الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      هذا إذا أبقيت عند الياء والواو غنة لدى الأداء


      كانا كباقي الأحرف المعراة     من غير فرق ولدا النحاة


      الفرق بين مدغم ومخفى     هذا مشدد وهذا خفا

      [ ص: 252 ] يعني أن محل تعرية الياء والواو من علامة التشديد، إذا أبقيت غنة التنوين عند اجتماعه معهما في الأداء أي: التلاوة بأن كنت تقرأ بقراءة من يبقي الغنة عندهما، وهم غالب القراء فيكونان حينئذ عاريين من علامة التشديد، كباقي الحروف التي لا تشد وهي حروف الإظهار والقلب والإخفاء المتقدمة، من غير فرق بين الجميع، وأما إذا لم تبق غنة التنوين عند الياء والواو كما هو رواية "خلف" عن "حمزة"، فإنك تضع علامة التشديد فوقهما إشارة إلى أن الإدغام تام؛ أي: لم تبق معه ذات المدغم -وهو هنا التنوين- ولا صفته- وهي هنا الغنة- وإنما لم توضع علامة التشديد مع إبقاء الغنة; لأن الإدغام ناقص؛ أي: أدغمت معه الذات، وأبقيت الصفة -وهي هنا الغنة- فلو وضعت معه علامة التشديد لالتبس بالإدغام التام، وقد تبرع الناظم باشتراط إبقاء الغنة إذ كلامه في ضبط قراءة " نافع "، ولم يرو عنه الإدغام التام في الياء والواو، وما تقدم من وضع علامة التشديد في الإدغام التام، وعدم وضعها في الإدغام الناقص هو مذهب أهل الضبط، واقتصر عليه " الداني " في المحكم، وبه جرى العمل، وخالفهم النحاة في ذلك كما أشار إليه الناظم بقوله: "ولدا النحاة" إلخ، يعني أن النحاة يفرقون بين المدغم والمخفي فيضعون علامة التشديد على المدغم فيه; لأنه مشدد في اللفظ، ولا يضعونها على المخفي عنده; لأنه مخفف في اللفظ، ولا يفرقون بين الإدغام التام والإدغام الناقص بل يضعون علامة التشديد في كليهما، ويلزمهم التباس الناقص بالتام.

      فإن قلت: يرد على أهل الضبط أن الياء والواو إذا لم يشددا مع إبقاء غنة التنوين يتوهم أن الحكم عندهما الإخفاء، "فالجواب" أن هذا التوهم يدفعه شهرة عدد حروف الإخفاء؛ إذ لم يعد فيها أحد الياء والواو، وهذا الوجه الثاني الذي نسبه الناظم للنحاة ذكره " الداني " في "المقنع" مع الوجه الأول، وكذا " أبو داود "، إلا أنهما لم يخصا الوجه الثاني بالنحاة كما فعل الناظم، واسم الإشارة من قوله: "هذا إذا أبقيت" يعود على الحكم السابق وهو تعرية غير هجاء "لم نر"، ولا يصح عود اسم الإشارة من قوله: "هذا مشدد وهذا خفا" على مدغم [ ص: 253 ] ومخفي، وإنما يعود على ما دل عليه مدغم ومخفي؛ وهو المدغم فيه والمخفي عنده، وقوله: "خفا" فعل ماض مفتوح الأول ولا يصح ضمه; لأنه لازم، ولا يبنى للنائب إلا المتعدي، وألفه للإطلاق،

      التالي السابق


      الخدمات العلمية