الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      ............ وفي العظام عنهما في المؤمنين


      وغير أول بتنزيل أتين     كلا والأعناب بغير الأولين


      لكن عظامه له بالألف     وكل ذلك بحذف المنصف

      ذكر هنا حكم الألف التي في لفظي "العظام"، و: "الأعناب"، حيث وقعا في القرآن، فأخبر عن الشيخين بحذف الألف التي في "العظام" الواقع في سورة "المؤمنين" بأربعة مواضع، وهي: فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما قالوا أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما ، وقد قرأ ابن عامر وشعبة الأولين بفتح العين وسكون الظاء من غير ألف على الأفراد، وعبارة الناظم تشمل الموضعين الأخيرين لأبي عمرو مع أنه ليس له فيها كلام، بل صريحه تخصيص الموضعين الأولين بالحذف، ولذا أصلح بيت الناظم بإصلاحات أحسنها: "والداني أولي عظام المؤمنين"، ثم أخبر بأن أبا داود ذكر في "التنزيل" حذف كلمات "العظام" غير اللفظ الأول منها، وهو قوله تعالى في سورة البقرة: وانظر إلى العظام كيف ننشزها ، وإن أبا داود ذكر في "التنزيل" أيضا حذف ألفاظ "الأعناب" كلها إلا اللفظين الأولين وهما: أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب بالبقرة، ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب بالأنعام، ثم استدرك الناظم على قوله: "وغير أول بتنزيل أتين" فقال: "لكن عظامه له بالألف" أي: لكن لفظ "عظامه" الواقع في قوله تعالى: أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه بسورة القيامة بإثبات الألف لأبي داود في "التنزيل"، ثم أخبر أن كل ذلك، أي: جميع ألفاظ العظام، والأعناب، الواردة في القرآن حذفها [ ص: 72 ] صاحب المنصف لا فرق عنده بين الأول من لفظ "العظام"، وغيره ولا بين الأولين من لفظ "الأعناب"، وغيرهما فالأول من لفظ "العظام" تقدم، وأما غير الواقع بغير سورة "المؤمنين" والقيامة فنحو: موضعي الإسراء: أإذا كنا عظاما ورفاتا ، ونحو قال: من يحيي العظام في "يس".

      وأما: الأولان من لفظ "الأعناب" فقد تقدما، وأما غيرهما فكما في "الرعد": وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وفي النحل: ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ، وهو متعدد فيما بعد البقرة ومنوع كما مثل، والعمل عندنا على الحذف في لفظي "العظام"، و: "الأعناب" حيث وقعا إلا: ألن نجمع عظامه بالقيامة، فالعمل على إثبات ألفه.

      وقوله: "في العظام" خبر مبتدأ محذوف تقديره الحذف، و: "غير" منصوب على الاستثناء من فاعل أتين، وأنث الضمير بتأويل كلمات العظام والأعناب معطوف على "فاعل" "أتى" الذي هو النون.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية