الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإن قام إمام لخامسة فمتيقن انتفاء موجبها : يجلس ، وإلا اتبعه ، فإن خالف عمدا ; بطلت فيهما ، لا سهوا فيأتي الجالس بركعة ، ويعيدها المتبع : [ ص: 328 ] وإن قال : قمت لموجب ; صحت لمن لزمه اتباعه ، وتبعه ولمقابله إن سبح : كمتبع تأول وجوبه على المختار لا لمن لزمه [ ص: 329 ] اتباعه في نفس الأمر ، ولم يتبع . ولم يجز مسبوقا علم بخامسيتها ، وهل كذا إن لم يعلم أو تجز إلا أن يجمع مأمومه على نفي الموجب ؟ قولان

التالي السابق


( وإن قام إمام لخامسة ) في رباعية أو رابعة في ثلاثية أو ثالثة في ثنائية وسبح له فلم يرجع ( فمتيقن انتفاء ) أي عدم ( موجبها ) بكسر الجيم أي سبب الركعة الزائدة التي قام الإمام لها ( يجلس ) وجوبا ولا يقوم مع الإمام للركعة الزائدة التي قام لها ، وتصح صلاته إن سبح للإمام ولم يتبين . أن لها موجبا . وإن لم يفهم بالتسبيح أشار له وإن لم يفهم بالإشارة كلمه وإلا بطلت ( وإلا ) أي وإن لم يتيقن المأموم انتفاء موجبها بأن تيقن موجبها أو ظنه أو شك فيه أو توهمه ( اتبعه ) أي المأموم الإمام في القيام وجوبا إن ظهر لها موجب فظاهر . وإن ظهر عدمه سجد الإمام وسجد معه المتبع له .

( فإن خالف ) المأموم ما وجب عليه من جلوس أو قيام ( عمدا ) أو جهلا غير متأول ( بطلت ) صلاته ( فيهما ) أي في الجلوس والاتباع إن لم يتبين أن مخالفته موافقة لما في الواقع ( لا ) تبطل صلاة من خالف ما وجب عليه ( سهوا ) فيهما . وإذا لم تبطل ( فيأتي ) المأموم الذي لم يتيقن انتفاء الموجب الذي وجب عليه الانتفاع ( الجالس ) سهوا ( بركعة ) عقب سلام الإمام قضاء عن الركعة التي قام لها الإمام .

( ويعيدها ) أي الركعة التي قام لها الإمام المأموم الذي تيقن انتفاء موجبها ووجب عليه الجلوس ( المتبع ) سهوا للإمام في الركعة التي قام لها إن قال الإمام قمت لموجب ، ولا تجزيه الركعة التي صلاها مع إمامه سهوا . وقيل تجزيه فلا يعيدها وهما مخرجان على [ ص: 328 ] الخلاف فيمن ظن كمال صلاته فصلى ركعتي نفل ثم تذكر أن عليه ركعتين من صلاته قاله ابن بشير والهواري . ابن عبد السلام وابن هارون والمشهور الإعادة نقله الحط وأنكر ابن عرفة وجود القول بالإعادة الذي اقتصر المصنف عليه ونصه وأجزأت تابعه سهوا فيها .

ونقل ابن بشير يقضي ركعة في قوله أسقطت سجدة لا أعرفه وقوله كالخلاف فيمن صلى نفلا إثر فرض اعتقد تمامه فتبين نقصه ركعتين واضح فرقه . ا هـ . وهو أن المقيس سهو في الفعل بلا تحول نية بل مع اعتقاد أنه من الصلاة أو الذهول عنها بالكلية والمقيس عليه تبدلت فيه النية سهوا أو نوى الفعل من صلاة أخرى لا من تمام الأولى ، ولا مع الذهول بالكلية وصحت صلاة كل منهما .

فقوله ( وإن قال ) الإمام ( قمت ) للركعة الزائدة ( لموجب ) بكسر الجيم أي سبب من ترك ركن سهوا من إحدى الركعات الأصلية وفاتني تداركه بعقد ركوع التي تليها فتغير اعتقادا لمتبع صوابه إسقاط الواو منه وإدخالها على قوله ( صحت ) الصلاة ( لمن ) أي المأموم الذي ( لزمه اتباعه ) أي الإمام في الركعة الزائدة التي قام لها لعدم تيقنه انتفاء موجبها ( وتبعه ) بالفعل وهذا ظاهر لا يحتاج لنص عليه ( و ) صحت ( لمقابله ) أي من لزمه اتباعه وهو من لزمه الجلوس لتيقنه انتفاء الموجب وجلس ( إن سبح ) لتفهيم الإمام قيامه لزائدة فلم يرجع له ولم يقل الإمام قمت لموجب فاستمر الجالس على يقينه زيادتها .

وشبه في الصحة فقال ( ك ) صلاة مأموم ( متبع ) للإمام في الزائدة التي تيقن انتفاء موجبها ( تأول ) بفتحات مثقلا أي ظن ( وجوبه ) أي اتباع الإمام عليه في الزائدة لكونه مأموما له وفي الحديث { إنما جعل الإمام ليؤتم به } فهي صحيحة ( على ) القول ( المختار ) للخمي من الخلاف لعذره بتأويله وجوب الاتباع وإن أخطأ فيه إذا لم يقل الإمام قمت لموجب فأولى إن قاله ( لا ) تصح الصلاة ( لمن ) أي المأموم ( لزمه ) أي [ ص: 329 ] المأموم ( اتباعه في نفس الأمر ) لترك ركن من إحدى الركعات السابقة فات تداركه وانقلاب الركعات ، ولكن جزم المأموم بانتفاء الموجب فجلس كما وجب عليه ظاهر بحسب اعتقاده الزيادة .

( ولم يتبع ) الإمام في الركعة التي قام لها ثم تبين له أنه قام لموجب فبطلت صلاته عملا بما تبين . فقوله فمتيقن انتفاء موجبها يجلس ، أي وتصح صلاته بشرطين أن يسبح وأن لا يتغير يقينه ( ولم تجز ) بضم المثناة وسكون الجيم أي لا تكفي الركعة الزائدة التي صلاها الإمام سهوا مأموما ( مسبوقا ) بركعة مثلا ( علم ) المسبوق ( بخامسيتها ) أي بكونها خامسة وتبع الإمام فيها عن ركعة قضاء لكونه صلاها بنية الزيادة لا القضاء ، وسواء كانت أولى المسبوق أم لا . وصحت صلاته لأن عليه في الواقع ركعة فكأنه قام لها ويقضي ما سبقه به الإمام عقب سلامه إن قال الإمام قمت لموجب ولم يجمع مأموموه على نفيه وإن لم يتأول . فإن لم يقل قمت لموجب أو أجمع المأمومون على نفيه بطلت صلاته ، هذا قول الإمام مالك رضي الله تعالى عنه .

وقال ابن المواز تجزيه الركعة التي صلاها مع الإمام معتقدا زيادتها عن ركعة القضاء لأن الغيب كشفها رابعة وأنه لم يسبق لأن الركعة الأولى التي فاتته قبل دخوله مع الإمام ظهر بطلانها . وانقلاب ركعات الإمام فهذه الركعة رابعة في نفس الأمر دون الظاهر بالنسبة للإمام ورابعة في الظاهر والواقع بالنسبة للمأموم .

( وهل ) لا تجزئ الخامسة المسبوق ( كذا ) أي كعدم إجزائها إن علم خامسيتها ( إن لم يعلم ) المسبوق خامسيتها حال اتباع الإمام فيها مطلقا ، أي سواء أجمع مأموموه على نفي موجبها أم لا بدليل قوله ( أو تجزئ ) إذا قال الإمام قمت لموجب في كل حال .

( إلا أن يجمع مأمومه على نفي الموجب ) فلا تجزئ في الجواب ( قولان ) لم يطلع [ ص: 330 ] المصنف على راجحية أحدهما . واعترض بأن الأول لا وجود له والموجود إجزاؤها غير العالم بخامسيتها مطلقا إن قال الإمام قمت لموجب وإجزاؤها إلا أن يجمع المأمومون على نفي الموجب . فلو قال وأجزأت إن لم يعلم وهل مطلقا أو إلا أن يجمع إلخ الطابق النقل ، فإن لم يقل الإمام قمت لموجب لم تجز الركعة قطعا وصحت الصلاة أفاده الحط وتعقبه الرماصي بأن ابن بشير ذكره .

وحكاه ابن عرفة وابن شاس وابن الحاجب وذلك لأن كل من ذكر ذكر قولين في إجزاء الخامسة للمسبوق وعدم إجزائها إذا قال الإمام قمت لموجب ولم يقيدوهما بالعالم ولا بغيره ، والقول عدم الإجزاء مطلقا هو الأول في كلام المصنف وفيها قول ثالث لابن المواز في العالم وغيره وهو الإجزاء ، إلا أن يجمع المأمومون على نفي الموجب والمصنف جزم بعدم الإجزاء في العالم وذكر في غير العالم الخلاف بعدمه مطلقا والإجزاء إلا أن يجمع مأموموه على نفي الموجب ، ولم يذكر للقول بالإجزاء مطلقا لا في العالم ولا في غيره .




الخدمات العلمية