الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وسقط الحد إن سقط العضو بسماوي [ ص: 333 ] لا بتوبة ، وعدالة ، وإن طال زمانهما وتداخلت ، وإن اتحد الموجب ، كقذف ; وشرب ، أو تكررت .

التالي السابق


( وسقط ) عن السارق ( الحد ) أي قطعه للسرقة ( إن سقط العضو ) المطلوب قطعه لها سواء كان اليد اليمنى أو غيرها ( ب ) أمر ( سماوي ) أو بجناية أو قصاص بعد السرقة . [ ص: 333 ] ابن عرفة في الموازية قال الإمام مالك وغيره " رضي الله عنه " إن ذهبت اليمنى بعد السرقة بأمر من الله تعالى أو تعمد أجنبي فلا يقطع منه شيء لأن القطع وجب فيها . اللخمي قياس قوله أن الشمال تجزئه أن تقطع شماله . قلت لا يلزم من كونها محلا للقطع أو لا بعد وقوعه كونها كذلك قبله ( لا ) يسقط الحد ( بتوبة ) من السارق عن سرقته ( و ) لا يسقط ب ( عدالة ) أي صيرورة السارق عدلا إن لم يبطل زمانهما ، بل ( وإن طال زمانهما ) أي التوبة والعدالة لأنه حق لله تعالى .

ابن عرفة وفي سرقتها وإذا لم يقم بالسرقة حتى طال الزمن وحسنت حال السارق ثم اعترف أو قامت عليه بها بينة فإنه يقطع وكذا حد الخمر والزنا . ابن الحاجب ولا تسقط الحدود بالتوبة ، ونقضه ابن عبد السلام بحد الحرابة فإنه يسقط بالتوبة ، ويجاب بمنع تقرر حده قبل أخذه واعتبار توبته إنما هو قبل أخذه وهي بعده لغو .

( وتداخلت ) حدود ترتبت على مكلف لحصول أسبابها منه ، أي قام بعضها مقام بعض وكفى عنه ( إن اتحد ) بفتحات مثقلا الأول أي استوى ( الموجب ) بضم الميم وفتح الجيم جنسا وقدرا ( ك ) حد ( قذف و ) حد ( شرب ) لمسكر ، إذ كل منهما ثمانون جلدة ، فإن شرب وقذف وجلد ثمانين لأحدهما كفى للآخر ، وكسرقة نصاب وقطع يمين شخص عمدا ثم قطعت يمينه لأحدهما فيكفي عن الآخر ، مفهوم الشرط عدم التداخل إن اختلفت جنسا كقذف أو شرب مع سرقة أو قدرا كأحدهما مع زنا بكر ( أو تكررت ) الموجبات بكسر الجيم من نوع واحد كتكرر الزنا أو الشرب أو القذف أو السرقة فيكفي حد واحد . ابن عرفة وفيها إن قطعت يد السارق كان ذلك لكل سرقة تقدمت وقصاص وجب في تلك اليد ، وإن ضرب في شرب الخمر أو جلد في الزنا أجزأ لهذا ولكل ما فعله قبل ذلك ، وفي رجمها من قذف وشرب خمرا جلد حدا واحدا ، وإذا اجتمع على الرجل مع [ ص: 334 ] حد الزنا حد قذف أو شرب خمر أقيما عليه ، ويجمع الإمام ذلك عليه إلا أن يخاف موته فيفرق الحدين . اللخمي هذا على أن حد القذف حق لله تعالى ، وعلى أنه حق للآدمي فلا لأن ذلك لا يرفع معرة القذف ، وفي قذفها وكل حد أو قصاص اجتمع مع القتل ، فالقتل يأتي على ذلك كله إلا حد القذف فيقام عليه قبل قتله لحجة المقذوف من العار .

( تنبيهان )

الأول : طفي قوله أو تكررت . تت موجباتها كسرقة مرارا قبل الحد أو شربه كذلك ، ولا شك أنه على هذا داخل فيما قبله إلا أن يقال ذكره للتنصيص على أعيان المسائل وقرره الشارح في كبيره بقوله أي أو لم يتحد الموجب كحد الشرب والزنا أو القذف والزنا ، فجعل الضمير في تكررت للحدود كأنه قال تداخلت في موضع وتكررت في آخر ، ولا شك على هذا أن الموازي ذكر أداة الانتفاء بأن يقال وإلا تكررت كما في نسخته في الأوسط والصغير ، وعليها شرح " ح " لكن يقال على هذا لم صرح بمفهوم الشرط .

الثاني : طفي يرد على المصنف أنها قد تتداخل مع اختلاف الموجب ، كما إذا لزمه قتل وحدود ، فإن القتل يجزئ عن ذلك كله إلا حد القذف ، وتقدم نصها بهذا ، ثم قال والمخلص من ذلك أن يقال كلامه في الحدود غير المجتمعة مع القتل ، ويبقى عليه اجتماعها مع القتل إلا ما يؤخذ من قوله في القصاص واندرج طرف إلخ ، وقوله في الردة لأجر مسلم إلا حد الفرية ، والله أعلم .




الخدمات العلمية