الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وليحسن ) المريض ندبا ( ظنه بربه ) سبحانه وتعالى لخبر مسلم { لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى } أي يظن أنه يرحمه ويعفو عنه وخبر الصحيحين { أنا عند ظن عبدي بي } ويحصل ذلك بتدبر الآيات الواردة بسعة الرحمة والمغفرة والأحاديث ، ويندب للحاضرين أن يحسنوه ويطمعوه في رحمته تعالى ، وبحث الأذرعي وجوبه إذا رأوا منه أمارات اليأس والقنوط ، إذ قد يفارق على ذلك فيهلك فتعين عليهم ذلك أخذا من قاعدة النصيحة الواجبة وهذا الحال من أهمها وما ذكره ظاهر ، والأظهر كما في [ ص: 439 ] المجموع في حق الصحيح استواء خوفه ورجائه ; لأن الغالب في القرآن ذكر الترغيب والترهيب معا ، وفي الإحياء : إن غلب داء القنوط فالرجاء أولى ، أو داء أمن المكر فالخوف أولى ، وإن لم يغلب واحد منهما استويا ، قيل وينبغي حمل كلام المجموع على هذه الحالة ، أما المريض غير المحتضر فالمعتمد فيه أنه كالمحتضر فيكون رجاؤه أغلب من خوفه كما مر ، والظن ينقسم في الشرع إلى واجب ومندوب وحرام ومباح ، فالواجب حسن الظن بالله تعالى والحرام سوء الظن به تعالى وبكل من ظاهره العدالة من المسلمين ، والمباح الظن بمن اشتهر بين المسلمين بمخالطة الريب والمجاهرة بالخبائث ، فلا يحرم ظن السوء به ; لأنه قد دل على نفسه كما أن من ستر على نفسه لم يظن به إلا خير ، ومن دخل مدخل السوء اتهم ، ومن هتك نفسه ظننا به السوء ، ومن الظن الجائز بإجماع المسلمين ما يظن الشاهد أن في التقويم وأروش الجنايات وما يحصل بخبر الواحد في الأحكام بالإجماع ويجب العمل به قطعا والبينات عند الحكام .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وليحسن المريض ) أي وإن لم يكن مرضه مخوفا ، ويحسن بضم الياء وسكون الحاء وكسر السين مخففة وبضمها أيضا وفتح الحاء وتشديد السين كما يؤخذ من القاموس ( قوله : إلا وهو يحسن الظن ) وفي ثقات ابن حبان أن بعض السلف سئل عن معناه فقال : معناه أنه لا يجمعه والفجار في دار واحدة . وقال الخطابي : معناه أحسنوا أعمالكم حتى يحسن ظنكم بربكم ، من حسن عمله حسن ظنه بربه ، ومن ساء عمله ساء ظنه ا هـ من تخريج العزيز [ ص: 439 ] قوله : استواء خوفه ) أي الأليق به ذلك ( قوله : فالواجب حسن الظن بالله ) بأن لا يظن به سوءا كنسبته لما لا يليق به ( قوله : والمباح الظن إلخ ) لم يذكر المندوب مع أنه ذكره في الإجمال للتصريح به في عبارة المصنف ، ولعل المراد به أنه يستحضر أن الله تعالى يغفر له ويدخله الجنة ونحو ذلك ، فلا ينافي أن حسن الظن بالله سبحانه واجب لما قدمنا أن المراد به أن لا يظن به سوء ، ولم يذكر المكروه أيضا ولعله لعدم تأتيه وقد يصور بأن ظن في نفسه أن الله تعالى لا يرحمه لكثرة ذنوبه هذا ، وقوله فلا يحرم ظن السوء به يقال عليه بأن عدم حرمة ظن السوء لا يستلزم إباحة ظن السوء بمن اتصف بذلك .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 439 ] قوله : فالواجب حسن الظن بالله ) انظره مع قوله المار في غضون المتن ندبا ، وما في حاشية الشيخ لا يخلو عن وقفة ولعل مراد الشارح بحسن الظن الواجب عدم اليأس من رحمة الله إذ اليأس منها من الكبائر ( قوله : والحرام ) سكت عن المندوب ، وفي الدميري : والمندوب حسن الظن بمن ظاهره العدالة من المسلمين .




                                                                                                                            الخدمات العلمية