الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 64 - 65 ] ولو في الكثير إلا كبيع سلع كثيرة لا يأخذ شيئا إلا بالجميع

التالي السابق


( و ) يجوز الجعل على البيع والشراء القليل ، بل ( ولو في الكثير إلا ) في ( كبيع ) وشراء ( سلع ) كثيرة فلا يجوز الجعل عليه إذا كان ( لا يأخذ ) المجعول له ( شيئا ) من الجعل ( إلا ب ) بيع أو شراء ( الجميع ) إذ يلزم عليه انتفاع الجاعل ببيع أو شراء البعض مجانا إذا لم يبع أو يشتر العامل الباقي ، ولو واحدا من ألف مثلا ومفهوم لا يأخذ أنه لو كان على أن ما باعه يأخذ حصته يجوز ، وهو كذلك ، فالاستثناء راجع للبيع فقط ، ويحتمل رجوعه للشراء أيضا ، وبعضه ما في بعض النسخ كبيع بالكاف .

ابن المواز يجوز عند الإمام مالك " رضي الله عنه " وأصحابه الجعل على الشراء فيما قل وكثر في الحضر والسفر ، فلا بأس أن يجعل له على مائة ثوب يشتريها دينارا إذا كان على أن ما يشتريه له يلزمه ، فإن كان على أن ما يشتريه له فهو فيه بالخيار فلا خير فيه ، ومنع الجعل على بيع ما كثر ففرق بين الشراء والبيع . ابن يونس ر عياض وجماعة من القرويين وغيرهم البيع والشراء سواء ، وحملوا المنع في البيع على أن العرف فيه لا يأخذ شيئا إلا ببيع الجميع ، فمنع بخلاف الشراء . ولو كان على أنه إذا باع شيئا كان له بحسابه جاز وأولوا الإطلاق في الشراء على أن العرف جار بأنه إذا اشترى شيئا أخذ بحسابه ، ولو كان لا يأخذ شيئا إلا بعد شراء الجميع لمنع فاستوى البيع والشراء في المنع والجواز .

البناني دخل تحت الكاف كل ما يتفق فيه للجاعل منفعة إن لم يتم العمل ، ففي البيان لم يجز الجعل على بيع الثياب الكثيرة في البلد ; لأنه إن بدا له في بيعها وردها إلى صاحبها كان قد انتفع بحفظه لها طول كونها في يده ليس من أجل أن الجعل لا يجوز في الكثير ، وإن كان قد قال ذلك عبد الوهاب وغيره فليس بصحيح ، وفي المقدمات ليس من شرط الجعل كونه في القليل ، وإن قاله عبد الوهاب فليس بصحيح والصحيح جوازه في كل ما لا منفعة فيه للجاعل إلا بتمامه كثيرا كان أو قليلا ، والمستثنى مقيد بالكثرة . وأما [ ص: 66 ] الثوبان ففي المقدمات تجوز المجاعلة على بيعهما فانظر ما الفرق بين الثوبين والثياب حتى جاز الأول ، ومنع الثاني مع أن علة المنع موجودة في الجميع ، قاله ابن عاشر ، والروايات ناصة على أن شرط الجعل على البيع تسمية الثمن أو تفويضه للمجعول له ، وهو نقل الصقلي وابن رشد فيجب تقييد قولها بجواز الجعل على بيع قليل السلع بالبلد سمى لها ثمنا أم لا بالتفويض له فيه والعرف في هذا كالشرط . ففي العتبية سحنون في الرجل يستأجر على الصياح على المتاع في السوق على جعل أنه فاسد ; لأنه يصيح النهار كله وليس له إمضاء البيع وإمضاؤه إلى رب المتاع فلا يدري أيعطى في السلعة ما يرضى به صاحب السلعة أم لا ، ولو كان إمضاء البيع والنظر إلى الصائح لم يكن بالجعل بأس . سحنون هذه مسألة جيدة .

ابن رشد هذه مسألة جيدة صحيحة على ما قال سحنون ، ولا يجوز الجعل على البيع إلا بأحد الوجهين إما أن يسمي له ثمنا أو يفوض له البيع بما يراه ولا اختلاف في هذا .




الخدمات العلمية