الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 115 - 116 ] أو دل لصا ، [ ص: 117 ] أو أعاد مصوغا على حاله ، وعلى غيرها فقيمته : ككسره ; أو غصب منفعة فتلفت الذات أو أكله مالكه ضيافة

التالي السابق


( أو دل لصا ) بكسر اللام وشد الصاد المهملة أي سارقا على مال فسرقه أو دل غاصبا على مال فغصبه ، ولولا دلالته ما عرفاه فلا يضمنه الدال . أبو محمد وضمنه بعض أصحابنا " ق " أبو محمد من أخبر بمطمر رجل سارقا أو أخبر به غاصبا ، وقد بحث عن مطمره أو ماله فدله عليه رجل ولولا دلالته ما عرفوه فضمنه بعض متأخري أصحابنا ولم يضمنه بعضهم . أبو محمد وأما الرجل يأتي السلطان بأسماء قوم ومواضعهم وهو يعلم أن الذي يظلمهم به السلطان ظلم فينالهم بسبب تعريفه بهم غرم أو عقوبة فأراه ضامنا لما غرمهم مع العقوبة الموجعة .

ابن يونس أشهب إذا دل محرم محرما على صيد فقتله المدلول عليه فعليهما الجزاء جميعا وابن القاسم قال لا جزاء على الدال فعلى هذا الخلاف تجري مسائل الدال فيما ذكرنا .

المازري في ضمان المتسبب بقول كصيرفي قال فيما علمه زائفا طيبا ، وكخبر عمن أراد صب زيت في إناء مع علمه مكسورا بأنه صحيح وكدال ظالما على مال أخفاه ربه عنه قولان ، كقولي ابن القاسم وأشهب في لزوم الجزاء من دل محرما على صيد فقتله بدلالته . الحط [ ص: 117 ] انظر كيف مشى هنا على أنه لا يضمن مع أن الذي جزم به ابن رشد أنه يضمن ولو أكره على ذلك ، وهو الذي اختاره أبو محمد كما سيأتي ، ولعل المصنف مشى على هذا القول هنا لأنه يفهم من كلام ابن يونس أنه الجاري على مذهب ابن القاسم في دلالة المحرم على الصيد ، وأصل المسألة في النوادر ، ونقل فيها القولين بالتضمين وعدمه ، ثم قال بعدهما قال أبو محمد وأنا أقول بتضمينه لأن ذلك من وجه التغرير ، وكذا نقل البرزلي عن ابن أبي زيد أنه أفتى بالضمان .

( أو ) غصب مصوغا وكسره ( وأعاد ) الغاصب شيئا ( مصوغا ) بعد كسره ( على حاله ) الذي كان عليه فلا شيء عليه عند ابن القاسم وأشهب . وقال محمد يضمن قيمته بمجرد كسره واستظهر " ق " . ابن يونس الصواب فيمن كسر حليا اغتصبه ثم رده على هيئته أن عليه قيمته لأن هذه الصياغة غير تلك ، فكأنه أفات الحلي فعليه قيمته يوم أفاته قاله ابن المواز . وقال أشهب لا تلزمه قيمته ويأخذه ربه ( و ) إن أعاده ( على غيرها ) أي حاله الأول ( فقيمته ) أي المصوغ يضمنها غاصبه . " ق " ابن المواز إن صاغه على غير هيئته فلا يأخذه ربه وليس له إلا أخذ قيمته يوم غصبه . وشبه في لزوم القيمة فقال ( ككسره ) أي المصوغ غاصبه ولم يصغه على هيئته ولا على غيرها فتلزمه قيمته يوم غصبه ، إلى هذا رجع ابن القاسم ، وقال قبله يغرم قيمة صياغته .

وقال أشهب يلزمه صوغه على حاله ، فإن لم يمكن فعليه قيمته ( أو غصب ) أي قصد الغاصب باستيلائه على الشيء قهرا تعديا ( منفعة ) أي استيفاءها لا تملك الذات ( فتلفت الذات ) المستوفى منها منفعتها فلا يضمنها المتعدي . " ق " ابن المواز ابن القاسم من سكن دارا غاصبا للسكنى مثل ما سكن السودة حين دخلوا فانهدمت من غير فعله فلا يضمن إلا قيمة السكنى ، إلا أن تنهدم من فعله وأما لو غصب رقبة الدار فانهدمت ضمن ما انهدم وكراء ما سكن وقاله أصبغ ( أو أكله ) أي الطعام المغصوب ( مالكه ) أي [ ص: 118 ] المغصوب منه بأن قدمه له غاصبه ( ضيافة ) فأكله غير عالم بأنه طعامه المغصوب منه فلا شيء على غاصبه لأنه تسبب ومالكه باشر وأحرى إن علم المالك حين أكله أنه طعامه المغصوب منه ، ولو أسقط قوله ضيافة لشمل أكله مكرها من غاصبه وأكله خفية عنه بأن دخل المالك دار الغاصب وأكله في غيبته فلا يضمنه غاصبه قاله في الذخيرة . " ق " ابن شاس لو قدم الغاصب الطعام لمالكه فأكله مع الجهل بحاله فإن الغاصب يبرأ من ضمانه ، بل لو أكرهه على أكله لبرئ ابن عرفة ما أكله طائعا فلم أعرفه لغيره والجاري على المذهب أن لا يحاسب المغصوب منه من ذلك إلا بما يقضي عليه ، لو أطعمه من ماله ليس بسرف في حق الآكل . وأما أكله مكرها فهو كمن أكره رجلا على إتلاف مال وقد تقدم ، وما أدري من أين نقل ابن شاس هذين الفرعين . .




الخدمات العلمية