الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 230 ] وضمن بائع مكيلا بقبضه بكيل كموزون ومعدود ، والأجرة عليه ، بخلاف الإقالة والتولية والشركة على الأرجح فكالقرض ، واستمر بمعياره .

ولو تولاه المشتري [ ص: 231 - 232 ] وقبض العقار بالتخلية ، وغيره بالعرف .

التالي السابق


( وضمن ) بفتح فكسر شخص ( بائع ) شيئا ( مكيلا ) كحب وغاية ضمانه ( ليقبضه ) أي المكيل مبتاعه ( بكيل ) الظاهر أن الباء سببية أو بمعنى بعد صلة قبض ، فهو كقول ابن الحاجب ، والقبض في المكيل بكيل وشبه في الضمان فقال : ( ك ) شيء ( موزون ) فيضمنه بائعه في حال وزنه ( و ) شيء ( معدود ) فيضمنه بائعه في حال عده ( والأجرة ) للكيل أو الوزن أو العد الذي يحصل به التوفية للمشتري ( عليه ) أي البائع لوجوب التوفية عليه ولا تحصل إلا بذلك ، وأجرة كيل الثمن أو وزنه أو عده على المشتري لأنه بائعه إلا لشرط أو عرف ، بخلاف ذلك في المسألتين ( بخلاف الإقالة ) أي ترك المبيع لبائعه بثمنه ( والتولية ) أي ترك المبيع بثمنه لغير بائعه ( والشركة ) أي ترك بعض المبيع بحصته من ثمنه لغير بائعه فالأجرة على المقال والمولي والمشرك بالكسر فيهما فعل معروفا ، فلا يغرم ، ولذا كان السائل المقيل : والمولي والمشرك بالكسر لكانت الأجرة عليه .

فالأولى أن يقال : قوله بخلاف الإقالة إلخ أي فالأجرة على سائلها سواء كان المقال أو المقيل : إلخ لا على مسئولها لأنه صنع معروفا ( ف ) هي ( كالقرض ) لمكيل أو موزون أو معدود الذي أجرة كيله أو وزنه أو عده على المقترض لا على المقرض لأنه صنع معروفا فلا يغرم ، والأجرة في قضائه على المقترض أيضا اتفاقا ( واستمر ) الضمان على البائع ما دام المبيع ( بمعياره ) أي آلة كيله أو وزنه إن تولى كيله أو وزنه البائع ، ، بل ( ولو تولاه ) أي الكيل أو الوزن ( المشتري ) البناني الصور هنا أربع ، الأولى : أن يتولى البائع الوزن مثلا وإلا فراغ في ظرف المشتري فيسقط من يده فمصيبته منه اتفاقا [ ص: 231 ] الثانية : أن يتولى البائع الكيل أو الوزن ويسلمه للمشتري ليفرغه في وعائه فيسقط من يده فمصيبته منه اتفاقا ، حكاه ابن رشد فيهما ونازعه ابن عرفة في الأولى فقال : قلت : قوله في هلاكه بيد بائعه أنه منه اتفاقا خلاف حاصل قول المازري واللخمي في كونه من بائعه أو مبتاعه ثالثها : إن ولى مبتاعه كيله فمنه .

الثالثة أن يتولى المشتري الوزن والتفريغ فيسقط من يده فقال مالك وابن القاسم " رضي الله عنه " مصيبته من بائعه لأن المشتري وكيله ولم يقبض لنفسه حتى يصل إلى ظرفه وقال سحنون : مصيبته منه لأنه قابض لنفسه ولم يجر هذا الخلاف في الثانية لأن البائع لما تولى الوزن بنفسه دل على أن قبض المشتري منه ليفرغ قبضا لنفسه . الرابعة : أن لا يحضر ظرف المشتري ويريد حمل الموزون في ظرف البائع ميزانا أو جلودا أو أزيارا ، فالضمان من المشتري بمجرد الفراغ من الوزن لأنه قبض لنفسه في ظرف البائع ، ويجوز له بيعه قبل بلوغه إلى داره لوجود القبض حقيقة ، فعليك بهذا التحرير فإنه زبدة الفقه ، وقرره بعض شيوخنا الحط البرزلي سئل ابن رشد عن المكيال إذا امتلأ فهل ضمانه من البائع أو المبتاع ، وكيف لو صبه في القمع فأريق كله أو بعضه فأجاب ضمانه من البائع حتى يصل إلى إناء المشتري على القول بوجوب التوفية ، ولا فرق بين إراقته من مكياله أو من قمعه فقال السائل : القمع من منافع المشتري تطوع له البائع به ولو كان الإناء واسعا لم يحتج إلى القمع ، قال : وإن كان فإن البائع لما التزم صبه لزمه ما حدث بعده فقال السائل : لو قال له البائع : لا أصب في الإناء الضيق حتى تأتي بإناء واسع أو قمع ، فقال : القول قوله ، واختاره السائل وقال غيره : القمع يلزم البائع كالمكيال لجريان العرف بذلك سند من باع زيتا [ ص: 232 ] وأفرغ على زيت في إناء المبتاع تم وجدت فأرة فيه ولم يدر في أي الزيتين كانت حكم بأنها كانت في زيت المبتاع لأنها في إنائه وقبض بسكون الموحدة مصدر قبض بفتحها مضاف لمفعوله ( العقار ) المبيع بفتح العين المهملة أي الأرض وما اتصل بها من بناء وشجر الموجب لنقل ضمان للمبتاع ، وخبر قبض مصور ( بالتخلية ) بينهما وتمكينه من التصرف فيه بتسليم مفاتيحه إن كانت وإن لم ينقل البائع أمتعته منه إلا دار سكنى البائع فلا بد من إخلائها منها ( وقبض غيره ) أي العقار المبيع ( بالعرف ) بين الناس كحيازة الثوب واستلام مقود الدابة " ق " بيان كيفية القبض لا فائدة له في البيع الصحيح الذي لا توفية فيه لدخوله في ضمان مشتريه بالعقد ، وإنما تظهر فائدته في الفاسد وفي كل ما يحتاج لحوز كوقف وهبة ورهن ، فلو قدمه عند قوله وإنما ينتقل ضمان الفاسد بالقبض لكان مناسبا الحط تنبيهات : الأول : نبه على القبض في العقار وغيره مما ليس فيه حق توفية وإن كان الضمان فيه بالعقد الصحيح ، كما نبه عليه بعده بقوله وضمن بالعقد لأنه قدم في آخر البيوع المنهي عنها في الكلام على البيع الفاسد أن ضمانه لا ينتقل إلا بقبضه ، ولم يبين هنالك القبض ما هو فبينه هنا والله أعلم الثاني : التمكين من القبض هو معنى قول الموثقين أنزله فيه منزلته ، ففي مختصر المتيطية [ ص: 233 ] ويلزم البائع إنزال المبتاع منزلته في المبيع فيقول أنزله فيه منزلته ، فإن تأخر إنزاله عن وقت البيع أنزله بعد ذلك ومعناه أمكنه من قبضه وحوزه إياه ا هـ . .




الخدمات العلمية