الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فصل )

الجماعة بفرض ، غير جمعة : سنة [ ص: 351 ] ولا تتفاضل ، وإنما يحصل فضلها بركعة

التالي السابق


( فصل ) في بيان حكم فعل الصلاة في جماعة ( الجماعة ) أي الصلاة معها بإمام ومأموم ( بفرض ) أداء أو قضاء نقله البرزلي والحط عن رواية عيسى ونعت فرض ب ( غير جمعة ) وخبر الجماعة ( سنة ) مؤكدة ومفهوم فرض فيه تفصيل : فمنه ما الجماعة شرط في سنيته كالعيدين والكسوف والاستسقاء ، ومنه ما هي فيه مندوبة كالتراويح ، ومنه ما هو فيه خلاف الأولى كشفع ووتر وفجر ، ومنه ما هي فيه مكروهة إن كثرت الجماعة أو اشتهر المكان . ومفهوم غير جمعة أنها ليست [ ص: 351 ] سنة في الجمعة وهو كذلك لأنها واجب شرط في صحتها وشمل الفرض الجنازة على أنها فرض فهي سنة فيها هذا هو المشهور . وجعلها ابن رشد واجبا شرطا في صحتها كالجمعة . فإن صليت بغير جماعة أعيدت ما لم تدفن . وقيل تندب فيها . وظاهر كلام المصنف أنها سنة في البلد ، وفي كل مسجد ، ولكل مصل وهذه طريقة الأكثر ويقاتل تاركوها لتفريطهم في السنة والشعيرة .

وقال ابن رشد وابن بشير فرض كفاية في البلد يقاتل أهله إن تركوه وسنة في كل مسجد ومندوبة للرجل في خاصة نفسه الأبي هذا أقرب للحق . ( ولا تتفاضل ) أي لا يتفاوت فضلها تفاوتا تطلب الإعادة لأجله أو في كمية الأجزاء والدرجات وإلا فلا نزاع في أن الصلاة مع الجمع الكثير المشتمل على العلماء والصلحاء وأهل الخير أفضل منها مع غيرهم ، لكن لم يزد طلب الإعادة لإدراك الأفضل بعد فعلها مع من هو دونه . ( وإنما يحصل فضلها ) أي الجماعة الوارد به الحديث وهو { صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمس وعشرين جزءا } وفي رواية { صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة } وجمع بينهما أن الجزء أعظم من الدرجة فمجموع الخمسة والعشرين جزءا مساو لمجموع السبع والعشرين درجة ، وبأن الله تعالى أوحى إليه أولا الخمسة والعشرين فأخبره بها ثم تفضل الله تعالى بزيادة اثنين على الخمسة والعشرين فأخبر بهما مع الخمسة والعشرين ، وهذا يتوقف على تقدم رواية الخمس والعشرين على رواية السبعة والعشرين ، وصلة يحصل ( بركعة ) كاملة يدركها مع الإمام بأن ينحني بحيث تقرب راحتاه من ركبتيه بتقدير موضعهما على فخذيه قبل تمام رفع الإمام من الركوع واعتداله مطمئنا ، وإن لم يطمئن إلا بعده فمدرك ما دونها لا يحصل له فضلها الذي ورد به الخبر وإن كان مأمورا بالدخل مع الإمام ومأجورا بلا نزاع إذا لم يكن . معيدا لتحصيل فرض الجماعة . وإلا فلا يؤمر بالدخول معه في أقل من ركعة وإن دخل معه فلا يؤجر . [ ص: 352 ] وقد تبع في هذا ابن الحاجب ونقل ابن عرفة عن ابن يونس وابن رشد أن فضلها يحصل ويدرك بجزء قبل سلام الإمام ، وأن حكمها لا يثبت إلا بركعة دون أقل منها ، وحكمها أن لا يقتدى به ولا يعيد في جماعة وترتب سجود سهو إمامه عليه وتسليمه عليه ومن على يساره وصحة استخلافه .

ولا بد من إدراك سجدتيها قبل سلام الإمام فإن زوحم أو نعس عنهما حتى سلم الإمام ثم فعلهما بعد سلامه فهل يكون كمن سجدهما معه أو لا قولان : الأول لأشهب ، والثاني لابن القاسم ، كذا في البناني . وعكس العدوي النسبة إلى الشيخين ومن أحرم خلف الإمام بعد عقده الركعة الأخيرة لظنها غيرها فتبينت الأخيرة بسلام الإمام عقبها ولم يكن صلاها فذا ، فالواجب عليه تكميلها بنية الفرض ، ولا يجوز له قطعها ولا شفعها ثم يعيدها لفضل الجماعة إن لم تكن مغربا ولا عشاء بعد وتر هذا هو المنصوص في العتبية وغيرها . وإنما يخير بين ، القطع والشفع من دخل مع الإمام في معادة لفضل الجماعة صلاها فذا بعد عقده الأخيرة بظنها غيرها فظهرت الأخيرة بالسلام عقبها ، وربما التبست المسألتان على من لم يعرف فأجرى التخيير في الأولى أيضا خطأ نقله البناني عن المعيار




الخدمات العلمية