الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 7 - 8 ] وبانتفاعه بها أو سفره ، إن قدر [ ص: 9 ] على أمين ; إلا أن ترد سالمة .

التالي السابق


( و ) تضمن ( ب ) سبب ( انتفاعه ) أي المودع بالفتح ( بها ) أي الوديعة وتلفها مثلية كانت كطعام أكله أو مقومة كدابة ركبها وثوب لبسه فيما تعطب بمثله فتلفت فلا يضمنها ، ففي المدونة من أودعك عبدا فبعثته في سفر أو أمر يعطب في مثله ضمنته وأما إن بعته لشراء بقل أو غيره من حاجة تقرب من منزلك فلا تضمن ، لأن الغلام لو أراد الخروج لمثل هذا فلا يمنع منه . ابن ناجي أراد بقوله يعطب بمثله غالبا ، والمراد هلك بسبب ما بعثته فيه ، وهذا لا خلاف في ضمانه ، وأما لو بعثته فيما يعطب فيه نادرا فالصحيح أنه لا يضمنه . واختلف إذا هلك في استعماله بأمر من الله تعالى ، فقال سحنون يضمنه ، وقال ابن القاسم لا يضمنه بناء على أنه بالعداء كغاصب واعتبار غالب السلامة ا هـ . البناني والظاهر أن هذا التفصيل خاص بالرقيق وهو الذي يفيده تعليلها والله أعلم . ( أو سفره ) أي المودع ( بها ) أي الوديعة فتلفت منه فيضمنها ( إن قدر ) المودع [ ص: 9 ] بالفتح ( على ) ردها لربها أو إيداعها عند شخص ( أمين ) فإن لم يقدر على ذلك وخشي تلفها بتركها فلا يضمنها قاله اللخمي ، ويضمنها بالانتفاع والسفر في كل حال ( إلا أن ترد ) بضم الفوقية وفتح الراء وشد الدال الوديعة التي انتفع أو سافر المودع بالفتح بها لمحل إيداعها حال كونهما ( سالمة ) من التلف والتعيب ، ثم تتلف بعد ردها فلا يضمنها المودع بالفتح لأن موجب ضمانه هلاكها لا مجرد انتفاعه أو سفره بها وظاهره تصديقه في دعوى ردها سالمة بلا إشهاد عليه ، وهو كذلك ، وسواء كان سفره لنقلة أو تجارة أو زيارة قاله في الكافي .

" ق " فيها ومن أودعته دراهم أو حنطة أو ما يكال أو يوزن فاستهلك بعضها ثم هلك باقيها فلا يضمن إلا ما استهلك أولا ، ولو كان قدر ما استهلك فلا يضمن شيئا إن ضاعت وهو مصدق ، أنه رد فيها ما أخذه منها كتصديقه في ردها إليك وفي تلفها ، وكذلك لو تسلف جميعها ثم رد مثلها مكانها لبرئ كان أخذها على السلف أو على غيره ولا شيء عليه إن هلكت بعد أن ردها ، ولو كانت ثيابا فلبسها حتى بليت أو استهلكها ثم رد مثلها لم تبرأ ذمته من قيمتها لأنه إنما لزمته قيمتها .

وفي الموازية من استودع دابة أو ثوبا فأقر المستودع بالفتح بركوب الدابة ولبس الثوب وقال هلك بعد أن رددته صدق ، وفي كتاب ابن سحنون يضمن بالتعدي بركوبها أو لبسها إلا إن أقام بينة أنه نزل عنها سالمة ثم تلفت ، وقال بعض أصحابنا يضمنها حتى يردها بحالها . ابن يونس هذه الأقوال في الدابة والثوب على الخلاف في قول مالك رضي الله تعالى عنه في رده لما تلف من الوديعة ، وفيها إن أراد سفرا أو خاف عورة منزله فليودعها ثقة . ابن عرفة ظاهرها ولو دونه في ثقته ، ابن شاس إن سافر بها مع القدرة على إيداعها عند أمين يضمنها ، فإن سافر بها عند العجز عن ذلك كما لو كان في قرية مثلا فلا يضمنها وإن أودعها عند غيره بلا عذر ثم ردها فلا يضمنها بعد كرده ما تسلف منها ، الحط انظر إذا انتفع بها وردها سالمة فهل يلزمه كراء مثلها أم لا وسيأتي في أول باب الغصب عن التنبيهات ما يدل على أن عليه الكراء .




الخدمات العلمية