الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وتسن جماعة ) بنصبه على التمييز المحول عن نائب الفاعل : أي تسن الجماعة فيها للاتباع ، ولا يقال إنه منصوب على الحال لاقتضائه [ ص: 408 ] تقييد الاستحباب بحالة الجماعة وهو غير مراد . قيل ويمكن أن يقال بصحته أيضا ، وذلك الإيهام منتف بقوله أولا هي سنة الظاهر في سنها للمنفرد أيضا ، وهو ممنوع ، بل الإيهام يقل فقط ولا يندفع ، ويصح رفعه بتقدير : أي تسن الجماعة فيها وينادى لها : الصلاة جامعة كما علم مما مر . ويستحب للنساء غير ذوات الهيئة الصلاة مع الإمام وذوات الهيئات يصلين في بيوتهن منفردات ، فإذا اجتمعن فلا بأس . وتسن صلاتها في الجامع كنظيره في العيد ( ويجهر ) الإمام والمنفرد استحبابا ( بقراءة ) صلاة ( كسوف القمر ) لأنها صلاة ليلية ، أو ملحقة بها ( لا الشمس ) بل يسر فيها ; لأنها نهارية ، وجمع في المجموع بين ما صح عن عائشة من جهره صلى الله عليه وسلم في صلاة الخسوف بقراءته ، وما صح من إسراره في الكسوف بأن الإسرار في كسوف الشمس والجهر في كسوف القمر ( ثم ) ( يخطب الإمام ) ندبا بعد صلاتها للاتباع من غير تكبير كما بحثه ابن الأستاذ ( خطبتين بأركانهما ) وسننهما ( في الجمعة ) قياسا عليها ، فلا تجزئ خطبة واحدة ولا تعتبر فيها الشروط كما في العيد . نعم يعتبر لأداء السنة الإسماع والسماع وكون الخطبة عربية على ما مر ( ويحث ) فيهما السامعين ( على التوبة ) من الذنوب مع تحذيرهم من الغفلة والتمادي في الغرور ( و ) على فعل ( الخير ) كعتق وصدقة ودعاء واستغفار . ويسن الغسل كما علم بما مر في الجمعة لا التنظف بحلق وقلم كما صرح به بعض فقهاء اليمن لضيق الوقت ; ولأنه حالة سؤال وذلة ، وعلى قياسه أن يكون في ثياب بذلة ومهنة وإن لم يصرحوا به فيما علمت كما سيأتي في الباب الآتي ما يؤيده ، ويستثنى من استحباب الخطبة ما قاله الأذرعي تبعا للنص أنه لو صلى ببلد وبه وال فلا يخطب الإمام إلا بأمره وإلا فيكره ، ويأتي مثله في الاستسقاء ، وهو ظاهر حيث لم يفوض السلطان ذلك لأحد بخصوصه وإلا لم يحتج لإذن أحد ، وذكره فعل الخير بعد التوبة من باب العام بعد الخاص لمزيد الاهتمام بشأنه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : قيل ويمكن ) قائله حج ( قوله : أي تسن الجماعة فيها ) بيان للتقدير ( قوله : كنظيره في العيد ) قضيته أنه لو ضاق بهم المسجد خرجوا إلى الصحراء ، وقال سم على حج : قوله بالمسجد إلا لعذر إلخ . قال في العباب : وبالمسجد وإن ضاق ا هـ . وسكت عليه في شرحه .

                                                                                                                            وعبارة شرح الإرشاد : دون الصحراء وإن كثر الجمع ا هـ . وقوله هنا إلا لعذر لم يذكره في شرح الروض ولا في العباب ولا في شرحه ولا في شرح الإرشاد ا هـ . ويمكن توجيه قوله وإن ضاق بأن الخروج إلى الصحراء قد يؤدي إلى فواتها بالانجلاء ( قوله : ثم يخطب الإمام ندبا بعد صلاتها ) أي فلو قدمها على الصلاة هل يعتد بها أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الثاني ، ثم رأيت فيما يأتي آخر الاستسقاء عن شيخنا الشوبري التصريح بأنها كالعيد ، ثم رأيت في العباب هنا أيضا ما نصه : ولا يجزيان : أي الخطبتان قبل الصلاة ولا خطبة فردة ا هـ ( قوله وسننهما ) ومعلوم أنه لا تكبير هنا ، وهل يحسن أن يأتي بدله بالاستغفار قياسا على الاستسقاء أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول ; لأن صلاته مبنية على التضرع والحث على التوبة ، والاستغفار من أسباب الحمل على ذلك ، وعبارة الناشري يحسن أن يأتي بالاستغفار إلا أنه لم يرد فيه نص ا هـ ( قوله : وكون الخطبة عربية ) أي من أنه يشترط ذلك لأداء السنة وقدمنا فيه كلاما يأتي نظيره هنا ، وتقدم أيضا عن الجرجاني أنه يشترط في خطبة العيد شروط الجمعة فهل قال بذلك هنا أو لا ؟ فليراجع ، وقياس ما قال به في العيد أن يقول بمثله هنا ، ويوجه كل منهما بأنه أقرب إلى حصول المقصود من التعظيم ، وإظهار الشعار ، وكون الخطبة فيهما عبادة مطلوبة ( قوله : فلا يخطب ) أي لا يسن .




                                                                                                                            الخدمات العلمية