الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            [ ص: 413 ] باب صلاة الاستسقاء

                                                                                                                            هو لغة : طلب السقيا ، وشرعا : طلب سقيا العباد من الله تعالى عند الحاجة إليها ، يقال سقاه وأسقاه بمعنى غالبا . والأصل في الباب قبل الإجماع الاتباع ، رواه الشيخان وغيرهما واستأنسوا له بقوله تعالى { وإذ استسقى موسى لقومه } الآية ( هي سنة ) مؤكدة لمقيم ولو بقرية ، أو بادية ومسافر ولو سفر قصر لاستواء الجميع في الحاجة ، وإنما لم تجب لما مر في العيد وهي ثلاثة أنواع ثابتة بالأخبار الصحيحة أدناها يكون بالدعاء مطلقا فرادى ، أو مجتمعين ، وأوسطها يكون بالدعاء خلف الصلوات ولو نافلة كما في البيان عن الأصحاب وفي خطبة الجمعة ونحو ذلك ، وإن وقع للمصنف في شرح مسلم تقييده بالفرائض ، وأفضلها أن يكون بالصلاة والخطبة وسيأتي بيانهما وإنما تطلب ، ( عند الحاجة ) كانقطاع الماء أو ملوحته ، أو قلته بحيث لا يكون كافيا ، وعلم منه عدم سنها عند انقطاع الماء ونحوه ، والحاجة غير داعية إليه في ذلك الوقت ، وبه جزم الرافعي وشمل إطلاقه الحاجة [ ص: 414 ] ما لو احتاجت طائفة من المسلمين إلى الماء فيستحب لغيرهم أن يصلوا ويستسقوا لهم ويسألوا الزيادة لأنفسهم للاتباع ، رواه ابن ماجه ; ولأن المؤمنين كالعضو الواحد إذا اشتكى بعضه اشتكى كله وصح { دعوة المرء لأخيه بظهر الغيب مستجابة عند رأسه ملك موكل ، كلما دعا لأخيه قال الملك الموكل به : آمين ولك بمثل } وهو مقيد كما قاله الأذرعي بأن لا يكون ذلك الغير ذا بدعة وضلالة وبغي وإلا لم يندب زجرا له وتأديبا ; ولأن العامة تظن بالاستسقاء لهم حسن طريقتهم والرضا بها وفيها مفاسد .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 413 ] باب صلاة الاستسقاء

                                                                                                                            ( قوله : صلاة الاستسقاء ) أي وما يتبع ذلك ككراهة سب الريح ( قوله : هو لغة طلب السقيا ) وهي اسم من سقاه . قال في المصباح : سقيت الزرع سقيا وأسقى بالألف لغة ، ومنهم من يقول سقيته وأسقيته : دعوت له فقلت سقيا لك ، وفي الدعاء " سقيا رحمة ولا سقيا عذاب " على فعلى بالضم : أي اسقنا غيثا فيه نفع بلا ضرر ولا تخريب ا هـ ( قوله : وشرعا طلب سقيا العباد ) أي كلا أو بعضا ( قوله : بمعنى غالبا ) أي في أكثر اللغات ، وقيل يقال سقاه لشفته وأسقاه لماشيته وأرضه ا هـ مختار . وقيل سقاه لشفته وأسقاه إذا دله على الماء . وقيل سقاه إذا ناوله الماء ليشرب وأسقاه إذا جعل له سقيا ا هـ شرح روض بالمعنى ( قوله : والأصل في الباب ) أي في الجملة فلا ينافي أن بعض أنواعه مختلف فيه ( قوله : واستأنسوا له إلخ ) إنما قال ذلك ; لأن شرع من قبلنا ليس شرعا لنا وإن ورد في شرعنا ما يقرره ( قوله : لمقيم ) أي ولو عاصيا بإقامته ( قوله ولو سفر قصر ) ظاهره ولو كان عاصيا بسفره ، ولا مانع منه ; لأن المقصود منه الدعاء وهو كما يكون من المطيع يكون من العاصي ( قوله وإنما لم يجب لما مر ) أي من قوله والصارف عن الوجوب خبر هل على غيرها . . إلخ ( قوله مطلقا ) أي خلق الصلوات أو لا ( قوله : ولو نافلة ) أي وصلاة جنازة لا سجدة تلاوة وشكر ( قوله بالصلاة والخطبة ) انظر لو نذر الاستسقاء فهل يخرج عن عهدة النذر بإحدى الكيفيات المذكورة أو يحمل نذره على الكيفية الكاملة ; لأن إطلاق الاستسقاء على الدعاء بنوعيه صار كالاستعمال المهجور فحمل اللفظ منه عند الإطلاق على المشهور منها وهو الأكمل ؟ فيه نظر ، والأقرب الثاني فلا يبرر بمطلق الدعاء ولا به خلف الصلوات ( قوله : عند الحاجة ) أي ناجزة أو غيرها ، كأن طلب عند عدم الماء عند عدم الحاجة إليه حالا حصوله بعد مدة يحتاجون فيها إليه كأن طلب في زمن الصيف حصوله في زمن الشتاء ( قوله : أو ملوحته ) ألحق به بعضهم بحثا عدم طلوع الشمس المعتاد ; لأن عدمها يؤدي إلى عدم نمو الزرع ، [ ص: 414 ] والأوجه عدم الإلحاق بل هو من قسم الزلازل والصواعق الآتي فتسن له الصلاة فرادى على الوجه الآتي ( قوله : فيستحب لغيرهم ) أي وإن لم يصلوهم ( قوله : بظهر الغيب ) لفظ ظهر مقحمة والباء بمعنى في ، قيل والمراد بظهر الغيب : أن يدعو لا عن وجه يرجو معه بلوغ الدعاء للمدعو له ( قوله : ملك موكل ) أي به ( قوله ولك بمثل ) أي بمثله ثم رأيت في نسخة صحيحة بمثله ( قوله : وهو مقيد ) أي قوله وشمل إطلاقه إلخ ( قوله : ذا بدعة ) أي وإن لم يكفر بها بل وإن لم يفسق بها وبقي ما لو احتاجت طائفة من أهل الذمة وسألوا المسلمين في ذلك ، فهل ينبغي إجابتهم أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول وفاء بذمتهم ، ولا يتوهم مع ذلك إن فعلنا ذلك لحسن حالهم ; لأن كفرهم محقق معلوم ، وتحمل إجابتنا لهم على الرحمة بهم من حيث كونهم من ذوي الروح ، بخلاف الفسقة والمبتدعة .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 412 - 413 ] باب صلاة الاستسقاء ( قوله : لما مر في العيد ) ومر ما فيه ( قوله : وهي ثلاثة أنواع ) الصواب وهو أي الاستسقاء إذ الصلاة لا تنقسم إلى صلاة وغيرها .




                                                                                                                            الخدمات العلمية