الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      وشدد الثاني من بأييكم وعر أولا لما قد يدغم

      أشار هنا إلى النوع الثالث من أنواع زيادة الياء، وهو الذي لا تجعل فيه الدارة، وذلك ما زيدت فيه قبل ياء مشددة وإليه أشار "بأييكم"، وقد كتب هذا اللفظ في جميع المصاحف بياءين، لكن كتبه بهما عند المحققين ليس على الزيادة، وإنما هو لما قدمناه في الرسم، وهو الدلالة على أن الحرف المدغم الذي يرتفع اللسان به، وبما أدغم فيه ارتفاعة واحدة حرفان في الأصل والوزن، فلذلك أشار الناظم هنا إلى أن ضبط: بأييكم ، جار على ما تقرر في باب الإدغام، وهو أن تشدد الثاني من الياءين، وتعري الأول منهما من علامة السكون لأجل الإدغام، وتكون الهمزة صفراء على الألف معها حركتها، وبهذا الضبط جرى عملنا في: بأييكم ، وجوز فيه الداني وغيره غير ما قدمناه.

      "تنبيه": مما يناسب ذكره في هذا الباب حكم الياء المتطرفة: هل هي معرقة إلى قدام -وهو المعبر عنه بالوقص- أو مردودة إلى خلف- وهو المعبر عنه بالعقص؟ ولا نص للداني في ذلك، وأما أبو داود فقال في قوله تعالى: فاذكروني أذكركم ، إن ياءه في بعض المصاحف وقص وفي بعضها عقص، واستحب هو لمن قرأها بالفتح الوقص، ولمن قرأها بالإسكان العقص.

      "والحاصل" أن الياء ثمانية أقسام: مفتوحة نحو: هداي ، ومضمومة نحو: والله ولي المؤمنين ، ومكسورة نحو: فبأي ، وساكنة حية نحو: ذواتي أكل ، وساكنة ميتة نحو: الذي ، ومنقلبة نحو: الهدى ، وصورة للهمزة نحو: "امرئي"، وزائدة نحو: "من نبإي"، والمأخوذ من كلام الشيوخ الذين تكلموا على هذه المسألة أن المفتوحة والمنقلبة يترجح فيهما الوقص، والمضمومة يجوز فيها الوقص والعقص على حد السواء، والمكسورة والساكنة الحية، والساكنة الميتة يترجح في كل منها العقص، والمصورة والزائدة يتعين فيهما العقص، والعمل عندنا على الوقص في المنقلبة، وفي المتحركة كيفما كانت حركتها، وعلى العقص في [ ص: 328 ] الساكنة بقسميها، وفي صورة الهمزة وفي الزائدة.

      "واعلم" أن الياء المتطرفة يجوز أن تنقط نقط الإعجام وأن لا تنقط، ومثلها النون والفاء والقاف المتطرفات، وهي المجتمعة في "ينفق"، وعلى عدم نقط الأربعة اقتصر الداني في المحكم، ووجهه أن حروف "ينفق" إذا تطرفت لا تلتبس صورتها بصورة غيرها، وأما إذا لم تتطرف فإنها تنقط كلها، ولا فرق عند القراء في نقط الياء غير المتطرفة بين أن تكون مهموزة همزا محققا نحو: قال قائل ، و: والقائلين لإخوانهم ، أو مسهلا نحو: "أإنا لتاركوا آلهتنا"، عند من سهله، أو غير مهموزة، وقال النحاة: لا تنقط المهموزة في نحو "قائل" و: "بائع"، ودخل في الياء غير المهموزة الياء الممالة نحو: "محياي"، عند من أماله، والياء المبدلة من الهمزة نحو: ليلا لورش، والياء الزائدة كما في: "بأييد"، فتنقط كلها إذا كانت في غير الطرف على الراجح المعمول به عندنا، وقوله: "لما قد يدغم" متعلق ب: "عر" على أنه علة له، و: "ما" مصدرية و: "قد" للتحقيق، والتقدير: وعر أولا لتحقيق الإدغام، ويدغم بتشديد الدال،

      التالي السابق


      الخدمات العلمية