الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وكبيعتين في بيعة يبيعها بإلزام بعشرة نقدا ، أو أكثر لأجل .

[ ص: 38 ] أو سلعتين مختلفتين إلا بجودة ورداءة ، وإن اختلفت قيمتها لا طعام .

التالي السابق


( وكبيعتين في بيعة ) أي عقد واحد أو بسبب بيعة أو بيعة متضمنة ببيعتين في الموطإ { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة } ، ومحمله عند الإمام مالك رضي الله تعالى عنه على صورتين أشار المصنف لإحداهما بقوله : ( يبيعها ) أي المالك السلعة المعينة ( ب ) شرط ( إلزام ) للمشتري أو للبائع بالشراء ، وأنه ليس له تركه على وجه يتردد فيه النظر ويحصل به الغرر كبيعها ( بعشرة ) من الدراهم مثلا ( نقدا ) أي حالة ( أو بأكثر ) منها كعشرين ( لأجل ) كشهر ، وكذا اختلاف الثمنين في الجنس كدراهم ودنانير ، أو في الصفة كمحمدية ويزيدية كما في التوضيح . ومفهوم إلزام أنه لو كان بخيار في الأخذ والترك جاز وهو كذلك ، ولو باعها بإلزام بعشرة لأجل أو بأكثر نقدا لجاز لعدم الغرر ، إذ لا يختار العاقل إلا الأقل لأجل . قال في المدونة : لا يجوز بيع سلعة على أنها بالنقد بدينار أو إلى شهر بدينارين ، وكذلك على أنها إلى شهر بدينار أو إلى شهرين بدينارين على الإلزام لهما أو لأحدهما وليس للمبتاع [ ص: 38 ] تعجيل النقد لإجازة البيع لأنه عقد فاسد ، وإن كان على غير الإلزام جاز ا هـ . ونحوه لابن الحاجب .

وأشار إلى الثانية بقوله ( أو ) يبيع إحدى ( سلعتين مختلفتين ) في الجنس كعبد وثوب أو في الصفة كثوبين هروي ومروي بثمن واحد على اللزوم لهما أو لأحدهما ، فإن كان على الخيار لهما جاز ، ولما شمل قوله مختلفتين مختلفتي الجنس والصفة والرقم والجودة والرداءة وكان الاختلاف بالجودة والرداءة لا يقتضي الفساد لعدم الغرر به استثناء فقال ( إلا ) المختلفتين ( بجودة ) لإحداهما ( ورداءة ) للأخرى وثمنهما واحد كما هو موضوع المسألة فيجوز بيع إحداهما على اللزوم لأن المشتري لا يختار إلا الجيدة والبائع داخل على ذلك فلا غرر . ( وإن اختلفت قيمتهما ) أي الجيدة والرديئة وواوه للحال لأن اختلاف القيمة لازم لاختلاف الجودة والرداءة فلا تصح المبالغة ، ولما ذكر أن السلعتين المختلفتين بجودة إحداهما ورداءة الأخرى يجوز بيع إحداهما بثمن واحد على اللزوم ، وشمل ذلك الطعام والحكم فيهما المنع أخرجهما فقال ( لا ) يجوز بيع ( طعام ) غير معين من طعامين مختلفين بجودة أحدهما ورداءة الآخر مع اتفاقهما جنسا واختلافهما كيلا لأنه إذا اختار أحدهما يقدر أنه اختار الآخر قبله ثم انتقل عنه للآخر فلا يلزم بيع طعام بطعام متحدي الجنس مع فضل أحدهما وبيع طعام المعاوضة قبل قبضه إن بيع بكيل ، فإن اتفق الطعامان جودة أو رداءة وكيلا وجنسا جاز والمشهور الجواز إذا اختلفا جودة ورداءة واتفقا فيما عداهما ، هذا هو الذي نسبه فضل لظاهر المدونة .

ابن زرقون قال فضل بن مسلمة : ظاهر المدونة يدل على أنه إن اتفق الكيل والصنف جاز ابن عرفة لم أجد فيها ما يدل على ما قاله فضل بحال . غ ما قاله فضل يؤخذ من قولها في تعليل المنع كأنه يدع هذه الصبرة وقد ملك اختيارهما ويأخذ هذه وبينهما [ ص: 39 ] فضل في الكيل ومن قولها ، وكذلك إن اشترى منه عشرة آصع محمولة بدينار أو تسعة سمراء على الإلزام لم يجز ، إذ مفهومها لو تساويا في الكيل لجاز ، قال أبو إبراهيم ما نسبه فضل لظاهر المدونة هو المشهور وعليه اقتصر ابن جماعة في مسائله والقباب في شرحه ، وقد ضبط ابن عرفة هذا الفصل فقال : وشراؤه الطعام على الاختيار لزوما لا يجوز في غير متماثلين مطلقا ولا فيهما ربويين جزافا ولا كيلا إن اختلف قدره فلا يجوز إن لم يكن معه غير . .




الخدمات العلمية