الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      فصل لكيلا جاء من ذا الباب في الحج والحديد والأحزاب


      ثان وعن خلف بآل عمران     وباتفاق ويكأن الحرفان

      هذا هو الفصل الثالث من فصول هذا الباب، وقد ذكر فيه نوعين من الموصول وهما: "لكيلا" و: "ويكأن"، وقدم الكلام على: "لكيلا"، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن "لكيلا"، جاء من هذا الباب الذي هو باب الوصل بمعنى أن كلمة: "كي" رسمت متصلة ب: "لا" في أربعة مواضع : ثلاثة باتفاق المصاحف، والرابع بخلف عنها.

      أما الثلاثة المتفق على وصلها فهي: لكيلا يعلم من بعد علم شيئا في "الحج"، و: "لكيلا تأسوا على ما فاتكم " في "الحديد"، و: لكيلا يكون عليك حرج ، في "الأحزاب"، وهو الثاني فيها، واحترز بالثاني عن الأول فيها وهو: لكي لا يكون على المؤمنين حرج .

      وأما الموضع المختلف فيه فهو: لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ، في "آل عمران"، وظاهر كلام الناظم أن شيوخ النقل كلهم ذكروا فيه الخلاف مع أن [ ص: 231 ] الشاطبي لم يحك في: "العقيلة"، خلافا في وصله، والعمل عندنا في هذا الموضوع على الوصل، وفهم من تعيين الناظم هذه المواضع الأربعة للوصل أن ما عداها مقطوع باتفاق، وهو ثلاثة مواضع: لكي لا يكون على المؤمنين حرج ، وهو الأول في "الأحزاب" المحترز عنه فيما تقدم: و: لكي لا يعلم بعد علم شيئا في "النحل": و: " كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم " في "الحشر"، ثم أخبر في الشطر الأخير من البيت الثاني مع الإطلاق أيضا باتفاق المصاحف على وصل كلمتي: "ويكأن"، وهما في القصص: ويكأن الله يبسط ، ويكأنه لا يفلح الكافرون ، ووي: اسم فعل عند الخليل وسيبويه "كصه"، ومعناه أعجب، والكاف التي بعد الياء هي كاف التشبيه في الأصل دخلت على "أن" إلا أنها جردت هنا من التشبيه، وصار مجموع كأن للتحقيق، ومراد الناظم بالوصل في "ويكأن" وصل الياء بالكاف; لأنه هو الذي يحتاج للتنبيه عليه؛ لعدم مجيئه على الأصل الذي هو القطع.

      وأما وصل الكاف "بأن"، فإنه لا يحتاج إلى التنبيه عليه لمجيئه على الأصل في الحرف الإفرادي، وقوله: ثان خبر مبتدأ محذوف، أي: ، وهو ثان، والباء في قوله ب: "آل عمران" بمعنى "في"، وقوله: الحرفان معناه الكلمتان.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية