الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ولو سافر يوم الجمعة بعد الفجر ثم طرأ عليه جنون أو موت فالظاهر سقوط الإثم عنه ، كما إذا جامع بعد الفجر في نهار رمضان وأوجبنا عليه الكفارة ثم طرأ عليه الموت أو الجنون . ومحل المنع أيضا ما لم يجب السفر فورا ، فإن وجب كذلك كإنقاذ ناحية وطئها الكفار أو أسرى اختطفوهم وظن أو جوز إدراكهم وحج تضيق وخاف فوته فالوجه كما قال الأذرعي أخذا من كلام البندنيجي وغيره وجوب السفر فضلا عن جوازه ( أو يتضرر بتخلفه ) لها ( عن الرفقة ) فلا يحرم دفعا للضرر عنه ، وما اقتضاه كلامه كغيره من أن مجرد انقطاعه عن الرفقة بلا ضرر ليس عذرا هو المعتمد ، وإن قال في المهمات : إن الصواب خلافه لما فيه من الوحشة ، وكما في نظيره من التيمم ، وجزم به في الكفاية إذ الفرق بينه وبين نظيره في التيمم أن الطهر يتكرر في كل يوم وليلة بخلاف الجمعة ، وفرق [ ص: 293 ] بينهما أيضا بأنه يغتفر في الوسائل ما لا يغتفر في المقاصد ( وقبل الزوال ) وأوله الفجر ( كبعده ) في الحرمة ( في الجديد ) لوجوب السعي على بعيد المنزل قبله والجمعة مضافة إلى اليوم فإن أمكنه الجمعة في طريقه أو تضرر بتخلفه جاز ، وإلا فلا ، والقديم ونص عليه في زوائد حرملة من الجديد أنه يجوز لأنه لم يدخل وقت الوجوب وهو الزوال وكبيع النصاب قبل تمام الحول هذا

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ولو سافر يوم الجمعة ) أي على وجه يحرم ( قوله : فالظاهر سقوط الإثم عنه ) أقول : فيه نظر لتعديه بالإقدام في ظنه . ويؤيد عدم السقوط ما لو وطئ زوجته يظن أنها أجنبية ، فإن الظاهر عدم سقوط الإثم بالتبيين ، والفرق بين الكفارة والإثم ظاهر فليتأمل ، اللهم إلا أن يريد بسقوط الإثم انقطاعه لا ارتفاعه من أصله ، وقد يقال : ينبغي سقوط إثم تضييع الجمعة لا إثم قصد تضييعها ا هـ سم على حج ( قوله فإن وجب كذلك ) أي فورا ( قوله : أو يتضرر بتخلفه عن الرفقة ) ليس من التضرر ما جرت به العادة من أن الإنسان قد يقصد السفر في وقت مخصوص لأمر لا يفوت بفوات ذلك الوقت ، ومنه الجماعة الذين يريدون زيارة سيدي أحمد البدوي نفعنا الله به ، فيريدون السفر في يوم الجمعة في مركب السفر فيه يفوت جمعة ذلك اليوم ، لكن يوجد غيره في بقية ذلك اليوم أو فيما يليه [ ص: 293 ] من الأيام على وجه لا يحصل معه التمكن من السفر والزيارة من غير ضرر أو فوات منفعة ، فلا يجوز السفر في الحالة المذكورة ( قوله : كبعده ) بالجر والنصب والأول منقول عن خط المصنف ( قوله والجمعة مضافة إلى اليوم ) أخذ بعضهم من ذلك أنه يحرم النوم بعد الفجر على من غلب على ظنه عدم الاستيقاظ قبل فوات الجمعة ، ومنعه م ر . أقول : وهو ظاهر ويدل له جواز انصراف المعذورين من المسجد قبل دخول الوقت لقيام العذر بهم وفرقوا بينه وبين وجوب السعي على بعيد الدار ، والنوم هنا عذر قائم به كالمرض ، بل أولى لأن المريض بعد حضوره المسجد ولا مشقة عليه في المكث لم يبق له عذر في الانصراف ، بخلاف النوم فإنه قد يهجم عليه بحيث لا يستطيع دفعه ( قوله : حرملة ) اسم رجل



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : فالظاهر سقوط الإثم ) في سقوط إثم الإقدام بما ذكر بحث لا يخفى وبينه الشيخ في الحاشية ، والظاهر أن مراده انقطاع الإثم من حينئذ بقرينة النظير ( قوله : ومحل المنع أيضا ما لم يجب السفر فورا ) أي في حد ذاته لا بالنظر لخصوص يوم الجمعة ، وإلا فالغرض إثبات وجوبه حينئذ فاندفع ما يقال : إذا كان فرض المسألة أنه واجب فكيف يتأتى بحث وجوبه ويرجع إلى تحصيل الحاصل ، فكأنه قال : ومحل المنع إذا لم يجب وإلا فيجب ، وبيان اندفاعه أن الوجوب هنا عام وفيما يأتي [ ص: 293 ] خاص ، أو يقال : معنى وجوب السفر استمرار وجوبه : أي ولا تخلفه الحرمة .




                                                                                                                            الخدمات العلمية