الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
يرجم المكلف الحر المسلم ، إن صاب [ ص: 260 ] بعدهن بنكاح لازم ، صح بحجارة ، معتدلة ، ولم يعرف [ ص: 261 ] بداءة البينة ، ثم الإمام كلائط مطلقا ، وإن عبدين كافرين .

التالي السابق


وإذا ثبت الزنا بإقرار أو بينة أو ظهور حمل غير ذات زوج وسيد مقر به ف ( يرجم ) بضم التحتية وفتح الجيم الشخص الزاني ( المكلف ) أي الملزم بما فيه كلفة وهو البالغ العاقل فلا يرجم مجنون ولا صبي ولو مراهقا على المشهور ( الحر ) فلا يرجم الرق ولو بشائبة حرية ( المسلم ) فلا يرجم الكافر ولو زنى بمسلمة على المشهور ( إن ) كان ( أصاب ) أي وطئ قبل الزنا ولا يشترط كمال الوطء ، بل يكفي مغيب الحشفة أو [ ص: 260 ] قدرها من مقطوعها ( بعدهن ) أي اتصافه بالتكليف والحرية والإسلام ( ب ) عقد ( نكاح ) لا بملك ( لازم ) لا بنكاح فيه خيار كنكاح عبد بغير إذن سيده وسفيه بغير إذن وليه ومعيب بموجب خيار ( صح ) أي جاز الوطء لا في نحو حيض فلا يحصن لأن المعدوم شرعا كالمعدوم حسا عند ابن القاسم ، وهو المشهور ، وفسر الشارحان فاعل صح النكاح ، وتعقب بأن اللزوم مستلزم للصحة فيلزم التكرار والإخلال بشرط وهو إباحة الوطء .

ابن عرفة فحد المحصن رجمه فالوطء المباح بنكاح صحيح لا خيار فيه من بالع مسلم حر إحصان اتفاقا . في الكافي الفاسد الذي لا يحصن ما يفسخ بعد البناء كشغار ، والذي لا يفسخ بعده وطؤه إحصان . اللخمي عن المغيرة وابن دينار الوطء الفاسد كوطء الحائض والمحرمة والمعتكفة والصائمة كالصحيح ، وفي كونه في نكاح ذي خيار أمضى بعد الوطء إحصانا نقلا اللخمي عن ابن القاسم وأشهب ، وفيها المجنونة تحصن واطئها ولا يحصنها .

وقال بعض الرواة يحصنها . ابن رشد لو كان الزوجان أو أحدهما مجنونا ففي وقوع الإحصان مطلقا أو في حق العاقل فقط ، ثالثها إن كان الزوج عاقلا ثبت الإحصان فيهما وإلا فلا .

وصلة يرجم ( بحجارة معتدلة ) أي متوسطة بين الكبر الفاحش والصغر الدقيق إذ الأول يشوه والثاني يطول . ابن عرفة يرمى بالحجارة التي يرمى بمثلها ، أما الصخر العظام فلا يستطاع الرمي بها اللخمي لا تكون صغارا جدا تؤدي إلى عذابه ولا تجهز ، وقال أبو إسحاق يرجم بأكبر حجر يقدر الرامي على حمله ، فحمله ابن عبد السلام على أنه خلاف المشهور ، وليس كذلك لأن مراده سرعة الإجهاز عليه . ولذا قال اللخمي يخص به المواضع التي هي مقاتل الظهر وغيره من السرة إلى ما فوق ، ويجتنب الوجه وما ليس مقتلا كالساقين .

( ولم يعرف ) بفتح فسكون الإمام مالك " رضي الله عنه " في حديث صحيح ولا سنة معمول [ ص: 261 ] بها ( بداءة ) بضم الموحدة أي بدء ( البينة ) الشاهدة بالزنا بالرجم ( ثم ) تثنية ( الإمام ) الذي حكم به ثم تثليث الناس وحديث أبي داود والنسائي لم يصح عند الإمام مالك " رضي الله عنه " ، قال أقامت الأئمة الحدود ، ولم تعلم أحدا منهم تولاها بنفسه ولا ألزم البينة البداءة بالرجم . ابن عرفة الإمام مالك " رضي الله عنه " في المدونة لا يحفر له ، وفي الموازية ولا للمرأة أشهب إن حفر له فأحب إلي أن تخلى له يداه والأحسن أن لا يحفر له . ابن وهب يفعل من ذلك ما أحب ، واستحب أصبغ الحفر مع إرسال يديه . ابن شعبان بعض أصحابنا لا يحفر للمقر ويحفر للمشهود عليه اللخمي يجرد أعلى الرجل ولا تجرد المرأة . وشبه في الرجم فقال ( ك ) رجل ( لائط ) أي منسوب للواط فاعلا كان أو مفعولا فيه فيرجم ( مطلقا ) عن التقييد بكونه محصنا إن كانا حرين مسلمين ، بل ( و ) إن كانا ( عبدين أو كافرين ) بشرط البلوغ والعقل والطوع فلا يرجم صغير ولا مجنون ولا مكره ولا بالغ مكن صبيا ، ولا يشترط بلوغ المفعول فيه في رجم الفاعل فيها من عمل عمل قوم لوط ، فعلى الفاعل والمفعول به الرجم أحصنا أو لم يحصنا ، ولا صداق في ذلك في طوع ولا إكراه وإن كان المفعول به مكرها أو صبيا طائعا فلا يرجم ويرجم الفاعل ، والشهادة فيه كالشهادة على الزنا .

ابن عرفة واللائطان كالمحصنين وإن لم يحصنا . أبو عمر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما حد اللوطي أن يرمى من أعلى بناء في القرية منكسا ثم يتبع بالحجارة . الباجي عن ابن حبيب كتب أبو بكر " رضي الله عنه " أن يحرق بالنار ففعل ، وفعله ابن الزبير " رضي الله عنه " في زمانه وهشام بن عبد الملك في زمانه والقسري بالعراق ومن أخذ بهذا لم يخط الإمام مالك " رضي الله عنه " الرجم هي العقوبة التي أنزل الله تعالى بقوم لوط ، وإن كانا عبدين فقيل يرجمان ، وقال أشهب يحدان خمسين خمسين ويؤدب الكافران قلت قول أشهب ميل لاعتبار الإحصان .




الخدمات العلمية