الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ولو قام المسبوقون أو المقيمون خلف مسافر امتنع اقتداء بعضهم ببعض على ما في الروضة في باب الجمعة من عدم جواز استخلاف المأمومين في الجمعة إذا تمت صلاة الإمام دونهم ، وكذا غيرها في الأصح ; لأن الجماعة حصلت ، فإذا أتموها فرادى نالوا فضلها ، لكن مقتضى كلام أصلها هنا الجواز في غير الجمعة وهو المعتمد كما سيأتي مبسوطا في باب الجمعة ( وإن كان في ركعة أخرى ) غير ركعة الإمام سواء أكان متقدما عليه في أفعاله أم متأخرا عنه لعدم ترتيب محذور عليه ، إذ اللازم له أن يتبع إمامه ويلغي نظم صلاة نفسه كما أشار إليه بقوله ( ثم ) بعد اقتدائه به ( يتبعه ) فيما هو فيه حتما ( قائما كان أو قاعدا ) أو راكعا أو ساجدا رعاية للمتابعة ( فإن فرغ الإمام أولا فهو كمسبوق ، ) فيتم صلاته ( أو ) فرغ ( هو ) أي المأموم أولا [ ص: 241 ] ( فإن شاء فارقه ) بالنية وسلم من غير كراهة ; لأنه فراق بعذر كما مر ( وإن شاء انتظره ) بالقيد المار في فصل نية القدوة ( ليسلم معه ) وهو الأفضل على قياس ما مر ( وما أدركه المسبوق ) مع إمامه مما يعتد له به لا كاعتدال وما بعده ; لأنه لمحض المتابعة فليس من محل الخلاف في شيء ( فأول صلاته ) ، وما يفعله بعد سلامه آخرها لخبر { ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا } متفق عليه ، وإتمام الشيء إنما يكون بعد أوله ، وأما خبر مسلم { واقض ما سبقك } فمحمول عن القضاء اللغوي ; لأنه مجاز مشهور مع أنه يتعين ذلك لاستحالة حقيقة القضاء شرعا هنا ( فيعيد في الباقي ) من الصبح ( القنوت ) في محله ; لأنه فعله أولا لمحض المتابعة لإمامه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وإن كان في ركعة ) هو غاية .

                                                                                                                            ( قوله : يتبعه فيما هو فيه ) الحاصل أن قول الشارح وتبعه فيما هو فيه وإن كان على خلاف نظم صلاته شامل لما إذا اقتدى من في السجدة الأولى بمن في القيام فيقوم إليه ويترك السجدة الثانية ، ولا مانع من ذلك وفاقا لشيخنا طب رحمه الله ، وعلى هذا فهل يعتد له بما فعله حتى إذا قام مع الإمام لا تلزمه قراءة الفاتحة ، وإذا وصل معه إلى ما بعد السجدة الأولى كملت به ركعته أم لا ؟ فيه نظر ، ويظهر الآن الأول : أي وعليه فلو بطلت صلاة الإمام في القيام أو الركوع وجب على المأموم الجلوس فورا بقصد الجلوس بين السجدتين ثم يأتي بالسجدة الثانية ، لأن قيامه كان لمحض المتابعة وقد زالت ، وكما إذا اقتدى من في الاعتدال بمن في القيام ، ولا مانع أيضا . ولا يقال : يلزم تطويل الركن القصير ; لأنا نقول : اقتداؤه به في هذه إعراض عن الاعتدال إلى القيام ، فهو حينئذ يصير قائما لا معتدلا ، ثم التبعية فيما هو فيه ينبغي ما لم يتم صلاته ، فلو اقتدى من في تشهده الآخر بمن في تشهده الأول فظاهر أنه إذا قام الإمام لبقية صلاته عدم جواز تبعية المأموم له ، بل إن شاء فارقه وسلم وإن شاء انتظره ليسلم معه ا هـ سم على منهج .

                                                                                                                            وبقي ما لو اقتدى من في الجلوس بين السجدتين بمن في التشهد فهل له أن يأتي بالسجدة الثانية لعدم فحش المخالفة قياسا على ما تقدم فيما لو شك في السجدة الثانية بعد جلوسه مع الإمام للتشهد من أنه يأتي بها لعدم فحش المخالفة أم لا ، فيه نظر ، والأقرب بل المتعين الثاني ; لأنا إنما أوجبنا عليه السجود ثم للشك في الركن [ ص: 241 ] الذي كان فيه مع الإمام والأصل عدمه ، وسبق الإمام بركن لا يضر ، فكان السجود واجبا بمقتضى القدوة لعدم السبق بركنين ، وما هنا ليس فيه اقتداء قبل حتى يعمل بمقتضاه ، فروعي حال من اقتضى في الأثناء وهو وجوب تبعية الإمام فيما هو فيه ، ثم إن كان الاقتداء في التشهد الأول وافق الإمام فيما هو فيه وأتى بركعة بعد سلام إمامه وإن كان في الأخير وافقه فيما هو فيه ، ثم أتى بسجدة بعد سلام إمامه وإن طال ما بين السجدتين ; لأنه بالاقتداء أعرض عن الجلوس وصار ما هو فيه للمتابعة ، وينبغي أن مثل الاقتداء في التشهد الأخير ما لو اقتدى به في السجدة الأخيرة من صلاته بعد الطمأنينة فينتظره في السجود ولا يتبعه فيما هو فيه ، وأما قبل الطمأنينة فيحتمل أنه كذلك لتمام صلاته ظاهرا ، ويحتمل أنه يتبعه ; لأنه يصدق عليه أن صلاته لم تتم .

                                                                                                                            ( قوله : فإن شاء فارقه بالنية ) . [ فرع ] لو تلفظ بنية المفارقة عمدا بطلت صلاته كما هو واضح وفاقا لما جزم به م ر وخلافا لمن خالف على ما نسب ا هـ سم على منهج : أي بخلاف ما لو كان ناسيا أو جاهلا فلا تبطل صلاته ، وهل يسجد للسهو في هذه الحالة لأن القدوة اختلت بالتلفظ بنية المفارقة أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول للعلة المذكورة .

                                                                                                                            ( قوله : بالقيد المار ) أي بأن لا يحدث جلوس تشهد لم يحدثه إمامه .

                                                                                                                            ( قوله : ليسلم معه وهو الأفضل ) قد يقال كيف يكون أفضل مع حكمه بكراهة الاقتداء ، وقد يجاب بأن سبب ذلك ما في المفارقة من قطع العمل وذلك لا ينافي الكراهة وفوات فضل الجماعة باعتبار معنى آخر ا هـ عميرة .

                                                                                                                            ( قوله : مع أنه يتعين ذلك ) أي حمله على القضاء اللغوي .

                                                                                                                            ( قوله : لاستحالة حقيقة القضاء إلخ ) قد تمنع دلالة هذه الاستحالة على التعين لجواز أن للقضاء شرعا معنى آخر كوقوع الشيء في غير محله وإن كان في وقته ا هـ سم على حج



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : ولو قام المسبوقون أو المقيمون ) أي لتتميم صلاتهم [ ص: 241 ] قوله : وهو الأفضل على قياس ما مر ) انظر ما فائدة هذه الأفضلية مع ما مر من أن الاقتداء في الأثناء مكروه مفوت لفضيلة الجماعة . ثم رأيت الشهاب سم نقل في حواشي المنهج الجواب عن ذلك عن شيخه البرلسي بأن سبب ذلك ما في المفارقة من قطع العمل ، وذلك لا ينافي الكراهة وفوات فضل الجماعة باعتبار معنى آخر ( قوله : فمحمول على القضاء اللغوي ) أي إذ لكن قد يقال هو وإن حملناه على المعنى اللغوي فلفظ ما سبقك يشعر بما فر منه .




                                                                                                                            الخدمات العلمية