الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( قلت : يكره ) ( الالتفات ) في الصلاة سواء أكان المصلي ذكرا أم أنثى في جزء منها بوجهه يمينا أو شمالا ; لأنه عليه الصلاة والسلام قال { إنه اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد } وورد { لا يزال الله مقبلا على العبد في صلاته ما لم يلتفت ، فإذا التفت انصرف عنه } ولو حول صدره عن القبلة بطلت ، كما لو قصد به اللعب لا لحاجة فلا يكره ، كما لا يكره مجرد لمح العين { ; لأنه صلى الله عليه وسلم كان في سفر فأرسل فارسا في الشعب من أجل الحرس ، فجعل يصلي ، وهو يلتفت إلى الشعب } ( ورفع بصره إلى السماء ) لخبر { ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء [ ص: 58 ] في صلاتهم لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم } ويكره نظر ما يلهي عنها كثوب له أعلام لخبر عائشة { كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وعليه خميصة ذات أعلام فلما فرغ قال : ألهتني أعلام هذه ، اذهبوا بها إلى أبي جهم وأتوني بأنبجانيته } رواه الشيخان .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : في جزء منها ) بدل من قوله في الصلاة ( قوله : لا يزال الله مقبلا ) أي برحمته ورضاه . ا هـ حج ( قوله : كما لو قصد به ) أي بالالتفات بالوجه ( قوله : في الشعب من أجل الحرس ) عبارة المصباح : الشعب بالكسر الطريق ، وقيل الطريق في الجبل ا هـ ( قوله : فجعل ) أي النبي صلى الله عليه وسلم ( قوله : ما بال أقوام إلخ ) أي ما حالهم وأبهم الرافع لئلا ينكسر خاطره ; لأن النصيحة على رءوس الأشهاد فضيحة ، وقوله لينتهن جواب قسم محذوف ، والأصل لينتهونن ، وقوله عن ذلك أي عن رفع [ ص: 58 ] البصر إلى السماء في الصلاة ، وقوله لتخطفن أبصارهم بضم الفوقية وفتح الفاء مبنيا للمفعول وأو للتخير تهديدا ، وهو خبر بمعنى الأمر . والمعنى : ليكونن منكم الانتهاء عن رفع البصر إلى السماء أو خطف الأبصار عند رفعها من الله تعالى ، أما رفع البصر إلى السماء في غير الصلاة لدعاء ونحوه فجوزه الأكثرون كما قاله القاضي عياض ; لأن السماء قبلة الدعاء كالكعبة قبلة الصلاة وكرهه آخرون . ا هـ شرح البخاري لشيخ الإسلام ا هـ زيادي .

                                                                                                                            وفي الشيخ عميرة فائدة : نقل الدميري عن الغزالي في الإحياء أنه قال : يستحب أن يرمق ببصره إلى السماء في الدعاء بعد الوضوء ( قوله : في صلاتهم ) فاشتد : أي قوي قوله : في ذلك حتى قال لينتهن . ا هـ حج ( قوله : قال ألهتني إلخ ) إنما قال ذلك بيانا للغير ، وإلا فهو صلى الله عليه وسلم لا يشغله شيء عن الله تعالى ( قوله : إلى أبي جهم ) هو مسلم صحابي إنما أمر بدفعها له ; لأنها كانت من عنده : أي ودفعها للنبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما طلب الأنبجانية جبرا لخاطره لئلا يتوهم بدفعها له رد هديته عليه ( قوله : بأنبجانيته ) هي بفتح الهمزة وكسرها وبفتح الباء وكسرها أيضا كما قاله في النهاية ونقل عن النووي . وأغرب ابن قتيبة وقال : إنما هي منبجانية نسبة إلى منبج بلد معروف بالشام ، ومن قالها بهمزة أوله فقد غير ، ونقل ذلك ابن قتيبة عن الأصمعي .




                                                                                                                            الخدمات العلمية