الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      وإن تكن ساقطة في الخط ألحقتها حمرا لجعل المط


      وإن تشأ إلحاقها تركتا     ومطة موضعها جعلتا

      لما تكلم على حكم حروف المد الثابتة في الخط، وما ألحق بهما من حرفي اللين أشار هنا إلى حكم حروف المد الواقع بعدها همز أو سكون إذا كانت ساقطة؛ أي: محذوفة في خط المصحف، فذكر فيها وجهين: الأول أن تلحقها بالحمراء لأجل أن يجعل عليها المط؛ إذ الأصل فيه أن يجعل فوق حروف المد، فإذا لم توجد في الخط ألحقت محافظة على هذا الأصل، وسواء كان سبب المد همزا متصلا نحو: شفعاء0 ، و: "النبيئين" و: ليسوءوا ، أو همزا منفصلا نحو: "السوأى أن"، و: "فاءوا إلى" و: لا يستحيي أن يضرب ، وبه ي. إن كنتم ، و: تأويله و: إلا الله ، و: لئن أخرتن إلى وكذلك: "الداعي إذا"، و: عليكم و: أنفسكم ، عند ورش و: "إن ترني أنا" عند قالون، أو كان السبب سكونا نحو: والصافات ، و: أتحاجوني ، و: تشاقون ، و:محياي عند من حذف ألفه، وإلى هذا الوجه أشار بالبيت الأول، وقوله: "حمرا" تصريح بما علم التزاما من قوله: "ألحقتها"، وذلك لأن التعبير بالإلحاق يستلزم في عرف أهل الضبط أن يكون الملحق بالحمرة فإذا صرح بها مع الإلحاق كان من باب التصريح باللازم للإيضاح، وهذا بخلاف التعبير بالرسم، فإنه لا يستلزم الحمرة؛ إذ أكثر ما يطلق على ما يكتب بالكحلاء مما هو ثابت في المصاحف.

      الوجه الثاني: أن لا تلحق حروف المد المحذوفة بل تستغني بجعل المط في موضعها، فيدل المط [ ص: 267 ] على الحرف، وعلى كونه ممدودا، وإلى هذا الوجه أشار بالبيت الثاني، وقد نص على هذين الوجهين الشيخان وغيرهما، وصرح أبو داود باختيار الوجه الأول، وبه صدر الداني؛ ولذا قدمه الناظم، وبه جرى عملنا.

      "تنبيه": لا يدخل فيما ذكره الناظم في البيت الأول حروف المد التي في أوائل السور، وإن كانت ساقطة في الخط للإجماع على أنها لا تلحق، وأما نزول المط على الحروف التي قبلها المرسومة في فواتح السور نحو: الم ق ، ن ، فلم يرد فيه نص عن المتقدمين، ولذا لم يتعرض له الناظم، وقد اختلف فيه المتأخرون؛ فمنهم من قال بنزوله، ومنهم من قال بعدمه، والعمل عندنا على نزوله، ويجعل فوقها على ما جرى به العمل، وقال بعضهم: يجعل أمامها على محل حرف المد لو كتب هكذا: "يس. ق. " وقال في: الم يجعل المط بين الألف واللام; لأن ذلك هو موضع إلحاق الألف لو كتب؛ إذ الصحيح أن الألف المحذوف المعانق للام يلحق من اليمين كما سيأتي، وقوله: "وإن تشأ" شرط، ومفعوله محذوف تقديره غير إلحاق الحروف، و: "تركنا" جواب الشرط و: "إلحاقها" مفعول مقدم ل: "تركتا" و: "مطة" مفعول أول ل: "جعلتا"، وموضعها ظرف في محل المفعول الثاني له، وهذه الجملة معطوفة على جملة جواب الشرط، والألف في "تركتا" و: "جعلتا" ألف الإطلاق،

      التالي السابق


      الخدمات العلمية