الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 644 ] وإن زادت الفروض : أعيلت ، فالعائل : الستة لسبعة ، [ ص: 645 ] ولثمانية ، ولتسعة ، ولعشرة ، والاثنا عشر لثلاثة عشر وخمسة عشر [ ص: 646 ] وسبعة عشر ، والأربعة والعشرون : لسبعة وعشرين : زوجة ، وأبوان ; وابنتان ، [ ص: 647 ] وهي المنبرية : لقول علي : صار ثمنها تسعا ،

التالي السابق


( وإن زادت الفروض ) الواجبة للورثة في المسألة على سهام المسألة ( أعيلت ) بضم الهمز ، أي زيدت سهام المسألة حتى تساوي سهام الفروض ، وإن نقص مقدار كل سهم منها فهو زيادة في عددها ، ونقص من مقاديرها كلها كمحاصة أرباب الديون التي لا يفي بها مال المفلس فيما بيده ، ولم يقع العول في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا في زمن أبي بكر رضي الله تعالى عنه ، وأول من وقع في زمنه عمر رضي الله تعالى عنه ، فقال لا أدري من قدمه الكتاب فأقدمه ولا من أخره فأؤخره ، ولكن رأيت رأيا ، فإن يكن صوابا فمن الله تعالى ، وإن يكن خطأ فمن عمر وهو إدخال الضرر على جميعهم ولم يخالفه أحد من الصحابة إلا ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ، فقال لو نظر عمر إلى من قدمه الله فقدمه ، وإلى من أخره فأخره ما عالت فريضة ، وفسر ذلك بأن ينظر إلى أسوأ الورثة حالا ، وهم الذين يرثون بالفرض تارة والتعصيب أخرى ، وهن البنات وبنات الابن والأخوات الشقيقات أو لأب .

أما المتوغلون في الفريضة فيقدمون ; لأن ذوي الفروض المجتمعين مع العصبة يقدمون عليه ، فليكن من له مدخل في التعصيب مؤخرا عند ضيق المال عمن لا يرث إلا بالفرض ، وأورد ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أم وزوج وأخوان لأم ، وسموها الناقضة بإعجام الضاد ، لنقضها أحد أصوله ; لأنه قال لا عول ، وعلى تقديره فإنما يدخل على البنات والأخوات الشقيقات أو لأب ، ولا تحجب الأم إلا بثلاثة إخوة إلا أن يقال بتنقيص الأم ; لأن فيها خلافا هل تنقص باثنين أو ثلاثة ، واتفق على أن لأخوي الأم الثلث والزوج النصف وهو أحسن ما يرتكب ; لأن توريث الأم الثلث مع الأخوين مظنون والزوج النصف والأخوان الثلث مقطوع بهما والصواب ما قاله الجماعة . ابن العربي لم يقل أحد بقول ابن عباس من الصحابة ولا من غيرهم رضي الله عنهم .

( والعائل ) من الأصول السبعة ثلاثة ( الستة ) تعول بواحد ( لسبعة ) إذا كان فيها [ ص: 645 ] سدس ونصفان كزوج وشقيقة أو لأب وأم أو جدة أو أخ لأم أو سدس وثلث وثلثان كأم أو جدة وولديها وشقيقتان أو لأب أو سدسان وثلث ونصف كجدة ، أو أم وولديها وشقيقة وأخت لأب أو نصف وثلثان كزوج وشقيقتين أو لأب ( و ) تعول الستة باثنين إلى ( ثمانية ) إذا كان فيها سدسان ونصفان كجدة أو أم وولدها وزوج وشقيقة أو لأب أو سدس ونصف وثلثان كأم أو جدة وزوج وشقيقتين ، أو لأب أو ثلث ونصفان كزوج وشقيقة ، أو لأب وأخوي أم وتسمى المباهلة لقول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما من باهلني باهلته .

( و ) تعول بثلاثة إلى ( تسعة ) إذا كان فيها ثلاثة أسداس ونصفان كجدة أو أم وولدها وشقيقة ولأب وزوج أو سدسان ونصف وثلثان كأم وولدها وزوج وشقيقتين أو لأب ولقبت الأولى بالغراء وبالمروانية ، أو ثلث وسدس ونصفان كأم أو جدة وولديها وزوج وشقيقة أو لأب أو ثلث ونصف وثلثان كزوج وشقيقتين أو لأب وولدي أم .

( و ) تعول الستة بأربعة إلى ( عشرة ) إذا كان فيها سدس ونصف وثلث وثلثان كأم أو جدة وزوج وولدي أم وشقيقتين أو لأب وسميت أم الفروخ بالخاء المعجمة والسريجية أو سدسان وثلث ونصفان كأم أو جدة وولدي أم وزوج وشقيقة ولأب ( و ) تعول ( الاثنا عشر ) بواحد ( لثلاثة عشر ) إذا كان فيها سدس وربع وثلثان كأب وزوج وبنتين أو سدسان وربع ونصف كأبوين أو جد وجدة وزوج وبنت أو ثلث وربع ونصف كأم وزوجة وشقيقة أو لأب .

( و ) تعول الاثنا عشر بثلاثة إلى ( خمسة عشر ) إذا كان فيها ربع وثلث وثلثان كزوجة وأخوي أم وشقيقتين أو لأب ، وكأربع زوجات وولدي أم وشقيقتين ، أو لأب أصلها اثنا عشر ، وتعول لخمسة عشر وتصح من ستين لانكسار ثلاثة الزوجات عليهن ، [ ص: 646 ] ومباينتها لهن فتضرب أربعة في خمسة عشر بستين فللزوجات ثلاثة في أربعة باثني عشر ، ولولدي الأم أربعة في أربعة بستة عشر وللشقيقتين ثمانية في أربعة باثنين وثلاثين وصورتها هكذا :

أو ثلاثة أسداس وربع ونصف كأبوين أو جد وجدة وبنت ابن وزوج وبنت أو سدس وربع وثلث ونصف كأم أو جدة وزوجة وولدي أم وشقيقة أو لأب .

( و ) تعول الاثنا عشر بخمسة إلى ( سبعة عشر ) إذا كان فيها سدس وربع وثلث وثلثان كأم أو جدة وزوجة وولدي أم وشقيقتين أو لأب ، وكثلاث زوجات وجدتين وأربع أخوات لأم وثماني شقيقات أو لأب لقبت بأم الأرامل وأم الفروج بجيم والدينارية الصغرى ; لأن التركة كانت فيها سبعة عشر دينارا ، فخص كل واحدة دينار والمنبرية والسبعة عشرية أصلها اثنا عشر ، وتعول إلى سبعة عشر ، وتصح منها ، وصورتها هكذا :

( والأربعة والعشرون ) تعول بثلاثة ( لسبعة وعشرين ) إذا كان فيها الثمن وسدسان وثلثان كزوجة وأبوين أو جد وجدة وبنتين أو بنتي ابن ومن صورها ( زوجة وأبوان وابنتان ) أصلها أربعة وعشرون لتوافق مقامي الثمن والسدس بالنصف فيضرب نصف أحدهما في الآخر ، ولتباين مقامي الثمن والثلثين فيضرب أحدهما في الآخر . والحاصل كل أربعة وعشرين للبنتين ستة عشر وللأبوين ثمانية فهذه أربعة وعشرون ، فيزاد عليها ثلاثة للزوجة فتبلغ سبعة وعشرين وصورتها هكذا : [ ص: 647 ] وهي المنبرية ) بكسر الميم أي المنسوبة للمنبر ( لقول ) الإمام ( علي ) رضي الله تعالى عنه ، وكرم وجهه ، لما سئل عنها وهو يخطب على المنبر بخطبة عينية قال فيها الحمد لله الذي يحكم بالحق قطعا ، ويجزي كل نفس بما تسعى وإليه المآل والرجعى ، فسئل فقال ( صار ثمنها تسعا ) بضم الفوقية أي صارت الثلاثة التي كانت ثمنا للأربعة والعشرين قبل العول تسعا للسبعة والعشرين التي بلغتها بالعول . قال الشعبي ما رأيت أحسب من علي رضي الله تعالى عنه ، وسميت أيضا بخلية لقلة عولها ، ومن صورها ثمن وثلاثة أسداس ونصف كزوجة وأبوين أو جد وجدة وبنت ابن وبنت أصلها أربعة وعشرون ، وعالت لسبعة وعشرين للزوجة ثلاثة ، ولكل من الأبوين أو الجد والجدة أربعة وللبنت اثنا عشر ، ولبنت الابن أربعة وصورتها هكذا : ( فوائد ) :

الأولى : علم من كلام المصنف أن الأربعة الباقية من الأصول السبعة وهي الاثنان والثلاثة والأربعة والثمانية لا تعول . وكذا الثمانية عشر والستة والثلاثون عند من زادهما .



الثانية : ( في بيان مقدار ما تعول به المسألة وما ينقص من نصيب كل وارث ) . فالأول يعرف بنسبة ما عالت به المسألة إليها بلا عول ، فالستة إذا عالت لتسعة فعولها سدسها ولثمانية ثلثها ولتسعة نصفها ولعشرة ثلثاها والاثنا عشر إن عالت لثلاثة عشر فهو نصف سدسها و لخمسة عشر فربعها و لسبعة عشر ربع وسدس ، وإن شئت قلت سدسان ونصف سدس أو ثلث وربع ثلث أو ربع وثلثا ربع ، ويعرف الثاني بنسبة العول للمسألة عائلة ، فإن عالت الستة لسبعة فالنقص سبع ، ولثمانية ربع ولتسعة ثلث ولعشرة خمسان أو أربعة أعشار ، وإن عالت الاثنا عشر لثلاثة عشر فجزء من ثلاثة عشر و لخمسة عشر فخمس [ ص: 648 ] و لسبعة عشر فخمسة أجزاء من سبعة عشر جزءا ، والأربعة والعشرون إن عالت لسبعة وعشرين فهو تسع ونظما في قوله :

وعلمك قدر النقص من كل وارث بنسبة عول للفريضة عائله ومقدار ما عالت بنسبته لها
بلا عولها فارحم إلهي قائله



( الثالثة : في بعض مناقب الإمام علي رضي الله تعالى عنه تبركا به ) . كان رضي الله تعالى عنه غزير العلم سريع الفهم يفهم بديهة ما لا يفهمه المتبحر في العلوم المشتغل بدرسها ، وتفهمها طول عمره ببركة { دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له حين أراد بعثه قاضيا إلى اليمن وهو شاب ، فقال يا رسول الله ما أدري ما القضاء فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره بيده ، وقال اللهم اهد قلبه وسدد لسانه ، قال علي فوالله ما شككت بعده في قضاء بين اثنين } ، وقال صلى الله عليه وسلم { أنا مدينة العلم وعلي بابها } . وقال صلى الله عليه وسلم { علي أكثر أصحابي علما وأكثرهم حلما } . وقال عمرو وابن مسعود رضي الله تعالى عنهما أقضانا علي رضي الله تعالى عنه ، وقال عمر رضي الله تعالى عنه أعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن . وقال علي لعمر رضي الله تعالى عنهما في مجنونة أمر عمر رضي الله عنه برجمها إن الله تعالى رفع القلم عنها ، وفي التي ولدت لستة أشهر فأراد عمر رضي الله عنه برجمها ، فقال له علي إن الله تعالى قال في كتابه { وحمله وفصاله ثلاثون شهرا } ، فقال عمر رضي الله عنه في المسألتين لولا علي لهلك عمر ، وقالت عائشة رضي الله عنها : علي أعلم الناس بالسنة ، وقال ابن عباس رضي الله عنه ، والله لقد أعطي علي تسعة أعشار العلم ، وايم الله لقد شاركهم في العشر العاشر . وقال علي رضي الله تعالى عنه سلوني عن كتاب الله تعالى ، فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار أفي سهل أو في جبل . وقال معاوية رضي الله عنه حين بلغه قتل علي رضي الله عنه والله لقد ذهب العلم والفقه . وقال ابن المسيب ما كان أحد من الناس يقول سلوني غير علي رضي الله عنه وقيل لعطاء أكان أحد في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم من علي كرم الله تعالى وجهه ، قال والله [ ص: 649 ] لا أعلمه . وقال علي رضي الله عنه إن ها هنا ، وأشار إلى صدره ، علما جما لو وجدت له حملة ، بل لم أجد له طالبا غير مأفون . يستعمل الدين في طلب الدنيا وبالجملة ، فمناقبه في غزارة علمه كبيرة لو تتبعناها خرجنا عن المقصود ، وإن ما ذكرناه جملة منها تبركا به رزقنا الله تعالى محبته وبركته قاله طفي ، وإذا استخرج الحاسب أصل المسألة قسمه على الورثة ، فإن انقسم عليهم بلا انكسار تم عمله ، وإن حصل فيه انكسار فإما على فريق واحد من الورثة وإما على فريقين وإما على ثلاثة ، فينظر أولا بين الفريق المنكسر عليه سهامه وبينها بأحد أمرين الموافقة والمباينة .




الخدمات العلمية