتَّمْلِيكُ ( فِي التَّنْجِيزِ ) عَلَى الزَّوْجِ فَيَكُونُ أَمْرُ الزَّوْجَةِ بِيَدِهَا بِمُجَرَّدِ فَرَاغِهِ مِنْ الصِّيغَةِ ( لِتَعَلُّقِهِمَا ) أَيْ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ فَاللَّامُ التَّعْلِيلِ ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالْكَافِ وَهِيَ لِلتَّعْلِيلِ أَيْضًا عَلَى حَدِّهَا فِي قَوْله تَعَالَى { وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ } وقَوْله تَعَالَى { وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إلَيْكَ } ، أَيْ لِتَعْلِيقِهِمَا ( بِ ) شَيْءٍ ( مُنَجِّزٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُشَدَّدَةً أَيْ مُقْتَضٍ لِلتَّنْجِيزِ كَمُسْتَقْبَلٍ مُحَقَّقٍ يَبْلُغَانِهِ عَادَةً كَأَمْرُكِ بِيَدِك بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ عَامٍ أَوْ عَشَرَةِ أَعْوَامٍ أَوْ بِمَا لَا صَبْرَ عَنْهُ كَأَنْ قُمْت أَوْ مُحْتَمَلٍ غَالِبٍ كَأَنْ حِضْت .

( وَ ) هُمَا فِي ( غَيْرِهِ ) أَيْ عَدَمُ التَّنْجِيزِ لِتَعْلِيقِهِمَا بِغَيْرِ مُنَجِّزٍ كَمُسْتَقْبَلٍ مُمْتَنِعٍ كَأَنْ لَمَسْت السَّمَاءَ ، أَوْ شَرِبْت الْبَحْرَ ، أَوْ حَمَلْت الْجَبَلَ ، أَوْ مُحْتَمَلٍ غَيْرِ غَالِبٍ كَإِنْ قَدِمَ زَيْدٌ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَخَبَرُهُمَا فِي التَّنْجِيزِ وَغَيْرِهِ ( كَالطَّلَاقِ ) فَلَا يَثْبُتُ لَهَا حَقٌّ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ مُمْتَنِعٍ ، وَيَتَوَقَّفُ عَلَى حُصُولِ الْمُحْتَمَلِ غَيْرِ الْغَالِبِ .

( وإن قالت ) الزوجة المخيرة أو المملكة ( اخترت نفسي وزوجي أو ) قالت كلاما متلبسا ( بالعكس ) للترتيب السابق بأن قالت : اخترت زوجي ونفسي ( فالحكم للمتقدم ) من [ ص: 173 ] النفس والزوج ، ويعد الثاني ندما فإن قدمت النفس فقد اختارت الفراق ، وإن قدمت الزوج فقد اختارت البقاء على العصمة . وردت ما جعله لها قال ابن يونس : وإن قالت اخترتهما فكتقديم نفسها ولا ينظر للتقدم في مرجع الضمير الواقع في كلام الزوج احتياطا للفروج ، فإن شك في المقدم فلا طلاق كمن شك هل طلق أم لا ( وهما ) أي التخيير والتمليك ( في التنجيز ) على الزوج فيكون أمر الزوجة بيدها بمجرد فراغه من الصيغة ( لتعلقهما ) أي التخيير والتمليك فاللام التعليل ، وفي نسخة بالكاف وهي للتعليل أيضا على حدها في قوله تعالى { واذكروه كما هداكم } وقوله تعالى { وأحسن كما أحسن الله إليك } ، أي لتعليقهما ( ب ) شيء ( منجز ) بضم الميم وفتح النون وكسر الجيم مشددة أي مقتض للتنجيز كمستقبل محقق يبلغانه عادة كأمرك بيدك بعد شهر أو عام أو عشرة أعوام أو بما لا صبر عنه كأن قمت أو محتمل غالب كأن حضت .

( و ) هما في ( غيره ) أي عدم التنجيز لتعليقهما بغير منجز كمستقبل ممتنع كأن لمست السماء ، أو شربت البحر ، أو حملت الجبل ، أو محتمل غير غالب كإن قدم زيد أو إن دخلت الدار وخبرهما في التنجيز وغيره ( كالطلاق ) فلا يثبت لها حق في التعليق على مستقبل ممتنع ، ويتوقف على حصول المحتمل غير الغالب .