الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وبجحدها [ ص: 23 ] ثم في قبول بينة الرد خلاف وبموته ولم يوص ، ولم توجد ; إلا لكعشر سنين

التالي السابق


( و ) تضمن ( ب ) سبب ( جحد ) إيداع ( ها ) ثم أقر به أو قامت عليه بينة به وادعى ردها أو تلفها ، فإن استمر على جحده ولم تقم عليه به بينة فلا يضمنها ولو لم يجحد الإيداع ، وإنما قال لا يلزمني تسليم شيء إليك ثم قامت للبينة عليه بالإيداع فادعى الرد [ ص: 23 ] أو الضياع لقبل قوله قاله في النوادر عن ابن حبيب ( ثم ) إن أقام المودع بالفتح بينة برد الوديعة لربها بعد إقراره به أو قيام البينة عليه به وكان جحده أولا ف ( في قبول بينة ) المودع الشاهدة له ب ( الرد ) أي رد الوديعة لمودعها لأنه أمين ، ولا ينظر لتضمن جحده تكذيبها ، واستحسنه اللخمي وعدمه لتكذيبها بجحده ابتداء وهو المشهور ( خلاف ) أي قولان مشهوران .

" ق " اللخمي اختلف إذا أنكر الإيداع ، فلما شهدت عليه البينة به أقام البينة بالرد فقيل لا تقبل ببينة لأنه كذبها بقوله ما أودعتني ، وكذا إذا قال ما اشتريت منك فلما أقام عليه البينة بالشراء أقام هو عليه البينة بالدفع وقيل يقبل قوله في الوضعين جميعا وهو أحسن لأنه يقول أردت أن لا أتكلف بينة . ابن حبيب ابن القاسم وأشهب ومطرف وابن الماجشون وأصبغ من استودع وديعة ببينة فجحدها ثم أقر أنه ردها وأقام البينة بردها فإنه ضامن لأنه أكذبها إن قال لم أجدها ، يريد أو قال ما أودعتني شيئا ، وأما لو قال ما لك عندي شيء فالبينة بالبراءة تنفعه ، وكذلك في الغراض والبضاعة ا هـ .

ابن زرقون تحصل فيمن أنكر أمانة ثم ادعى ضياعها أو ردها ثلاثة أقوال ، الأول لمالك من سماع ابن القاسم يقبل قوله فيهما . الثاني لمالك أيضا لا يقبل قوله فيهما . الثالث لابن القاسم يقبل قوله في الضياع دون الرد المشهور أنه إن قامت بينة على ضياعه أو رده فإنها تنفعه بعد إنكاره . ابن شاس لا يقبل قوله لتناقض كلاميه .

( و ) تضمن ( بموته ) أي المودع بالفتح ( و ) الحال أنه ( لم يوص ) أي المودع بالفتح بها ( و ) الحال أنها ( لم توجد ) الوديعة بعينها في تركته فيؤخذ عوضها منها ويحمل على أنه تسلفها أو أتلفها قاله مالك رضي الله تعالى عنه في كل حال ( إلا أن ) يطول الزمان ( ل ) مرور ( كعشرين سنة ) من يوم إيداعها فيحمل على ردها لربها . ومفهوم لم يوص أنه لو أوصى بها ولم توجد فلا يضمنها ، ومنه قوله هي بموضع كذا ولم توجد فيه فتحمل على [ ص: 24 ] أنها سرقت بعد موته أو حال مرضه وظاهر إطلاق المصنف كابن الحاجب سواء ثبت الإيداع ببينة أو اعتراف المودع ، وقبله ابن هارون وابن عبد السلام والمصنف ، وتبعهم صاحب الشامل وتعقبهم ابن عرفة ، ونصه ابن الحاجب ومتى مات ولم يوص بها ولم توجد ضمن ، قال مالك رضي الله تعالى عنه ما لم تتقادم كعشر سنين فقبله ابن هارون بإطلاقه ، وكذا ابن عبد السلام ، وأتى بما يدل على العمل بإطلاق لفظه ، فقال استشكل ذلك بعضهم لأن الأصل فيما قبض على الأمانة أنه باق على ذلك ، وقصارى هذه القرينة أن توجب شكا والذم لا تعمر بالشك . ولأجل هذا استثنى مالك رضي الله تعالى عنه بقوله ما لم تتقادم لضعف موجب الضمان في الأصل ، ولو وجب محققا ما سقط بهذا الطول ورأى أن هذا الطول يدل على أن ربها أخذها وما يشبه هذا من الاحتمالات المنضمة إلى الأصل في سقوط الضمان ، ثم قال ابن عرفة ، وهذا يدل من تأمله على فهمه وحمله لفظ ابن الحاجب على الإطلاق سواء كانت هذه الوديعة ثابتة ببينة أو باعتراف المودع ، وليس الأمر كذلك ، بل ظاهر المدونة في كتاب الوديعة والقراض ذلك ، وهو ثبوت كونها في ذمته مطلقا كانت ببينة أو اعتراف ، لكن هذا الإطلاق يقيده سماع ابن القاسم ، سئل عن الوديعة يقر بها الذي هي عنده دون بينة عليه قال مالك رضي الله تعالى عنه لهذه الأمور وجوه أرأيت لو مر عليها عشرون سنة ثم مات فقام ربها يطلبها ما رأيت له شيئا ، وكأني رأيته يرى إن كان قريبا أن ذلك له وهو رأيي لو كان إنما لذلك السنة وشبهها ثم مات ثم طلب الذي أقر له لرأيته في ماله ا هـ .

ابن رشد وهذا كما قال إن من أقر بوديعة دون أن يشهد بها عليه ثم مات ولم توجد أن لا شيء عليه إن طالت المدة لأنه لو كان حيا وادعى ردها لكان القول قوله بيمينه ، ثم [ ص: 25 ] قال ابن عرفة فنقل ابن الحاجب قول مالك رضي الله تعالى عنه ما لم تتقادم دون تقييد ثبوت الوديعة بإقرار المودع غفلة أو غلطة والتعقيب على شارحيه أشد .

.



الخدمات العلمية