الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( كانا ) أي الإمام والمأموم ( بفضاء ) أي مكان واسع كصحراء أو بيت كذلك وكما لو وقف أحدهما بسطح والآخر بسطح وإن حال بينهما شارع ونحوه ( شرط أن لا يزيد ما بينهما على ثلثمائة ذراع ) بذراع اليد المعتدلة وهو شبران ( تقريبا ) إذ لا ضابط له شرعا ولا لغة ، فلا تضر زيادة غير متفاحشة كثلاثة أذرع ونحوها وما قاربها ، لأن العرف يعدهما مجتمعين في هذا دون ما زاد عليه ( وقيل تحديدا ) فتضر أي زيادة كانت ، وغلط الماوردي قائله وكأنهم إنما اغتفروا الثلاثة هنا ولم يغتفروا في القلتين أكثر من رطلين على ما مر ، لأن المدار هنا على العرف ، وثم على قوة الماء وعدمها ، ولأن الوزن أضبط من الذرع فضايقوا ثم أكثر مما ضايقوا هنا لأنه اللائق ، وهذا التقدير مأخوذ من العرف ( فإن تلاحق ) أي وقف خلف الإمام ( شخصان أو صفان ) مترتبان وراءه أو عن يمينه أو عن يساره ( اعتبرت المسافة ) المذكورة ( بين ) الصف أو الشخص ( الأخير و ) الصف أو الشخص ( الأول ) لأن الأول في هذه الحالة كإمام الأخير ، فإن تعدد الأشخاص أو الصفوف اعتبرت بين كل صفين أو شخصين ، وإن بلغ ما بين الأخير والإمام فراسخ بشرط إمكان متابعته له ( وسواء ) فيما ذكر ( الفضاء المملوك والوقف والمبعض ) أي الذي بعضه وقف وبعضه ملك والموات الخالص والمبعض أي الذي بعضه ملك وبعضه موات كما ذكره في المحرر ويمكن دخوله تحت إطلاق المبعض مع عدم رعاية قبله [ ص: 201 ] وسواء في ذلك المحوط والمسقف وغيره ( ولا يضر ) في الحيلولة بين الإمام والمأموم ( الشارع المطروق ) بالفعل فلا يرد عليه أن كل شارع يكون مطروقا ، أو المراد به كثير الطروق لكونه محل الخلاف على مدعى الإسنوي ، ورد بأن ابن الرفعة حكى الخلاف مع عدم الطروق فيما لو وقف بسطح بيته والإمام بسطح المسجد وبينهما هواء ، فعن الزجاجي الصحة وهو الأصح : أي مع إمكان التوصل له عادة ، وعن غيره المنع ( والنهر المحوج إلى سباحة ) بكسر السين : أي عوم ( على الصحيح ) فيهما لكونه غير معد للحيلولة عرفا كما لو كانا في سفينتين مكشوفتين في البحر .

                                                                                                                            والثاني يضر ذلك . أما الشارع فقد تكثر فيه الزحمة فيعسر الاطلاع على أحوال الإمام .

                                                                                                                            وأما النهر فقياسا على حيلولة الجدار .

                                                                                                                            وأجاب الأول بمنع العسر والحيلولة المذكورين .

                                                                                                                            أما الشارع غير المطروق والنهر الذي يمكن العبور من أحد طرفيه من غير سباحة بالوثوب فوقه أو المشي فيه أو على جسر ممدود على حافتيه فغير مضر جزما .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : أو بيت كذلك ) أي واسع .

                                                                                                                            ( قوله : والآخر بسطح ) قضيته أنه لا يشترط إمكان الوصول من أحد السطحين إلى الآخر عادة ، وبه صرح سم على منهج عن الشارح أولا ، ثم قال : لكنه بعد ذلك قال : إن الأقرب أن شرط الصحة إمكان المرور من أحد السطحين إلى الآخر على العادة ا هـ ، وسيأتي في كلامه ( قوله : كثلاثة أذرع ونحوها ) قضيته أنه يغتفر ستة أذرع لأن نحو الثلاثة مثلها ، وليس المراد به ما دونها لئلا يتحد مع قوله وما قاربها ، لكن في كلام سم على منهج ما سيأتي وهو الأقرب ، ويمكن أن يجعل قوله وما قاربها عطف تفسير للنحو ويدل له قوله : وإنما اغتفروا الثلاثة إلخ .

                                                                                                                            ( قوله : وما قاربها ) أي مما هو دون الثلاثة لا ما زاد ، فقد نقل سم على منهج عن الشارح أنه يعتمد التقييد بالثلاثة وقوله لأن العرف عميرة . قال الإسنوي : ولأن صوت الإمام عند الجهر المعتاد يبلغ المأموم غالبا في هذه المسافة ا هـ سم على منهج .

                                                                                                                            ونقل بالدرس عن والد الشارح أنه تضر الزيادة على الثلاثة نقلا عن حواشي الروض .

                                                                                                                            ( قوله : لأن العرف إلخ ) قضيته أنه لو حلف لا يجتمع معه في مكان واجتمعا في ذلك الحنث ، ولعله غير مراد وأن العرف في الأيمان غيره هنا بدليل أنه لو حلف لا يدخل عليه في مكان ، أو لا يجتمع عليه فيه فاجتمع به في مسجد أو نحوه لم يحنث وقوله ونحوه : أي كالقهوة والحمام والوليمة .

                                                                                                                            ( قوله : اعتبرت ) أي المسافة .

                                                                                                                            ( قوله : كما ذكره في المحرر ) المتبادر من كلام المحلي أن المذكور في المحرر هو الموات الخالص .

                                                                                                                            ( قوله : ويمكن دخوله ) أي المبعض .

                                                                                                                            ( قوله : مع عدم رعاية ما قبله ) وهو قول المصنف : المملوك والموقوف [ ص: 201 ] قوله المسقف ) أي كلا أو بعضا .

                                                                                                                            ( قوله : مع إمكان التوصل له عادة ) أي بأن يكون لكل من السطحين إلى الشارع الذي بينهما سلم يسلك عادة سم على منهج ( قوله : وعن غيره المنع ) أقول : يمكن حمله على ما إذا لم يمكن التوصل منه إليه عادة .

                                                                                                                            ( قوله : والنهر المحوج إلى سباحة ) أي وإن لم يحسنها .

                                                                                                                            وقال ابن حجر في شرح الحضرمية : ولا يضر تخلل الشارع والنهر الكبير وإن لم يمكن عبوره والنار ونحوها ، ولا يضر تخلل البحر بين السفينتين لأن هذه لا تعد للحيلولة فلا يسمى واحد منها حائلا عرفا .

                                                                                                                            ( قوله : للحيلولة عرفا ) ومعلوم أنه لا بد من عدم زيادة المسافة بينهما على ثلاثمائة ذراع كما مر ( قوله : مكشوفتين ) أي أما المسقفتان فكالدارين كما يأتي : أي للشارح بعد قول المصنف شرط محاذاة بعض بدنه .

                                                                                                                            ( قوله : أما الشارع إلخ ) توجيه للثاني ( قوله فغير مضر ) هذا بالنسبة للشارع يشكل بما تقدم عن ابن الرفعة : أي بملاحظة قول الشارح في بيانه : أي مع إمكان التوصل له عادة إلا أن يراد بغير المطروق في كلامه مطروق لم يكثر طروقه أو لم تجر العادة بالمرور فيه أصلا



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 200 ] قوله : الذي بعضه ملك وبعضه موات ) أي معينين إذ لا تتصور الإشاعة هنا كما لا يخفى .




                                                                                                                            الخدمات العلمية