الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 212 ] ولا يركبها أو يأكل من غلتها ، وهل إلا أن يرضى الابن الكبير بشرب اللبن ؟ [ ص: 213 ] تأويلان ، وينفق على أب افتقر منها

التالي السابق


( ولا يركبها ) أي المتصدق الدابة التي تصدق بها ( أو يأكل ) المتصدق ( غلتها ) أي الصدقة . فيها من تصدق على أجنبي بصدقة فلا يجوز له أن يأكل من ثمرها ولا يركبها إن كانت دابة ولا ينتفع بشيء منها ولا من ثمنها ، والأم والأب إذا احتاجا فلا بأس أن ينفق عليهما مما تصدقا به على الولد . محمد ولا يستعير ما تصدق به أو أعطاه لرجل في السبيل وإن تصدق بذلك عليه فلا يقبله وإن لم يتصدق بالأصل ، وإنما تصدق بالغلة عمرى أو إلى أجل فله شراؤها قاله الإمام مالك " رضي الله عنه " وأصحابه إلا عبد الملك ، وللرجل أن يأكل من لحم غنم تصدق بها على ابنه ويشرب من لبنها ويكتسي من صوفها إذا رضي الولد وكذلك الأم ، وهذا في الولد الرشيد ، وأما غيره فلا يفعل وقاله مالك " رضي الله عنه " ابن رشد شراء غلة ما تصدق به من المتصدق عليه ، قيل جائز كالعرية بخرصها ، وكرهه أشهب وهو الصواب . ابن عرفة شراء العرية بخرصها عود في عين العطية لا في غلتها .

( وهل ) يحرم الانتفاع بغلة الصدقة على المتصدق بها في كل حال إلا ( أن يرضى ) ابن المتصدق ( الكبير ) أي البالغ الرشيد ( بشرب اللبن ) أبوه أو أمه المتصدق عليه بذات [ ص: 213 ] اللبن أو يمنع ولو رضي به الكبير في الجواب ( تأويلان ) أي فهمان لشارحي المدونة . فيها ومن تصدق على أجنبي بصدقة لم يجز أن يأكل من ثمرتها ، ولا يركبها إن كانت دابة ولا ينتفع بشيء منها . وفي الرسالة لا بأس أن يشرب من لبن ما تصدق به . أبو الحسن ظاهره خلاف المدونة وفي المعونة إلا أن يشرب من ألبان الغنم يسيرا أو يركب الفرس الذي جعله في السبيل وما أشبه ذلك مما يقل خطره . وقيل معنى ما في الرسالة إذا كان بحيث لا ثمن له . وقيل يحمل ما في الرسالة على ما ذكره ابن المواز من قوله للرجل أن يأكل من لحم غنم تصدق بها على ابنه ويشرب من لبنها ويكتسي من صوفها إذا رضي الولد الكبير . ا هـ . الحط وإلى هذا أشار المصنف بقوله وهل إلا أن يرضى الابن الكبير بشرب اللبن تأويلان ، إلا أن ظاهر كلام المصنف تخصيصه باللبن ، وقد علمت أنه غير خاص به والله أعلم . البناني ظاهر كلام أبي الحسن أن التأويلين على الرسالة لا على المدونة ، وذكر نص أبي الحسن المتقدم ثم قال فأنت ترى تقييد المدونة بالأجنبي موافقا لظاهر كلام محمد ، وإنما النظر في كلام الرسالة ، فإن حمل على ظاهره كان خلافا لهما ، وإن حمل على الولد برضاه كان وفاقا والله أعلم ، ولو اختلفوا في مفهوم الأجنبي في المدونة وهل يعتبر فتكون وفاقا للموازية أو لا يعتبر فتكون خلافا لها لصح التأويلان على المدونة حينئذ لكن لم أره .

( وينفق ) بضم التحتية وفتح الفاء ( على أب ) وأم ( افتقر ) أي صار فقيرا فينفق عليه ( منها ) أي صدقته على ولده فيها والأم والأب إذا احتاجا فلا بأس أن ينفق عليهما مما تصدقا به على ولدهما . ا هـ . ومثلهما الزوجة ولو غنية لوجوب نفقتها على زوجها لزوجيتها .




الخدمات العلمية