الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
58 - باب فرش حروف من سورة الروم إلى سورة سبإ


1 - وعاقبة الثاني سما وبنونه نذيق زكا للعالمين اكسروا علا



قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: ثم كان عاقبة الذين أساءوا وهو الموضع الثاني برفع التاء كما لفظ به، فتكون قراءة الشامي والكوفيين بنصبها، واحترز بالموضع الثاني عن الأول وهو: أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة ، وعن الثالث وهو: قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة فقد اتفق القراء على رفع التاء فيهما، وقرأ قنبل (ليذيقهم بعض الذي عملوا)، بالنون في مكان الياء، وقرأ غيره بالياء، وكان على الناظم أن يقيد هذا الموضع لأن إطلاقه يتناول: وليذيقكم من رحمته المتفق على قراءته بالياء، وقد يجاب عن الناظم بأن إطلاقه الحكم يحمل على الموضع الأول في السورة، ولا يتناول غيره من المواضع إلا بقرينة كقوله: (معا)، وقرأ حفص: إن في ذلك لآيات للعالمين بكسر اللام الأخيرة، وقرأ غيره بفتحها.

[ ص: 341 ]

2 - لتربوا خطاب ضم والواو ساكن     أتى واجمعوا آثار كم شرفا علا



قرأ نافع: (لتربو في أموال الناس) بتاء الخطاب المضمومة، وسكون الواو، وقرأ غيره بياء الغيب وفتحها وفتح الواو، وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص: فانظر إلى آثار رحمت الله بألف بعد الهمزة، وألف بعد الثاء على الجمع، وقرأ غيرهم بحذف الألفين على الإفراد.


3 - وينفع كوفي وفي الطول حصنه     ورحمة ارفع فائزا ومحصلا



قرأ الكوفيون: (فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا) بياء التذكير كما نطق به، فتكون قراءة غيرهم بتاء التأنيث، وقرأ نافع والكوفيون (يوم لا ينفع الظالمين) في غافر بياء التذكير، فتكون قراءة غيرهم بتاء التأنيث، وقرأ حمزة: هدى ورحمة للمحسنين في سورة لقمان برفع التاء فتكون قراءة غيره بنصبها.


4 - ويتخذ المرفوع غير صحابهم     تصعر بمد خف إذ شرعه حلا



قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وشعبة وهم غير صحاب برفع ذال: ويتخذها هزوا ، وقرأ (صحاب) حمزة وحفص والكسائي بنصب الذال.

وقرأ نافع وحمزة والكسائي وأبو عمرو: (ولا تصاعر) بالمد، أي إثبات ألف بعد الصاد وتخفيف العين، وقرأ غيرهم بالقصر أي حذف الألف وبتشديد العين.


5 - وفي نعمة حرك وذكر هاؤها     وضم ولا تنوين عن حسن اعتلا



قرأ حفص وأبو عمرو ونافع وأسبغ عليكم نعمه بتحريك العين أي فتحها وبهاء الضمير التي للمذكر المفرد مضمومة من غير تنوين بعد الميم، فتكون قراءة الباقين بسكون العين وبهاء تأنيث منصوبة منونة بعد الميم.


6 - سوى ابن العلا والبحر أخفي سكونه     فشا خلقه التحريك حصن تطولا



قرأ غير أبي عمرو من السبعة: والبحر يمده برفع الراء كما لفظ به، فأبو عمرو يقرأ وحده بنصب الراء، وقرأ حمزة: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم بسكون الياء، وقرأ غيره [ ص: 342 ] بفتحها، وقرأ الكوفيون ونافع: الذي أحسن كل شيء خلقه بتحريك لام " خلقه " أي فتحها، فتكون قراءة غيرهم بإسكانها.


7 - لما صبروا فاكسر وخفف شذا وقل     بما يعملون اثنان عن ولد العلا



قرأ الكسائي وحمزة: لما صبروا بكسر اللام وتخفيف الميم، وقرأ الباقون بفتح اللام وتشديد الميم، وقرأ أبو عمرو: (إن الله كان بما تعملون خبيرا)، (وكان الله بما تعملون بصيرا) في سورة الأحزاب بياء الغيب في الفعلين، وقرأ غيره بتاء الخطاب فيهما.


8 - وبالهمز كل اللاء والياء بعده     ذكا وبياء ساكن حج هملا
9 - وكالياء مكسورا لورش وعنهما     وقف مسكنا والهمز زاكيه بجلا



وقع لفظ (اللائي) في القرآن في أربعة مواضع: وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون في هذه السورة، إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم في المجادلة، واللائي يئسن ، واللائي لم يحضن كلاهما في الطلاق، وقرأ الكوفيون وابن عامر هذا اللفظ في مواضعه الأربعة بهمزة مكسورة بعد الألف، وبعد الهمزة ياء ساكنة مدية وصلا ووقفا، وقرأ أبو عمرو والبزي بياء ساكنة بعد الألف من غير همز وصلا ووقفا، ويمدان الألف حينئذ مدا مشبعا للساكنين، وقرأ ورش بحذف الياء بعد الهمزة مع تسهيل الهمزة بينها وبين الياء وصلا، وهذا معنى قوله: (وكالياء مكسورا لورش) وله حينئذ المد والقصر عملا بقاعدة (وإن حرف مد قبل همز مغير يجز قصره والمد ما زال أعدلا)، ومعنى قوله: (عنهما) أنه روي أيضا عن أبي عمرو والبزي حذف الياء بعد الهمزة مع تسهيل الهمز بين بين مع المد والقصر وصلا كورش، وقوله: (وقف مسكنا) أمر بإبدال الهمزة ياء ساكنة عند الوقف لكل من أبي عمرو والبزي وورش، فيكون هذا القول بيانا لمذهب هؤلاء وقفا بعد بيان مذهبهم وصلا، وأجاز المحققون الوقف بتسهيل الهمزة بالروم مع المد والقصر لكل من أبي عمرو والبزي وورش.

والخلاصة: أن البزي وأبا عمرو يقرءان بحذف الياء الساكنة بعد الهمز ولهما في الهمزة وصلا إبدالها ياء ساكنة مع المد المشبع، ولهما تسهيلها بين بين مع المد والقصر، فإذا وقفا كان لهما ثلاثة أوجه: إبدال [ ص: 343 ] الهمزة ياء ساكنة مع إشباع المد وتسهيلها بالروم مع المد والقصر، وأن ورشا يقرأ بحذف الياء الساكنة بعد الهمزة، وله في الهمزة التسهيل بين بين مع المد والقصر، فإذا وقف فله ثلاثة أوجه: إبدال الهمزة ياء ساكنة مع إشباع المد، وله تسهيلها بالروم مع المد والقصر، وكل من أبي عمرو والبزي وورش على أصله في مقدار المد.

وقوله: (والهمز زاكيه بجلا) معناه: أن قنبلا وقالون يقرءان بحذف الياء الساكنة بعد الهمز مع تحقيق الهمز وصلا ووقفا، ولهما في الوقف على هذا اللفظ ما لهما في الوقف على نحو: (من السماء)، (من ماء) من الأوجه.


10 - وتظاهرون اضممه واكسر لعاصم     وفي الهاء خفف وامدد الظاء ذبلا
11 - وخففه ثبت وفي قد سمع كما     هنا وهناك الظاء خفف نوفلا



أمر الناظم بضم التاء وكسر الهاء لعاصم في كلمة " تظاهرون " فتكون قراءة غيره بفتح التاء والهاء، ثم أمر بتخفيف الهاء ومد الظاء لابن عامر والكوفيين، والمراد بمد الظاء: إثبات ألف بعدها، فتكون قراءة غيرهم بتشديد الهاء وقصر الظاء أي حذف الألف بعدها، ثم أخبر أن الكوفيين خففوا الظاء، فالضمير في (وخففه) يعود على الظاء، فتكون قراءة غيرهم بتشديد الظاء، فيتحصل من هذا كله: أن عاصما يقرأ بضم التاء وفتح الظاء مخففة وألف بعدها وكسر الهاء مخففة نحو (تقاتلون)، وأن ابن عامر يقرأ بفتح التاء والظاء مع تشديدها وإثبات ألف بعدها وبفتح الهاء وتخفيفها، وقرأ حمزة والكسائي بفتح التاء والظاء وتخفيفها وإثبات ألف بعدها مع فتح الهاء وتخفيفها، بوزن (تناصرون)، وقرأ نافع وأبو عمرو وابن كثير بفتح التاء والظاء والهاء وتشديدهما من غير ألف بعد الظاء. وقوله: (وفي قد سمع كما هنا) معناه: أن الموضعين في قد سمع وهما: الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم ، والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون مذاهب القراء فيهما كمذاهبهم في هذه السورة، إلا أن الظاء في هذين الموضعين لا يخففها إلا عاصم، فحينئذ يكون في كل موضع من هذين الموضعين ثلاث قراءات: الأولى: قراءة عاصم وهي بضم الياء وفتح الظاء مخففة وألف بعدها وكسر الهاء مخففة، الثانية: قراءة ابن عامر وحمزة والكسائي، وهي بفتح الياء والظاء وتشديدها، وألف بعدها وفتح [ ص: 344 ] الهاء وتخفيفها، والثالثة: قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وهي بفتح الياء والظاء والهاء وتشديدهما من غير ألف بعد الظاء، ويؤخذ من هذا: عدم وجود قراءة بفتح الياء والظاء والهاء وتخفيفهما وألف بعد الظاء في سورة المجادلة.


12 - وحق صحاب قصر وصل الظنون والر     رسول السبيل وهو في الوقف في حلا



قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحفص وحمزة والكسائي: وتظنون بالله الظنونا ، وأطعنا الرسولا ، فأضلونا السبيلا بالقصر وصلا، والمراد بالقصر: حذف الألف بعد النون واللام، فتكون قراءة غيرهم بإثبات الألف وصلا بعد النون واللام، وقرأ حمزة وأبو عمرو بالقصر أي: حذف الألف في الوقف، فتكون قراءة غيرهما بإثبات الألف في الوقف. فيتحصل من هذا: أن حمزة وأبا عمرو يحذفان الألف وصلا ووقفا، وأن ابن كثير وحفصا والكسائي يحذفونها وصلا ويثبتونها وقفا، وأن نافعا وابن عامر وشعبة يثبتونها وصلا ووقفا.


13 - مقام لحفص ضم والثان عم في الد     دخان وآتوها على المد ذو حلا



قرأ حفص: لا مقام لكم بضم الميم الأولى، وقرأ غيره بفتحها، وقرأ نافع وابن عامر: إن المتقين في مقام أمين وهو الموضع الثاني في سورة الدخان بضم الميم الأولى، وقرأ غيرهما بفتحها، واحترز بالثاني عن الأول، وهو: ومقام كريم فقد اتفق القراء على قراءته بالضم، وقرأ أبو عمرو وابن عامر والكوفيون: (ثم سئلوا الفتنة لآتوها) بمد همزة (لآتوها)، وقرأ نافع وابن كثير بقصرها، والمراد بالمد: زيادة الألف وبالقصر حذفها.


14 - وفي الكل ضم الكسر في إسوة ندى     وقصر كفا حق يضاعف مثقلا
15 - وباليا وفتح العين رفع العذاب حص     ن حسن ويعمل يؤت بالياء شمللا



قرأ عاصم بضم كسر الهمزة في لفظ (أسوة) في كل مواضعه وهي ثلاثة: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة في هذه السورة، قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم ، لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة ، والموضعان بالممتحنة، وقرأ الباقون بكسر الهمزة في [ ص: 345 ] المواضع الثلاثة.

وقرأ ابن عامر وابن كثير وأبو عمرو: (يضاعف لها) بتشديد العين من غير ألف فتكون قراءة غيرهم بالألف وتخفيف العين، وقرأ الكوفيون ونافع وأبو عمرو بالياء وفتح العين ورفع باء (العذاب)، فتكون قراءة الباقين بالنون وكسر العين ونصب باء (العذاب) فيتحصل من هذا كله: أن ابن كثير وابن عامر يقرءان بالنون وتشديد العين مكسورة من غير ألف قبلها، ورفع باء (العذاب)، وأن نافعا والكوفيين يقرءون بالياء التحتية وفتح العين وتخفيفها وألف قبلها ورفع باء (العذاب)، وقرأ حمزة والكسائي: (وتعمل صالحا) بياء التذكير (ونؤتها) بياء الغيب، وقرأ غيرهما بتاء التأنيث في الأول ونون العظمة في الثاني. وقول الناظم: (بالياء) قيد (ليؤت) فقط ليؤخذ ضده، وهو النون للباقين، وليس قيدا للفظين، إذ ليس ضد الياء التاء، وأما (يعمل) فأطلقه من غير تقيد ليدل إطلاقه على أنه أراد به التذكير، فيؤخذ للباقين ضده وهو التأنيث.


16 - وقرن افتح إذ نصوا يكون له ثرى     يحل سوى البصري وخاتم وكلا
17 - بفتح نما ساداتنا اجمع بكسرة     كفى وكثيرا نقطة تحت نفلا



قرأ نافع وعاصم: وقرن بفتح القاف فتكون قراءة غيرهما بكسرها، وقرأ هشام والكوفيون: (أن يكون لهم الخيرة) بياء التذكير كما لفظ به، فتكون قراءة الباقين بتاء التأنيث. وقرأ السبعة إلا أبا عمرو: (لا يحل لك النساء) بياء التذكير كما نطق به فتكون قراءة أبي عمرو بتاء التأنيث، وقرأ عاصم: وخاتم النبيين بفتح التاء، فتكون قراءة غيره بكسرها. وقرأ ابن عامر: (أطعنا ساداتنا) بألف بعد الدال وكسر التاء على الجمع، وقرأ غيره بحذف الألف وفتح التاء على الإفراد، وقرأ عاصم: (لعنا كبيرا) بالباء الموحدة التحتية، وقرأ غيره بالثاء المثلثة الفوقية، وأخذت قراءة عاصم من التقييد وقراءة الباقين من اللفظ.

التالي السابق


الخدمات العلمية