الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( أو التشهد الأول ) والمراد به هنا الواجب في التشهد الأخير أو بعضه ; لأنه صلى الله عليه وسلم تركه ناسيا وسجد للسهو قبل أن يسلم . ويستثنى من ذلك ما لو نوى أربعا وأطلق ، أو قصد أن يأتي بتشهدين فلا يسجد لترك أولهما على ما قاله جمع متأخرون ، وعزمه على الإتيان به لا يلحقه بتشهد الظهر ; لأنه مع ذلك مخير بين تشهدين وثلاث وتشهد واحد ، فهو غير سنة مطلوبة لذاته في محل مخصوص ، لكن الذي قاله القاضي والبغوي أنه يسجد في صورة القصد إن تركه سهوا : أي أو عمدا : وهو المعتمد ( أو قعوده ) قياسا عليه ، وإن استلزم تركه ترك التشهد ; لأن السجود إذا شرع لترك التشهد شرع لترك جلوسه ; لأنه مقصود له .

                                                                                                                            وصورة تركه وحده أن لا يحسنه فإنه يسن له حينئذ الجلوس بقدره كما مر نظيره في القنوت ( وكذا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه ) أي بعده ( في الأظهر ) والمراد الواجب منها في التشهد الأخير أخذا مما مر ; لأنه ذكر يجب الإتيان به في الأخير فيسجد لتركه في الأول ، وقيس به القنوت فيسجد لترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه كما جزم به ابن الفركاح ، واعتمده جمع متأخرون ، والجلوس لها في الأول ، والقيام لها في الثاني كالقعود للتشهد والقيام للقنوت فيكونان من الأبعاض ، وعلى ذلك فالأبعاض اثنا عشر ، وقوله : ( سجد ) راجع للصور كلها ، ويصح عود فيه لكل ما ذكر ، والقنوت وقصر رجوعه على التشهد وزعم فرق بينهما غير حسن ; لأن العطف بأو فإفراده لذلك لا لاختصاصه بالتشهد ، ووجوبها في التشهد في الجملة لا يصلح مانعا لإلحاقها من القنوت بها من التشهد ; لأن المقتضي للسجود ليس هو الوجوب في الجملة لقصوره ولئلا يلزم عليه إخراج القنوت من أصله ، بل كون المتروك من الشعار الظاهرة المخصوصة بمحل منها استقلالا تبعا كما يأتي مع استوائهما في ذلك .

                                                                                                                            والثاني لا يسجد لترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بناء على عدم استحبابه فيه ، وسواء أترك ما مر عمدا أم سهوا بجامع الخلل بل خلل العمد أكثر فكان للجبر أحوج ( وقيل إن ترك عمدا فلا ) يسجد لتركه لكونه مقصرا بتفويت السنة على نفسه [ ص: 70 ] ورد بما مر ( قلت : وكذا الصلاة على الآل حيث سنناها ، والله أعلم ) وذلك بعد التشهد الأخير على الأصح ، وبعد الأول على وجه ، والجلوس كالقيام لها في القنوت قياسا على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيما مر .

                                                                                                                            وصورة السجود لترك الآل أن يتيقن ترك إمامه لها بعد سلام إمامه وقبل أن يسلم هو أو بعده إن سلم وقصر الفصل ، فاندفع استشكاله بأنه إن علم تركها قبل سلامه أتى بها أو بعده فات محل السجود ، وسميت هذه السنن أبعاضا لتأكد شأنها بالجبر تشبيها بالبعض حقيقة .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 69 ] قوله : أو بعضه ) ومنه الواو في وأشهد ( قوله : ما لو نوى أربعا ) أي من النفل راتبا كان أو غيره ( قوله : أنه يسجد ) قال سم على منهج بعد نقله الأول عن حج : والثاني عن م ر . وأقول : إن التزم استحباب تشهد أول لمن أراد أربع ركعات تطوعا لم يتجه إلا السجود حتى وإن أطلق ، ولم يوجد منه عزم على الإتيان بالاثنين ، وإن التزم عدم استحبابه فالوجه عدم السجود وإن عزم ; لأن غاية الأمر أنه قصد الإتيان بشيء لا يستحب الإتيان به وذلك لا يقتضي السجود بتركه ; لأنه لم يترك أمرا مستحبا ولم يوجد في الصلاة ذلك فليحرر الاستحباب وعدمه .

                                                                                                                            أقول : وقد يقال لما قصد الإتيان بالتشهدين التحق من حيث الفعل المنوي بالرباعية فصار التشهد الأول مطلوبا فجبر تركه بالسجود . ( قوله : فالأبعاض اثنا عشر ) أي بزيادة الصلاة على الآل في التشهد الأخير والقنوت على ما سنذكره ( قوله : من القنوت ) حال ، وقوله من التشهد حال أيضا : أي بعده ( قوله : بناء على عدم استحبابه ) أي هذا الذكر ، وهو الصلاة على [ ص: 70 ] النبي صلى الله عليه وسلم ( قوله : ورد بما مر ) أي من قوله فكان للجبر أحوج ( قوله : بعد التشهد الأخير على الأصح ) أي وبعد القنوت شرح المنهج ، وعبارة حج بعد قول المصنف والله أعلم : وذلك في القنوت ومثلها قيامها ، وفي التشهد الأخير إلخ ا هـ .

                                                                                                                            وبه يتضح عده السابق للأبعاض اثنا عشر ( قوله : وصورة السجود لترك الآل ) وجه تصويره بذلك كما وافق عليه م ر أنه إن تركه هو ، فإن كان عمدا أتى به ولا سجود ، أو سهوا فإن تذكره قبل السلام فكذلك ، وإن سلم قبل تذكره فلا جائز أن يعود إليه .

                                                                                                                            لأنا لم نرهم جوزوا العود لسنة غير سجود السهو ، ولا أن يعود إلى سجود السهو عنه ; لأنه إذا عاد صار في الصلاة فينبغي أن يأتي بالمتروك ولا يتأتى السجود لتركه فليتأمل . ا هـ سم على منهج . ( قوله : تشبيها بالبعض ) أي حيث تأكد شأنه بحيث تبطل الصلاة بتركه ، وليس المراد أن كلا يجبر بالسجود ، فإنه لو ترك ركنا سهوا يجب فعله ، والسجود إنما هو للزيادة الحاصلة بتداركه إن وجدت .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : اثنا عشر ) أي بما يأتي ( قوله : ويصح عود فيه لكل مما ذكر إلخ ) يمنع منه أن الخلاف المذكور هنا مبني على الخلاف في سن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول ، وهو أقوال كما مر في صفة الصلاة ، وصرح به الجلال المحلي هنا .

                                                                                                                            وأما الخلاف في سنه في القنوت فهو أوجه كما مر ثم ، أيضا ولا يتأتى ترتيب الأقوال على الأوجه فتعين رجوع الضمير إلى التشهد فقط ( قوله : وزعم فرق بينهما ) أي بين التشهد والقنوت ( قوله : مع استوائهما ) عبارة التحفة : وهما مستويان في ذلك .




                                                                                                                            الخدمات العلمية