الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويجلسه الغاسل على المغتسل ) برفق ( مائلا إلى ورائه ) قليلا ليسهل خروج ما في بطنه ( ويضع يمينه على كتفه وإبهامه في نقرة قفاه ) لئلا تميل رأسه ( ويسند ظهره إلى ركبته اليمنى ) لئلا يسقط ( ويمر يساره على بطنه إمرارا بليغا ) أي مكررا المرة بعد المرة مع نوع تحامل لا مع شدة ; لأن احترام الميت واجب ، قاله الماوردي ( ليخرج ما فيه ) من الفضلات خشية من خروجها بعد غسله ، أو تكفينه ، وتكون المبخرة حينئذ متقدة بالطيب كالعود والمعين مكثرا لصب الماء ليخفي ريح الخارج ، بل في المجموع عن بعض الأصحاب يسن أن يبخر عنده من حين الموت ، لاحتمال ظهور شيء فتغلبه رائحة البخور ( ثم يضجعه لقفاه ) أي مستلقيا كما كان أولا ( ويغسل بيساره وعليها خرقة ) ملفوفة بها ( سوأتيه ) أي قبله ودبره وكذا ما حولها ، كما يستنجي الحي بعد قضاء حاجته ، والأولى خرقة لكل سوأة على ما قاله الإمام والغزالي ، ورد بأن المباعدة عن هذا المحل أولى ، [ ص: 445 ] ولف الخرقة واجب لحرمة مس شيء من عورته بلا حائل .

                                                                                                                            ( ثم يلف ) خرقة ( أخرى ) على يده اليسرى بعد أن يلقي الأولى ويغسل يده بماء وأشنان ، أو نحوه إن تلوثت كما قاله الرافعي ( ويدخل أصبعه ) السبابة ( فمه ) كما بحثه الشيخ من اليسرى كما صرح به الخوارزمي واعتمده الإسنوي وغيره وتكون مبلولة بالماء ، ويؤيده أن المتوضئ يزيل ما في أنفه بيساره ، وفارق الحي حيث يتسوك باليمنى للخلاف ، ولأن القذر ثم لا يتصل باليد بخلافه هنا ، ولا يفتح أسنانه لئلا يسبق الماء لجوفه فيسرع فساده ( ويمرها على أسنانه ) كما في الحي ( ويزيل ) بأصبعه الخنصر مبلولة بماء ( ما في منخريه ) بفتح الميم أشهر من كسرها وبكسر الخاء ( من أذى ) كما في مضمضة الحي واستنشاقه ( ويوضئه ) بعد ما تقدم ( كالحي ) ثلاثا ثلاثا بمضمضة واستنشاق ، ويميل رأسه فيهما كي لا يسبق الماء جوفه ، ومن ثم لم يندب فيهما مبالغة كما قاله الماوردي ، ولا يكفي عنهما ما مر آنفا ; لأنه كالسواك وزيادة في التنظيف ، ويتبع بعود لين ما تحت أظفاره إن لم يقلمها ، وظاهر أذنيه وصماخيه ، والأولى كما يفيده كلام السبكي أن يكون ذلك في أول غسله بعد تليينها بالماء ليتكرر غسل ما تحتها .

                                                                                                                            والأوجه كما بحثه الزركشي أنه ينوي بالوضوء الوضوء المسنون كما في الغسل ( ثم يغسل رأسه ، ثم لحيته بسدر ونحوه ) كخطمي ، والسدر أولى ; لأنه أمسك للبدن وأقوى للجسد وللنص عليه في الخبر ( ويسرحهما ) أي شعر رأسه ولحيته إن تلبد فهو شرط لتسريحهما مطلقا كما هو ظاهر كلام المجموع وغيره ، وجرى عليه جماعات وهو المعتمد ، والأوجه كما هو قضية كلامهم تقديم تسريح [ ص: 446 ] الرأس على اللحية تبعا للغسل ، ونقله الزركشي عن بعضهم ( بمشط ) بضم الميم وكسرها مع إسكان الشين وبضمها مع الميم لإزالة ما فيهما من سدر ووسخ كما في الحي ( واسع الأسنان ) لئلا ينتتف الشعر ( برفق ) ليعدم الانتتاف ، أو يقل ( ويرد المنتتف إليه ) استحبابا بأن يضعه في كفنه ليدفن معه إكراما له ، وقيل يجعل وسط شعره وأما دفنه فسيأتي .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : مع نوع تحامل ) أي قليل ( قوله : لا مع شدة ) أي بحيث لو كان حيا لأضره التحامل ا هـ كذا بهامش عن الشيخ صالح البلقيني ( قوله : لاحتمال ظهور شيء ) يؤخذ من ذلك أنه لو كان في محل وحده لا يسن ذلك ما دام وحده إلا أن يقال : الملائكة تحضر عند الميت فتنزل الرحمة عندهم وهم يتأذون بالرائحة الخبيثة ، فلا فرق بين كونه خاليا أو لا ( قوله ثم يضجعه لقفاه ) في تعبيره بالاضطجاع تجوز وحقيقته أن يلقيه على قفاه ففي المختار : ضجع الرجل وضع جنبه بالأرض وبابه قطع وخضع فهو ضاجع وأضجع [ ص: 445 ] مثله وأضجعه غيره ( قوله لحرمة مس شيء من عورته ) أي ولو من أحد الزوجين ، ثم رأيت حج صرح بذلك حيث قال بعد قوله بلا حائل : حتى بالنسبة لأحد الزوجين ا هـ . لكن نقل سم على حج عن الشارح فيما يأتي تقييد الوجوب بغير الزوجين ا هـ . ويتوقف فيه بما يأتي من قول الشارح بعد قول المصنف ويلفان خرقة ولا مس من قوله لا يقال هذا مكرر مع ما مر من لف الخرقة ، إلى أن قال : فقد قيل ذاك في لف واجب وهو شامل لهما وسيأتي ما فيه ( قوله : ثم يلف ) من باب رد ( قوله : ولا يفتح أسنانه ) أي يسن أن لا يفتح أسنانه ، فلو خالف وفتح فإن عد إزراء أو وصل الماء لجوفه حرم وإلا فلا نعم لو تنجس فمه وكان يلزمه طهره لو كان حيا وتوقف على فتح أسنانه اتجه فتحها وإن علم سبق الماء إلى جوفه ( قوله : وبكسر الخاء ) وقيل بفتحهما ، وقيل بضمهما ، وقيل بكسرهما ا هـ حج . وهذه الأخيرة قد تستفاد من قول الشارح بفتح الميم أشهر من كسرها ا هـ ( قوله : ولا يكفي عنهما ) أي المضمضة والاستنشاق ( قوله ما مر آنفا ) أي في قول المصنف ويدخل أصبعه إلخ ( قوله : ويتبع بعود ) أي وجوبا إن علم أن تحتها ما يمنع من وصول الماء وإلا فندبا ، ولا فرق في حصول المقصود بما ذكر بين كون الميت عظيما أو لا ( قوله : إنه ينوي ) أي وجوبا ( قوله : الوضوء المسنون ) يفيد أنه لا بد في وضوء الميت من النية بخلاف الغسل ( قوله : ويسرحهما ) أي بعد غسلهما جميعا ، ويظهر أن هذا هو الأكمل ، فلو غسل رأسه ثم سرحها وفعل هكذا في اللحية حصل أصل السنة ( قوله إن تلبد ) مفهومه أنه إذا لم يتلبد لا يسن . وينبغي أن يكون مباحا ( قوله : لتسريحهما مطلقا ) انظر معنى الإطلاق ، ولعل المراد به أنه لا فرق بين كونه محرما وغيره ، وأن مقابل المعتمد يفصل بين المحرم وغيره ، ويحتمل أن المراد بالإطلاق سواء كان واسع الأسنان أو لا وهو الذي اقتضاه كلام الروض [ ص: 446 ] قوله : بضم الميم ) عبارة القاموس : المشط مثلثة وككتف وعنق وعتل ومنبر آلة يمتشط بها ا هـ . وقوله ومنبر : أي فيقال فيه ممشط .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 443 - 444 ] قوله : ورد بأن المباعدة عن هذا المحل أولى ) عبارة شرح الروض : والجمهور رأوا أن الإسراع في هذا المحل والبعد عنه أولى [ ص: 445 ] قوله : كما بحثه الشيخ ) راجع إلى التقييد بالسبابة وكان الأولى ذكره عقبه ( قوله : بفتح الميم أشهر من كسرها وبكسر الخاء ) في التحفة بفتح أوله وثالثه وكسرهما وضمهما وبفتح ثم كسر وهي أشهر ( قوله : وظاهر أذنيه وصماخيه ) انظر هذا معطوف على ماذا ومثله في الإمداد ( قوله : فهو شرط لتسريحهما مطلقا ) أي سواء في ذلك المشط واسع الأسنان وغيره : أي خلافا للإمداد من جعل التلبد شرطا لسن واسع الأسنان فقط




                                                                                                                            الخدمات العلمية