الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 29 ] وكبيع الغرر : كبيعها بقيمتها ، أو على حكمه ، أو حكم غير ، أو رضاه .

[ ص: 30 ] أو توليتك سلعة لم يذكرها ، أو ثمنها بإلزام ، . .

التالي السابق


( وكبيع ) شيء بوجه ( الغرر ) بفتح الغين المعجمة والراء أي الخطر والتردد بين ما يوافق الغرض وما لا يوافقه فالإضافة لأدنى ملابسة المازري بيع الغرر ما تردد بين السلامة والعطب . ابن عرفة يرد بعدم انعكاسه لخروج غرر فاسد صور بيع الجزاف وبيعتين في بيعة ونحوهما إذ لا عطب فيها ، والأقرب بيع الغرر ما شك في حصول أحد عوضيه أو مقصود منه غالبا ، فيدخل غرر بيعتين في بيعة . عياض هو ما ظاهره محبوب وباطنه مبغوض ، ولذا سميت الدنيا دار غرور ، وقد يكون من الغرارة وهي الخديعة وهو كلي في نفسه وإن كان جزئيا بالنسبة لما فسد للنهي عنه ، ولذا مثل له المصنف بأمثلة متعددة فقال ( كبيعها ) أي السلعة ( بقيمتها ) التي يقومها بها أهل المعرفة إذ لا يدري كل من العاقدين هل تقوم بقليل فيوافق غرض المشتري ويخالف غرض البائع أو بكثير فينعكس الأمر ( أو ) بيعها بثمن موقوف قدره ( على حكمه ) أي العاقد الصادق بالبائع والمشتري لذلك ( أو ) على ( حكم ) شخص ( غير ) للعاقدين المازري فاسد للجهل بما يحكم به من الثمن ، ويحتمل كون ضمير حكمه للبائع وكون غير شاملا للمشتري والأجنبي .

اللخمي للجهل بالثمن ( أو ) بيعها بثمن موقوف قدره على ( رضاء ) أي أحد العاقدين أو الأجنبي فيها لا يجوز شراء سلعة بعينها بقيمتها أو على حكمه أو حكم البائع أو رضاه أو رضا البائع أو على حكم غيرهما أو رضاه لأنه غرر . [ ص: 30 ] أبو الحسن اللخمي إلا أن يقوم دليل على أن القصد بالتحكيم المكارمة فيجوز كالهبة للثواب وقبله في الشامل فقال : إلا لكرامة قريب ونحوه أفاده الحطاب طفي هذا القيد لا يطابق كلام المدونة ، وإنما يأتي على مذهب ابن القاسم ، ونص ابن عرفة للباجي واللخمي عن ابن القاسم من قال : بعتكها بما شئت ثم سخط ما أعطاه ، فإن أعطاه القيمة لزمه . محمد معنا إن فاتت . الباجي حمله ابن القاسم على المكارمة كهبة الثواب .

واعتبر محمد لفظ البيع . ا هـ . وارتضى البناني أن القيد في محله كما أفاده الحط قال : وهو الموافق لما حمل عليه الباجي كلام ابن القاسم ، وذكر نص ابن عرفة المتقدم ثم قال والحاصل أن ظاهر المدونة مع ظاهر كلام ابن القاسم مختلفان ، لكن ابن المواز رد كلام ابن القاسم لظاهر المدونة واللخمي وأبو الحسن ردا كلامها لظاهر كلام ابن القاسم فقيداها به وهو ظاهر كلام الباجي فهما وفاق عند الجميع وبه تعلم أن اعتماد عج وطفي على ظاهر المدونة غير ظاهر لتقييد اللخمي وأبي الحسن لها والله أعلم .

عب والفرق بين الحكم والرضا أن الحكم يرجع إلى الإلزام والجبر بمعنى أن المحكم يلزمهما البيع جبرا عليهما بخلاف الرضا فإنه لا يلزمهما ذلك فإن رضيا فظاهر وإلا رجعا وليس له الإلزام البناني هذا الفرق غير صواب لأنه يناقض قوله بإلزام ، وفرق السراج بأن الأول من العارف بقيمة المبيع والثاني من الجاهل ا هـ . قلت : لا مناقضة لأن الإلزام من العاقدين والله أعلم .

( أو ) ك ( توليتك ) يحتمل أنه من إضافة المصدر لمفعوله فيذكر بالتحتية ، وأنه مضاف لفاعله فهو بالفوقية ( سلعة ) اشتراها غيرك على الأول واشتريتها أنت على الثاني بثمن معلوم ، ومعنى توليتها بيعها بمثل الثمن الذي اشتريت به ( لم يذكرها ) أي المولي بالكسر السلعة للمولى بالفتح حال التولية سواء ذكر ثمنها أو لم يذكر ( أو ) ذكرها ولم يذكر ( ثمنها ) ومحل الفساد في البيع بالقيمة أو على حكمه أو حكم غير أو رضاء أو تولية بدون ذكر السلعة أو ثمنها إذا كان ( بإلزام ) أي شرط أن البيع لازم ، فإن كان بشرط الخيار صح في الجميع وإن لم يشترط لزوم ولا خيار صح في التولية ، وله الخيار [ ص: 31 ] لأنها معروف ، وفسد في غيرها والمضر إلزامهما أو أحدهما في بيعها بقيمتها أو على حكم غير المتبايعين أو رضاه . وأما على حكم أحدهما أو رضاه فالمضر إلزام غير من له الحكم والرضا منهما ، وأما في التولية فالمضر إلزام المولى بالفتح . .




الخدمات العلمية