الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
كيفية وحي الله إلى رسله

يوحي الله إلى رسله بواسطة وبغير واسطة .

فالأول : بواسطة جبريل ملك الوحي وسيأتي بيانه .

والثاني : هو الذي لا واسطة فيه .

أ- منه الرؤيا الصالحة في المنام : فعن عائشة رضي الله عنها قالت : " أول ما بدئ به -صلى الله عليه وسلم- الرؤيا الصالحة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل [ ص: 32 ] فلق الصبح “ . وكان ذلك تهيئة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى ينزل عليه الوحي يقظة وليس في القرآن شيء من هذا النوع لأنه نزل جميعه يقظة ، خلافا لمن ادعى نزول سورة " الكوثر " مناما للحديث الوارد فيها ، ففي صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه : " بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم بين أظهرنا في المسجد إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه مبتسما فقلت : ما أضحكك يا رسول الله ؟ فقال : " نزلت علي آنفا سورة " ، فقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر . . فلعل الإغفاء هذه هي الحالة التي كانت تعتريه عند الوحي .

ومما يدل على أن الرؤية الصالحة للأنبياء في المنام وحي يجب اتباعه ما جاء في قصة إبراهيم من رؤيا ذبحه لولده إسماعيل : فبشرناه بغلام حليم فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم وتركنا عليه في الآخرين سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين . . ولو لم تكن هذه الرؤيا وحيا يجب اتباعه لما أقدم إبراهيم عليه السلام على ذبح ولده لولا أن من الله عليه بالفداء .

[ ص: 33 ] الرؤيا الصالحة ليست خاصة بالرسول ، فهي باقية للمؤمنين ، وإن لم تكن وحيا ، قال عليه الصلاة والسلام : " انقطع الوحي وبقيت المبشرات ، رؤيا المؤمن “ .

والرؤيا الصالحة في المنام للأنبياء هي القسم الأول من أقسام التكليم الإلهي المذكور في قوله تعالى :

وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم .

ب- ومنه الكلام الإلهي من وراء حجاب بدون واسطة يقظة ، وهو ثابت لموسى عليه السلام ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك ، وكلم الله موسى تكليما .

وهذا النوع هو القسم الثاني المذكور في الآية : أو من وراء حجاب وليس في القرآن شيء منه كذلك . "

التالي السابق


الخدمات العلمية