الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ثم شرع في القسم الثاني وهو حكم الاستخلاف وشروطه فقال ( فإذا ) خرج الإمام من الجمعة ، أو غيرها ) من الصلوات ( بحدث ) سهوا ، أو عمدا ( أو غيره ) كتعاطي مبطل [ ص: 348 ] أو رعاف ( جاز ) له وللمأمومين قبل إتيانهم بركن ( الاستخلاف في الأظهر ) ; لأن الصلاة بإمامين بالتعاقب جائزة كما أن أبا بكر كان إماما فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فاقتدى به أبو بكر والناس ، وقد استخلف عمر حين طعن رواه البيهقي ، وإذا جاز هذا فيمن لم تبطل صلاته ففي من بطلت بالأولى لضرورته إلى الخروج منها واحتياجهم إلى إمام ، واستخلافهم أولى من استخلافه لأن الحظ في ذلك لهم ، ولو تقدم واحد بنفسه جاز ومقدمهم أولى منه إلا أن يكون راتبا ، فظاهر أنه أولى من مقدمهم ومن مقدم الإمام ، ولو قدم الإمام واحدا وتقدم آخر كان مقدم الإمام أولى ، فلو لم يتقدم أحد وهم في الركعة الأولى من الجمعة لزمهم الاستخلاف منهم لإدراك الجمعة ، فإن كانوا في الثانية وأتموها جمعة فرادى جاز ، ولا يلزمهم الاستخلاف لإدراكهم ركعة مع الإمام ، [ ص: 349 ] ولو قدم الإمام واحدا في الركعة الأولى من الجمعة قال ابن الأستاذ : فالظاهر أنه لا يجب عليه أن يمتثل ، ويحتمل أن يجب لئلا يؤدي إلى التواكل وهو الأوجه حيث غلب على ظنه ذلك ، أما إذا فعلوا ركنا فإنه يمتنع عليهم الاستخلاف بعده كما نقلاه عن الإمام وأقراه ، ولا يستخلف إلا من يكون صالحا للإمامة لا امرأة ومشكلا للرجال ، ولم يتعرض له المصنف هنا اكتفاء بما قدمه في صلاة الجماعة ، وحيث امتنع الاستخلاف أتم القوم صلاتهم فرادى إن كان الحدث في غير الجمعة ، فإن كان فيها فقد مر ، ومقابل الأظهر وهو قديم عدم جواز الاستخلاف مطلقا ; لأنها صلاة واحدة فيمتنع فيها ذلك كما لو اقتدى بهما معا .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وقد استخلف عمر ) أي عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ا هـ شيخ عميرة ( قوله : فيمن لم تبطل صلاته ) وذلك في قصة أبي بكر .

                                                                                                                            ( قوله : ومقدمهم أولى ) أي أحق منه : أي ممن تقدم بنفسه ( قوله : إلا أن يكون ) أي من تقدم بنفسه ( قوله : كان مقدم الإمام أولى ) أي فيجب على المأمومين متابعته ، ويمتنع عليهم الاقتداء بالآخر سواء كانوا في الركعة الأولى أو في الثانية ، وخرج به ما لو قدم الإمام واحدا وهم واحد فمقدمهم أولى كما يشعر به قوله : واستخلافهم أولى ، وبه صرح شيخنا الزيادي في بعض الهوامش الصحيحة ، وعبارته : فرع : لو استخلف الإمام واحدا واستخلفوا آخر فمن عينوه أولى ا هـ .

                                                                                                                            وعبارة سم على منهج : فرع : مقدم القوم أولى من مقدم الإمام إلا الإمام الراتب فمقدمه أولى م ر ا هـ .

                                                                                                                            ( قوله : لزمهم الاستخلاف منهم ) أي فورا وفي سم على منهج لو انقسموا فرقتين حينئذ وكل فرقة استخلف واحدا فينبغي الامتناع ; لأن فيه تعدد الجمعة فليتأمل ا هـ : أي ثم إن تقدما معا لم تصح الجمعة لواحد منهما ، وإن ترتبا صحت للأول .

                                                                                                                            وقول سم : فينبغي الامتناع إلخ ما ترجاه صرح به في الإمداد وعبارته : ويجوز كما في التحقيق والمجموع خلافا للإمام وغيره أن يتقدم اثنان فأكثر يصلي كل بطائفة إلا في الجمعة لامتناع تعددها إلخ ا هـ .

                                                                                                                            فقوله إلا في الجمعة صريح في امتناع تعدد الخليفة فيها دون غيرها .

                                                                                                                            وكتب عليه شيخنا الشوبري امتناع تعددها ، والحالة ما ذكر فيه نظر ; لأن الخليفة وإن تعدد في الصورة فهو نائب عن الإمام الأول فلا تعدد ، ويؤيده عدم وجوب تجديد النية اكتفاء بالنية الأولى من الإمام والجري على نظم صلاته ا هـ .

                                                                                                                            وقد يقال ما ذكره من التأييد قد يقتضي خلاف ما نظر به ; لأن عدم تجديد النية يقتضي تنزيله منزلة الأصلي وهو لا يجوز تعدده ، فكذا من قام مقامه ، على أن ما ذكر من التعدد يقتضي تصييرها كجمعتين حقيقة لجواز أن يسرع إمام إحدى الطائفتين ويتأخر الآخر كأن يطول بالقراءة ، وهذا تعدد صوري بلا شك ، وإذا قلنا بصحة التعدد فقد ينقص كل من الطائفتين عن الأربعين ويفرغ إمام إحداهما مع بقاء الآخر في قيام الأولى مثلا فتبقى الركعة الأولى لهؤلاء ناقصة عن العدد المشروط [ ص: 349 ] قوله : ولو قدم الإمام واحدا ) أي طلب منه أن يتقدم ( قوله حيث غلب على ظنه ذلك ) أي التواكل .

                                                                                                                            ( قوله : أما إذا فعلوا ركنا ) ومثله ما لو طال الزمن وهم سكوت بقدر مضي ركن وقوله ركنا : أي فعليا أو قوليا ا هـ

                                                                                                                            زيادي ( قوله : فإنه يمتنع عليهم الاستخلاف بعده ) أي ثم إن كان ذلك في الركعة الثانية أتموا فرادى ، أو في الأولى استأنفوا جمعة ( قوله : لا امرأة ومشكلا للرجال ) خرج به النساء فيجوز تقدم واحدة منهن إذا كان الاستخلاف في الثانية .

                                                                                                                            وعبارة حج : فلو أتم الرجال حينئذ منفردين وقدم النسوة امرأة منهن جاز كما يفهمه تعبير الروضة بصلاحية المقدم لإمامة القوم : أي الذي يقتدون به وإن لم يصلح لإمامة الجمعة ، إذ لو أتممن فرادى جاز ففي الجماعة أولى .

                                                                                                                            ( قوله : وحيث امتنع الاستخلاف ) أي بأن طال الفصل ( قوله : فإن كان فيها قد مر ) أي وهو أن تبطل الصلاة في الركعة الأولى ويتمونها فرادى إن كان في الركعة الثانية



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 348 ] قوله : كما أن أبا بكر كان إماما إلخ ) غرضه منه بيان جواز الصلاة بإمامين بالتعاقب لا الاستدلال على الاستخلاف إذ لا استخلاف في قصة أبي بكر لانتفاء شرطه ، وتقدم الكلام عليه في صلاة الجماعة ( قوله : وإذا جاز هذا ) أي الصلاة بإمامين على التعاقب ، وكان الأولى تقديم هذا عقب قصة أبي بكر ، ثم إن هذا صريح في أنه يجوز للإمام أن يتأخر ويقدم آخر مع بقائه في الصلاة ، وهو خلاف ما صرح به الشيخان في باب صلاة المسافر نقلا عن المحاملي لكن محل الشهاب حج عدم الصحة على ما لو استخلف مع بقائه على الإمامة .




                                                                                                                            الخدمات العلمية