الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      وإن على الياء قلبت ألفا فارسمه ياء وسطا أو طرفا


      نحو هديهم وهويه وفتى     هدى عمى يا أسفا يا حسرتا


      ثم رمى استسقيه أعطى واهتدى     طغى من استعلى وولى واعتدى

      الألفات التي رسمت في المصاحف ياء تنقسم إلى أربعة أقسام : منقلبة عن ياء ومشبهة بها وهي ألف التأنيث، ومجهولة الأصل، ومنقلبة عن واو، وقد ذكر الأقسام الثلاثة الأول في هذا الباب، وترجم للقسم الرابع بقوله الآتي.


      القول فيما رسموا بالياء     وأصله الواو لدى ابتلاء

      وأشار في البيت الأول من هذه الأبيات الثلاثة إلى حكم القسم الأول منها، فأمرك أيها المخاطب مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأنك إذا قلبت ألفا عن ياء؛ أي: إذا صرفت كلمة فيها ألف، فانقلبت الألف في تصريفها عن الياء، فإنك ترسم الألف ياء تنبيها على أصله، وعلى جواز إمالته، وسواء كان الألف في وسط الكلمة أم في طرفها، وقدم هذا القسم لكثرته حتى أعطى فيه هذا الضابط، وسيستثني منه ما خرج عنه، ثم مثل لهذا القسم في البيت الثاني والثالث بخمسة عشر مثالا، سبعة من الأسماء وهي: التي في البيت الثاني، وثمانية من الأفعال، وهي التي في البيت الثالث.

      فالأسماء السبعة: "هديهم" و: "هويه"، و: فتى ، و: هدى ، و: "عمى"، و: يا أسفى و: يا حسرتا ، إلا أن الألف في الأولين متوسطة لاتصالها بضمير متصل، وفي الباقي متطرفة.

      وفي الخمسة الأولى منقلبة عن ياء هي لام الكلمة كما يظهر ذلك بالتثنية وغيرها من التصاريف، وفي الأخيرين منقلبة عن ياء المتكلم؛ إذ أصلهما: "يا أسفي"، و: "يا حسرتي". بكسر ما قبل الياء ثم خففا بالفتح، فانقلبت الياء ألفا كما هي إحدى اللغات في المنادى المضاف إلى [ ص: 199 ] ياء المتكلم، ومثلهما: يا ويلتى ، والأفعال الثمانية هي: رمى ، و: "استسقيه"، و: أعطى0 ، و:0 اهتدى ، و: طغى و: استعلى ، و:0 ولى ، و: اعتدى ، وألفاتها كلها منقلبة عن ياء كما يظهر ذلك بإسنادها إلى تاء الضمير.

      "واعلم" أن هذا الحكم الذي ذكره الناظم في هذا القسم، وهو رسم الألف ياء خاص بالألف الواقع في محل اللام، ولا يجري في الألف الواقع في محل العين كباع، وجاء كما يستفاد ذلك من أمثلة الناظم.

      "تنبيه": أصل ألف: أعطى0 ، و: استعلى ، و: اعتدى ، واو; لأنها من: "عطا يعطو، وعلا يعلو، وعدا يعدو"، وإنما انقلبت إلى الياء; لأن الثلاثي إذا زاد على ثلاثة أحرف: "اسما كان أو فعلا" ترد ألفه التي أصلها واو إلى ياء، وتصير الياء أصلا ثانيا فيه، ولهذا تقول في مضارع الأفعال المذكورة: "يعطي" و: "يستعلي" و: "يعتدي"، وبهذا عدها الناظم من ذوات الياء التي ترسم بالياء، وكذلك يقال فيما أشبهها، "كيدعى، ويتلى، ويشقى، ويرضى" بالياء والتاء في الأربعة: و: "كزكيها"، و: "نجيكم"، و: "نجينا"، و: "أسنى"، و: "أشقى"، و: "أنجى"، و: "أعلى".

      التالي السابق


      الخدمات العلمية