الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 94 ] إلا من خيف عليه ولا ثمن معه والأرجح بالثمن

التالي السابق


واستثنى من متعلق قوله له منعه فقال ( إلا من ) أي إنسانا ( خيف عليه ) الهلاك أو المرض الخطر ( و ) الحال ( لا ثمن ) للماء المحتاج له ( معه ) أي من خيف عليه فيحرم على ذي الماء منعه ، ويجب عليه أن يعطيه الفاضل من الماء مجانا لوجوب مواساته . ابن رشد ما كان من الماء في أرض متملكة ، سواء كان مستنبطا مثل بئر يحضرها أو عين يستخرجها أو غير مستنبط غديرا أو غير ذلك فهو أحق به ، ويحل له بيعه ، ومنع الناس منه إلا بثمن إلا أن يرد عليه قوم لا ثمن معهم ، ويخاف عليهم الهلاك إن منعهم فحق عليه أن لا يمنعهم ، فإن منعهم فعليهم مجاهدته ، هذا قوله في المدونة ; لأنه لم يحمل نهيه عليه الصلاة والسلام عن منع نقع البئر على عمومه ، بل تأوله على ما تقدم إلا أنه يستحب له أن لا يمنع الشرب من العين أو الغدير يكون في أرضه من أحد من الناس من غير حكم عليه به ، وله في واجب الحكم أن يمنع ماءه إذا شاء ويبيحه إذا شاء . ابن عرفة والماء في إناء لربه يختص به ويتعلق به حكم المواساة .

( والأرجح ) عند ابن يونس من الخلاف أخذه ( بالثمن ) " غ " يريد إن كان معه ثمن كأنه رأى أن ذكر الثمن يدل على أن الفرض مع وجوده . طفي ; لأن ترجيح ابن يونس [ ص: 95 ] أخذه بالثمن إن كان معه ، ولا يتبع به دينا ، وهو الموافق لقول المصنف في باب الصيد وله الثمن إن وجد . ونص ابن يونس : واجب على كل من خاف على مسلم الموت أن يحييه بما يقدر عليه ، فيجب على أصحاب المياه بيعها من المسافرين بما تساوي ، ولا يشططوا عليهم في ثمنها . ولم ير في المدونة أن يأخذوها بغير ثمن ، وقاله في الذي انهارت بئره أنه يسقي بماء جاره بغير ثمن . وروي عن مالك أنه يرجع عليه بالثمن . ابن يونس وإحياء نفسه أعظم من إحياء زرعه ، والأولى في كلا الأمرين أن يأخذ ذلك بالثمن كما لو مات جمله في الصحراء لكان على بقية الرفقاء أن يكروا منه ، وإن كان المسافرون لا ثمن معهم وجبت مواساتهم للخوف عليهم ولا يتبعوا بالثمن ، وإن كان لهم أموال ببلدهم ; لأنهم اليوم أبناء سبيل يجوز لهم أخذ الزكاة لوجوب مواساتهم ا هـ .

" غ " زاد أبو إسحاق التونسي إلا أن يكون أراد في المدونة أن فضل ماء جاره لا ثمن له فلا يقدر على بيعه ، فيصح الجواب ، ويكون هذا الماء الذي باعه للمسافرين له ثمن ، فاختلف الجواب لاختلاف المعنى . وفرق بعضهم بأن المسافرين مختارون بسبب السفر ، والذي انهارت بئره ليس بمختار .




الخدمات العلمية