الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 244 - 245 ] وسقطت ، إن لم يطأ بطلاقها وموتها ، وهل تجزئ إن أتمها ؟ [ ص: 246 ] تأويلان

[ ص: 245 ]

التالي السابق


[ ص: 245 ] وسقطت ) الكفارة عمن عاد بنية الوطء فقط أو مع نية الإمساك ( إن لم يطأ ) المظاهر المظاهر منها وصلة سقطت ( ب ) سبب ( طلاقها ) أي المظاهر منها البائن لا الرجعي إلا أن تنقضي عدته ، والمراد بسقوطها أنه لا يخاطب بها ما دامت بائنا منه ، فإن تزوجها فلا يقربها حتى يكفر ( و ) سقطت الكفارة ب ( موتها ) أي الزوجة بعد العود وقبل إخراج الكفارة وكذا بموته قبل وطئها فيهما .

البناني اعلم أنه وقع في كلام المصنف تخليط ، وذلك لأن حاصل كلامه على ما شرحوه به ثلاثة أقوال وكلها تأويلات على المدونة

الأول : لابن رشد وهو قوله : وتجب بالعود . . . إلخ .

والثاني : للخمي .

والثالث : لعياض . ولهما أشار بقوله : وهل هو العزم على الوطء . . . إلخ ، وعبارته تقتضي أن الأخيرين مفرعان على الأول وليس كذلك ، بل هما مباينان له وتقتضي أيضا أن الوجوب عليهما كالوجوب على الأول وليس كذلك أيضا لأن الوجوب على الأول بمعنى الصحة ، وعلى الأخيرين بمعنى اللزوم ، وتقتضي أن قوله : وسقطت إن لم يطأ . . . إلخ مرتب على الأخيرين وليس كذلك ، وإنما السقوط على الأول فقط ، والعبارة السالمة من هذه الأمور . وهل تجب بالعزم على الوطء أو به مع الإمساك أو تصح به فقط وتتحتم بالوطء فتسقط إن لم يطأ بموت أو طلاق تأويلات والله أعلم .

ولو شرع المظاهر الذي عاد في الكفارة ثم طلق المظاهر منها طلاقا بائنا في أثنائها أو أتمها بعده ف ( هل تجزئ ) الكفارة المظاهر ( إن أتمها ) أي المظاهر الكفارة بعد إبانة المظاهر منها فإذا تزوجها فيجوز له وطؤها بلا كفارة أخرى ، أو لا تجزئ ، فإن [ ص: 246 ] تزوجها فلا يقربها حتى يكفر ( تأويلان ) محلهما إن كان الطلاق بائنا أو رجعيا انقضت عدته أو لم تنقض ولم ينو ارتجاعها قبل إتمام الكفارة ، فإن أتمها فيها ناويا رجعتها وعازما على وطئها أجزأت اتفاقا . وكلام المدونة وعبد الحق وأبي الحسن وابن رشد وغيرهم كالصريح في أن محلهما إذا أتمها قبل مراجعتها . ولفظ المدونة ولو طلقها قبل أن يمسها وقد عمل في الكفارة فلا يلزمه إتمامها . قال ابن نافع إن أتمها أجزأه إن أراد العود .

أبو الحسن انظر قول ابن نافع هل هو وفاق لقول ابن القاسم فحمله عبد الحق في التهذيب على أنه وفاق إذا كان الطلاق رجعيا ، وعلى الخلاف إذا كان بائنا . عبد الحق هذا الاختلاف بين ابن القاسم وابن نافع إنما هو إذا طلق طلاقا بائنا ، فعلى قول ابن القاسم لا يلزمه أن يتمها وإن أتمها لم يجزه ذلك ، وكذلك ذكر عنه ابن المواز ، وفي لفظ ابن نافع إن أتمها أجزأه .

ثم قال أبو الحسن الشيخ وحمله بعضهم على الوفاق في الجميع ، وبعضهم على الخلاف في الجميع . وأما إتمامها بعد المراجعة فنقله أبو الحسن فرعا مستقلا ، فقال ما نصه ثم إن تزوجها يوما ما وكانت الكفارة صوما ابتدأها ، وإن كانت طعاما بنى على ما كان أطعم إن تبين منه لجواز تفرقة الطعام . ابن المواز هذا قول مالك وابن القاسم وابن وهب رضي الله تعالى عنهم وأصح ما انتهى إلينا ، وكذا ذكره في التوضيح فرعا مستقلا .

وقال لا يبنى على الصوم اتفاقا .

واختلف هل يبني على الطعام على أربعة أقوال ا هـ .

وكذا في الحط والله أعلم . وإن طلقها ثم شرع في الكفارة فقال الإمام مالك رضي الله تعالى عنه : لا تجزيه إذا ارتجعها . وقال أشهب : إن ارتجعها في العدة وإلا فلا .




الخدمات العلمية