الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 12 ] وبرئ إن رد غير المحرم [ ص: 13 ] إلا بإذن ، أو يقول : إن احتجت فخذ وضمن المأخوذ فقط أو بقفل بنهي .

التالي السابق


( وبرئ ) بفتح فكسر المودع بالفتح الذي تسلف الوديعة تسلفا مكروها بأن كانت مثليا وهو مليء ( إن رد ) المودع بالفتح المال ( غير المحرم ) بضم ففتحتين مثقلا تسلفه وهو النقد والمثلي مع كونه مليا لمحل إيداعه ثم ضاع بعد رده ، سواء أشهد على رده أم لا ، وسواء كانت مربوطة أو مختومة ، ولا يصدق في دعواه ردها إلا بيمين على المشهور . ابن الحاجب إذا تسلف مالا يحرم تسلفه ثم رد مثله مكانه فتلف المثل برئ على المشهور .

ابن عبد السلام قيد بما لا يحرم تسلفه ليدخل فيه المكروه ويخرج منه العرض وتسلف المعدم العين ، وفي خروج تسلف المعدم العين منه نظر لأن ربها إنما يكره تسلفها المعدم خشية أن لا يردها أو يردها بعسر ، فإذا ردها فقد انتفت العلة التي لأجلها منع تسلفها ، وتبعه في التوضيح ، وفيها لو كانت ثيابا فلبسها حتى بليت أو استهلكها ثم رد مثلها لم تبرأ ذمته من قيمتها لأنه إنما لزمه قيمتها . أبو الحسن مفهومه لو رد القيمة لبرئ وليس كذلك ، فإن ذمته لا تبرأ سواء أوقف القيمة أو المثل ا هـ . والمشهور أنه يبرأ ، وقيل لا يبرأ ، ثالثها يبرأ إن ردها بإشهاد ، ورابعها يبرأ إن كانت منثورة وإن كانت مصرورة ضمنها ، ولو ردها . في التوضيح وعلى المشهور فلا يصدق إلا بيمين قاله أشهب وابن المواز .

ابن عرفة وعلى براءته في تصديقه في ردها دون يمينه أو بها . ثالثها إن تسلفها بغير بينة صدق دون يمين وإلا لم يصدق إلا ببينة لقول الشيخ لم يذكر في المدونة يمينا مع قول [ ص: 13 ] الباجي ، ظاهرها نفيها والشيخ عن محمد عن ابن الماجشون في المنثورة . وذكر اللخمي الثالث اختيارا له ولم يعزه ، وقال إلا أن يكون إشهاده لخوف موته حفظا لحق المودع فيبرأ أو إن لم يشهد على ردها ا هـ . الحط ولم أقف على من أخرج المعدم من البراءة إذا تسلف النقد والمثلي ورده إلا ما يفهم من كلام ابن الحاجب .

واستثنى من البراءة برد غير المحرم فقال ( إلا ) ما استلفه المودع من الوديعة ( بإذن ) من المودع في تسلفه مطلق عن التقييد بالاجتياح ( أو ) مقيد به كأن ( يقول ) المودع بالكسر ( إن احتجت ) يا مودع بالفتح لتسلف شيء من الوديعة ( فخذ ) منها ما تحتاجه سلفا فتسلفها كلها أو بعضها ورد مثل ما تسلفه لمكانه فضاع فلا يبرأ برده لأنه استلفه من مالكه فلا يبرئه إلا رده إليه كسائر الديون . الباجي بعدما تقدم عنه وهذا إذا تسلف من الوديعة بغير إذن صاحبها ، وأما من أودع وديعة وقيل له تسلف منها إن شئت فتسلف منها ، وقال رددتها فقد قال ابن شعبان لا يبرئه رده إياها إلا إلى ربها ووجه ذلك أنه إذا قال ذلك رب المال صار هو المسلف فلا يبرأ المسلف إلا برده إليه ، وعندي أنه يبرأ برده إلى الوديعة لأنها كانت على حسب ذلك عنده قبل أن يتسلفها ، فإذا ردها إلى ما كانت عليه برئ من ضمانها .

( و ) إن أخذ المودع بعض الوديعة بإذن مطلق أو مقيد ورده وضاع مع الباقي ( ضمن ) المودع بالفتح البعض ( المأخوذ فقط ) أي دون البعض غير المأخوذ فلا يضمنه فيها . ومن أودعته دراهم أو حنطة أو ما يكال أو يوزن فاستهلك بعضها ثم هلك باقيها فلا يضمن إلا ما استهلك أولا ، ولو كان قدر ما استهلك فلا يضمن شيئا إن ضاعت وهو مصدق أنه رد فيها ما أخذه منها ( أو ) أي ويضمنها إن ضاعت ( ب ) سبب وضع ( قفل ) بضم فسكون آلة من حديد تجعل على الباب لمنع فتحه متلبس ( بنهي ) من المودع بالكسر للمودع بالفتح عن وضعه على ما هي فيه فوضعه عليه فسرقت فيضمنها لإغرائه السارق [ ص: 14 ] بوضعه ، ومفهوم بنهي أنه إن لم ينهه عنه فلا يضمنها . ابن عبد الحكم من قال لمن أودعه وديعة أجعلها في تابوتك ولم يقل غير هذا فلا يضمن إن قفل عليها ، ولو قال لا تقفل عليها يضمنها لأن السارق برؤية القفل أطمع .




الخدمات العلمية