الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وشرط الحجر أن لا يجف النجس ) من محله بحيث لا يقلعه الحجر فيتعين الماء ، وأن لا يكون به رطوبة من غير عرق ، أما منه فالأوجه عدم تأثيره خلافا للأذرعي ( ولا ينتقل ) النجس عن الموضع الذي أصابه عند الخروج فيصير كما لو طرأت عليه نجاسة من خارج ( ولا يطرأ ) على المحل المتنجس بالخارج ( أجنبي ) طاهر أو نجس ، وقول الشارح من النجاسات يقال عليه مثله ما إذا ورد عليه شيء من الطاهرات الرطبة ، فإن كانت جافة لم يمتنع الحجر ، وحينئذ فيصح أن يقال خرج النجس الطاهر وفيه تفصيل ، والمفهوم إذا كان فيه تفصيل لا يرد .

                                                                                                                            نعم لو يبس بوله قبل استنجائه ثم بال ثانيا وبل الثاني ما بله الأول جاز الحجر ، [ ص: 149 ] ومثله الغائط المائع فإن جف الخارج أو انتقل أو طرأ نجس آخر تعين الماء ولو استنجى بحجر مبلول لم يصح استنجاؤه لأن بلله يتنجس بنجاسة المحل ثم ينجسه فيتعين الماء ( ولو ندر ) الخارج ( أو انتشر فوق العادة ) أي عادة غالب الناس ( ولم يجاوز صفحته ) إن كان غائطا ( وحشفته ) إن كان بولا ( جاز الحجر ) وما في معناه ( في الأظهر ) في ذلك إلحاقا له لتكرر وقوعه بالمعتاد .

                                                                                                                            والثاني لا بل يتعين الماء فيه لأن جواز الحجر تخفيف من الشارع ورد فيما تعم به البلوى فلا يلحق به غيره ، ولو تقطع الخارج تعين في المنفصل الماء وإن لم يجاوز صفحته ولا حشفته ، فإن تقطع وجاوز بأن صار بعضه باطن الألية أو في الحشفة وبعضه خارجها فلكل حكمه .

                                                                                                                            قيل والأوجه أخذا مما يأتي في الصوم من العفو عن خروج مقعدة المبسور وردها بيده أن من ابتلي هنا بمجاوزته الصفحة أو الحشفة دائما عفي عنه فيجزيه الحجر للضرورة ، وظاهر كلامهم يخالفه إلا أن يحمل على من فقد الماء ( ويجب ) في الاستنجاء بالحجر ليجزي ( ثلاث مسحات ) لما رواه مسلم عن سلمان قال { نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار } ( ولو بأطراف حجر ) إذ المقصود عدد المسحات ، بخلاف رمي الجمار لا يكفي له حجر بثلاثة أطراف عن ثلاث رميات لأن المقصود ثم عدد الرمي وهنا عدد المسحات

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : أن لا يجف ) بالكسر وفتحه لغة ا هـ مختار ( قوله : من محله ) الأولى أن يقول في محله ( قوله : عدم تأثيره ) هل مثل ذلك بلل المحل فيما إذا استنجى بالماء ثم قضى حاجته أيضا قبل جفافه ثم أراد الاستنجاء بالحجر فليتأمل سم على حج ، قال شيخنا الأقرب عدم كونه مثله لأن العرق مما تعم به البلوى بخلاف البلل المذكور ونحوه ، ويشمل ذلك قوله رطوبة من غير عرق ( قوله : أجنبي طاهر ) جاف اختلط بالخارج لما مر في التراب أو رطب ولو ماء لغير تطهيره ا هـ حج .

                                                                                                                            وكتب عليه سم ما نصه : قوله لغير تطهيره إن أراد لغير تطهير المحل بمعنى أنه إذا أراد تطهير المحل بالماء لا يضر وصول ذلك الماء إليه فهذا معلوم لا يحتاج إليه ، وهو ليس مما نحن فيه لأن الكلام في الاستنجاء بالحجر ، وإن أراد لغير تطهير نفسه بمعنى أنه إذا قدم الوضوء على الاستنجاء فأصاب ماء وضوئه المحل بأن تقاطر عليه منه شيء لم يمنع إجزاء الحجر فهو ممنوع مخالف لصريح كلامهم .

                                                                                                                            لا يقال يؤيده قولهم لا يضر الاختلاط بماء الطهارة لأنا نقول : محل ذلك في نجاسة عفي عنها فلم يجب إزالتها ، والنجاسة التي في هذا المحل يجب إزالتها ولا يعفى عنها فيضر اختلاطها بالماء ا هـ .

                                                                                                                            ويمكن أن يقال احترز بقوله لغير تطهيره عما لو تقاطر من وجهه مثلا حال غسله ماء على محل الاستنجاء فلا يضر ، لأنه تولد من مأمور به على نجس معفو عنه ، فأشبه ما لو تساقط على ثوبه الملوث بدم البراغيث ( قوله فإن كانت جافة لم يمتنع الحجر ) ومنها القصب الأملس إذا لم ينقل النجاسة فإنه لا يمنع الحجر بعد استنجائه بالأملس الذي لم ينقل كما قاله حج ( قوله : ثم بال ثانيا ) ظاهر العبارة اعتبار الجنس حتى لو جف بوله ثم خرج منه دم وصل لما وصل إليه بوله لم يجز الحجر ويحتمل خلافه فليتأمل .

                                                                                                                            لا يقال هذا الاحتمال ممتنع لأن الدم طارئ أجنبي فيتعين الماء لأنا نقول : لو صح هذا لزم تعيين الماء إذا خرج الدم قبل الجفاف ، ولا سبيل إليه كما هو ظاهر سم على بهجة ، والمتبادر من كلام الشارح عدم الإجزاء وأفتى الشارح رحمه الله بأن طرو المذي والودي مانع من الإجزاء فليسا كالبول ، ونقل بالدرس عن تقرير شيخنا الزيادي رحمه الله خلافه .

                                                                                                                            أقول : والأقرب ما أفتى به الشارح لاختلافهما ( قوله : وبل الثاني ما بله الأول ) صادق بما إذا زاد عليه [ ص: 149 ] وهو متجه وإن ذكر الأستاذ في الكنز خلافه سم على بهجة .

                                                                                                                            وخرج ببال ثانيا ما لو بال ثم أمنى فتعين الماء لأنه أجنبي عن الأول ا هـ حج ( قوله : فلا يلحق به غيره ) لا يقال الصحيح أن الرخص يدخلها القياس : لأنا نقول : لعل مراده أن شرط القياس لم يوجد ، وذلك لأن غير ما ورد فيه ليس في معناه حتى يلحق به ( قوله : فيجزئه الحجر ) اعتمد ذلك حج ( قوله : وظاهر كلامهم يخالفه ) معتمد كما يأتي عن شرح العباب للشارح ( قوله : إلا أن يحمل إلخ ) يتأمل هذا الحمل حيث قيل بعدم إجزائه مع الماء ، فالقياس أنه يصلي عند الفقد على حسب حاله ويعيد كسائر النجاسات ، وعبارته في شرح العباب : فإن اطردت عادته بالمجاوزة فهو كغيره كما اقتضاه كلامهم ، ويحتمل إجزاء الحجر للمشقة ا هـ .

                                                                                                                            قال شيخنا الشوبري : ما في شرح العباب أوجه ( قوله : ولو بأطراف حجر ) عبارة حج : ولو بطرفي حجر بأن لم يتلوث في الثانية فتجوز هي والثالثة بطرف واحد لأنه إنما خفف النجاسة فلم يؤثر فيه الاستعمال بخلاف الماء ، ولكون التراب بدله أعطي حكمه ا هـ حج .

                                                                                                                            وهو مستفاد من قول الشارح فيما مر بعد قول المصنف قالع ، ودخل فيما ذكر الحجر الثاني والثالث إذا لم يتلوث باستعماله إلخ ، إذ لا فرق بين الحجر المستقل وطرف الحجر الذي مسح به



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : أن لا يجف الخارج ) أي أو بعضه وإلا تعين الماء في الجاف ، وكذا غيره إن اتصل به كما قاله في التحفة ( قوله : فيصير ) أي الموضع ، وظاهر أن الانتقال مانع ولو مع الانفصال كما صدقت به العبارة ( قوله طاهر ) أي رطب بقرينة ما يأتي أي ولم يختلط كما قاله الشهاب ابن حجر ( قوله : فإن كانت جافة ) أي ولم تختلط ( قوله : نعم لو يبس بوله إلخ ) هذا الاستدراك أورده غيره عقب قولالمصنف أن [ ص: 149 ] لا يجف ووجهه ظاهر ، وأما ما صنعه الشارح ، فإنه يقتضي أن البول الثاني أجنبي بالنسبة للأول ، وظاهر أنه ليس كذلك ، وبتسليمه فغير الأجنبي ما هو ( قوله : أو طرأ نجس ) أي أو طاهر رطب : أي أو مختلط ( قوله : فإن تقطع وجاوز إلخ ) لا حاجة إليه ; لأنه إحدى الصورتين الصادق بهما قوله : وإن لم يجاوز صفحته ولا حشفته .

                                                                                                                            وفي بعض النسخ بدل قوله وإن لم يجاوز إلخ ولم يجاوز ، ويتعين أن الواو فيه للحال وعليها فقوله فإن تقطع وجاوز مغاير لما قبله إلا أنه مفهوم منه بالأولى ( قوله : إلا أن يحمل إلخ ) لا يصح أن يكون مرجعه ظاهر كلامهم كما هو ظاهر ، فتعين أن يكون مرجعه قوله عفي عنه ، وحينئذ ففي الكلام تهافت لا يخفى حيث صرح بالاستنجاء ثم أعقبه بقوله وظاهر كلامهم إلخ ، وكل من هاتين الجملتين ساقط في نسخ




                                                                                                                            الخدمات العلمية