الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( تستحب في غير الصلاة ) عند تلاوة آيتها للاتباع كما مر ، ولا ينافي قولنا سببها الشكر قولهم سببها التلاوة ; لأنها سبب لتذكر قبول تلك التوبة : أي ولأجل ذلك [ ص: 94 ] لم ينظر هنا لما يأتي في سجود الشكر من هجوم النعمة وغيره ; لأنها متوسطة بين سجدة محض التلاوة وسجدة محض الشكر ( وتحرم فيها ) وتبطلها ( في الأصح ) وإن انضم لقصد الشكر قصد التلاوة كما هو ظاهر ; لأنه إذا اجتمع المبطل وغيره غلب المبطل وشمل ذلك قارئها وسامعها ومستمعها ، وشمل إطلاقه الطواف وهو متجه ، وإلحاقه بالصلاة إنما هو في بعض أحكامها ومحل الحرمة والبطلان في حق العامد العالم فإن كان ناسيا أو جاهلا فلا ويسجد للسهو ، ولو سجدها إمامه لاعتقاده ذلك لم يجز له متابعته بل يتخير بين انتظاره ومفارقته وتحصل فضيلة الجماعة بكل منهما ، وانتظاره أفضل ، ولا ينافي ما تقرر ما يأتي من أن العبرة باعتقاد المأموم ; لأن محله فيما لا يرى المأموم جنسه في الصلاة ، ومن ثم قالوا : يجوز الاقتداء بحنفي يرى القصر في إقامة لا نراها نحن ; لأن جنس القصر جائز عندنا ، وبهذا ظهر ما في الروضة من عدم وجوب المفارقة ، وقولها إنه لا يسجد : أي بسبب انتظار إمامه قائما وإن سجد للسهو لاعتقاده [ ص: 95 ] أن إمامه زاد في صلاته ما ليس منها ، ومقابل الأصح لا تحرم فيها ، ولا تبطلها ; لتعلقها بالتلاوة بخلاف غيرها من سجود الشكر .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : قصد التلاوة ) أي وإنما لم يضر قصد التفهيم مع القراءة مع أن فيه جمعا بين المبطل وغيره ; لأن جنس القراءة مطلوب وقصد التفهيم طارئ ، بخلاف السجود بلا سبب فإنه غير مطلوب أصلا ، وهذه السجدة لما لم تستحب في الصلاة كانت كالتي بلا سبب ( قوله : لأنه إذا اجتمع المبطل ) قضية هذا أنه لو قصد التلاوة وحدها لا تبطل صلاته وليس مرادا ، فإن قصد التلاوة إنما يكون مانعا للبطلان حيث كان من السجدات المشروعة ، وهو هنا ليس مشروعا ، وكل من قصد التلاوة والشكر مبطل فليتأمل . ( قوله : وشمل ذلك ) أي استحبابها في غير الصلاة ( قوله : وشمل إطلاقه الطواف ) أي فيسجد فيه شكرا ، وكان الأولى تقديمه على قول المصنف وتحرم فيها إلا أن يقال لما أشبه الصلاة وبما يتوهم أنه منها فأخره ; ليكون كالاستدراك بدفع ما يتوهم مما قبله . ( قوله : وهو متجه ) أي خلافا لحج حيث قال ما نصه : ويأتي في الحج أنها لا تفعل في الطواف ; لأنه يشبه الصلاة المحرمة هي فيها فلم تطلب فيما يشبهها ، وإنما لم يحرم فيه مثلها ; لأنه ليس ملحقا بها في كل أحكامها ( قوله : فإن كان ناسيا ) أي أنه في صلاة محلي .

                                                                                                                            أقول : ومفهومه أنه لو نسي حرمة السجود ضر ، وهو قياس ما تقدم للشارح من أن من تكلم في الصلاة لنسيانه حرمة الكلام فيها بطلت صلاته ، وقياس عدم الضرر فيما لو قام عن التشهد الأول سهوا وعاد لجهله حرمة العود أو نسيانه الحكم عدم الضرر فليحرم ( قوله : لاعتقاده ) أي بأن كان حنفيا ( قوله : وانتظاره أفضل ) أي ومع ذلك يسجد المأموم بعد سلام إمامه كما يأتي ، ولعل الفرق بين هذا وبين ما تقدم فيما لو نسي الإمام التشهد وقام وانتصب معه المأموم ثم عاد وقعد المأموم للتشهد ناسيا وقد قام الإمام ثم عاد حيث لا يجوز له موافقته ويتخير بين الانتظار والمفارقة ، وهي أولى أن هذا زمنه قصير وذاك زمنه طويل فكان انتظاره هنا أولا تنزيلا لزمن السجود لقصره منزلة العدم فكان لا مخالفة ، وإن فعل الإمام هنا لكونه عن اعتقاد لا يحتمل الإبطال عنده بخلافه ثم فإن العود إن كان عمدا أبطل حتى عند الإمام فكانت صلاته باطلة على احتمال فطلبت المفارقة بخلافه هنا ( قوله : أي بسبب ) خبر عن قوله وقولها والغرض منه الجواب عما اعترض به عليها من أن ما فعله الإمام يبطل عمده عند الشافعي فيسجد لسهوه .

                                                                                                                            ( قوله : وإن سجد للسهو ) بقي ما لو نوى المفارقة قبل سجود إمامه ، [ ص: 95 ] وينبغي أن يقال إن نوى المفارقة قبل خروجه عن مسمى القيام لم يسجد ; لأن الإمام لم يفعل ما يبطل عمده في زمن القدوة ، وإن نواها بعد خروجه عن ذلك بأن كان إلى الركوع أقرب أو بلغ حد الراكعين مثلا سجد لفعل الإمام ما يبطل عمده قبل المفارقة .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 94 ] قوله : لأنه إذا اجتمع المبطل وغيره إلخ ) قضيته أن هذه السجدة تصح بنية التلاوة ، وينافيه ما مر من قوله فليست من سجدات التلاوة ، وفي حاشية الشيخ أن ما اقتضاه كلام الشارح هنا غير مراد ( قوله : في إقامة لا نراها ) أي لا نرى القصر فيها ( قوله : وقولها إنه لا يسجد ) .




                                                                                                                            الخدمات العلمية