الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
أسماؤه وأوصافه

وقد سماه الله بأسماء كثيرة : منها:

" القرآن " . إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم .

و " الكتاب " . لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم .

و " الفرقان " .. تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا .

و " الذكر " . . إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون . .

[ ص: 17 ] و " التنزيل " . . وإنه لتنزيل رب العالمين . . إلى غير ذلك مما ورد في القرآن .

وقد غلب من أسمائه : " القرآن " و " الكتاب " ، قال الدكتور محمد عبد الله دراز :

" روعي في تسميته " قرآنا " كونه متلوا بالألسن ، كما روعي في تسميته " كتابا " كونه مدونا بالأقلام ، فكلتا التسميتين من تسمية شيء بالمعنى الواقع عليه " .

وفي تسميته بهذين الاسمين إشارة إلى أن من حقه العناية بحفظه في موضعين لا في موضع واحد ، أعني أنه يجب حفظه في الصدور والسطور جميعا ، أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ، فلا ثقة لنا بحفظ حافظ حتى يوافق الرسم المجمع عليه من الأصحاب ، المنقول إلينا جيلا بعد جيل على هيئته التي وضع عليها أول مرة ، ولا ثقة لنا بكتابة كاتب حتى يوافق ما هو عند الحفاظ بالإسناد الصحيح المتواتر .

وبهذه العناية المزدوجة التي بعثها الله في نفوس الأمة المحمدية اقتداء بنبيها . بقي القرآن محفوظا في حرز حريز ، إنجازا لوعد الله الذي تكفل بحفظه حيث يقول : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ولم يصبه ما أصاب الكتب الماضية من التحريف والتبديل وانقطاع السند " .

وبين سر هذه التفرقة بأن سائر الكتب السماوية جيء بها على التوقيت لا التأبيد ، وأن هذا القرآن جيء به مصدقا لما بين يديه من الكتب ومهيمنا عليها ، فكان جامعا لما فيها من الحقائق الثابتة زائدا عليها بما شاء الله زيادته ، وكان سائرا مسيرها ، ولم يكن شيء منها ليسد مسده ، فقضى الله أن يبقى حجة إلى قيام الساعة ، وإذا قضى الله أمرا يسر له أسبابه -وهو الحكيم العليم- وهذا تعليل جيد .

ووصف الله القرآن بأوصاف كثيرة كذلك :

[ ص: 18 ] منها " نور " . . يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا . .

و " هدى " و " شفاء " و " رحمة " و " موعظة " . . يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين .

و " مبارك " . . وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه .

و " مبين " . . قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين .

و " بشرى " . . مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين .

و " عزيز " . . إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز .

و " مجيد " . . بل هو قرآن مجيد .

و " بشير " و " نذير " . . كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون بشيرا ونذيرا .

وكل تسمية أو وصف فهو باعتبار معنى من معاني القرآن .

"

التالي السابق


الخدمات العلمية