الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويسن رفع يديه في التكبيرات ) الأربع حذو منكبيه ووضعهما بعد كل تكبيرة تحت صدره كغيرها من الصلوات ( وإسرار القراءة ) للفاتحة ولو ليلا كثالثة المغرب يجامع عدم مشروعية السورة وما ورد في خبر ابن عباس من أنه يجهر بالقراءة .

                                                                                                                            أجيب عنه بأن خبر أبي أمامة أصح منه ، وقوله فيه : إنما جهرت ( لتعلموا أنها سنة ) قال في المجموع يعني لتعلموا أن القراءة مأمور بها ( وقيل يجهر ليلا ) أي بالفاتحة خاصة ; لأنها صلاة ليل أما الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم والدعاء فيندب الإسرار بهما اتفاقا ، واتفقوا على جهره بالتكبير والسلام : أي الإمام أو المبلغ لا غيرهما نظير ما مر في الصلاة كما هو ظاهر ، فتقييد المصنف بالقراءة : أي الفاتحة لأجل الخلاف ( والأصح ندب التعوذ ) لكونه سنة للقراءة فاستحب كالتأمين ولقصره ، ويسر به قياسا على سائر الصلوات ( دون الافتتاح ) والسورة لطولهما .

                                                                                                                            والثاني نعم كالتأمين ، وشمل ذلك ما لو صلى على قبر أو غائب ، وهو كذلك كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى في فتاويه لبنائها على التخفيف خلافا لابن العماد ( ويقول ) استحبابا ( في الثالثة : اللهم هذا عبدك وابن عبدك إلى آخره ) المذكور في المحرر وغيره وتركه لشهرته وتتمته : خرج من روح الدنيا وسعتها بفتح أولهما أي نسيم [ ص: 476 ] ريحها واتساعها ومحبوبه وأحبائه فيها : أي ما يحبه ومن يحبه إلى ظلمة القبر وما هو لاقيه كان يشهد أن لا إله إلا أنت وأن محمدا عبدك ورسولك وأنت أعلم به .

                                                                                                                            اللهم إنه نزل بك : أي هو ضيفك ، وأنت أكرم الأكرمين وضيف الكرام لا يضام ، وأنت خير منزول به ، وأصبح فقيرا إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه ، وقد جئناك راغبين إليك شفعاء له .

                                                                                                                            اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه ، وإن كان مسيئا فتجاوز عنه ، ولقه : أي أعطه برحمتك رضاك ، وقه فتنة القبر وعذابه وأفسح له في قبره ، وجاف الأرض عن جنبيه ولقه برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين .

                                                                                                                            جمع ذلك الشافعي رضي الله عنه من الأخبار واستحسنه الأصحاب وفي بعض نسخ الروضة ومحبوبها ، وكذا في المجموع .

                                                                                                                            والمشهور في محبوبه وأحبائه الجر ويجوز رفعه بجعل الواو للحال ، وروى مسلم عن عوف بن مالك قال { صلى النبي صلى الله عليه وسلم على جنازة فسمعته يقول : اللهم اغفر له وارحمه واعف عنه وعافه ، وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بماء وثلج وبرد ، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه ، وقه من [ ص: 477 ] فتنة القبر وعذاب النار } قال عوف : فتمنيت أن أكون أنا الميت هذا إن كان الميت بالغا ذكرا ، فإن كان بالأنثى عبر بالأمة وأنث ما يعود إليها وإن ذكر بقصد الشخص لم يضر وإن كان خنثى .

                                                                                                                            قال الإسنوي : المتجه التعبير بالمملوك ونحوه .

                                                                                                                            قال : فإن لم يكن للميت أب بأن كان ولد زنا فالقياس أنه يقول فيه وابن أمتك ا هـ .

                                                                                                                            والقياس أنه لو لم يعرف للميت ذكورة ولا أنوثة يعبر بالمملوك ونحوه ، وأنه لو صلى على جمع معا يأتي فيه بما يناسبه ، فلو قال في ذلك اللهم هذا عبدك ؟ بتوحيد المضاف واسم الإشارة صحت صلاته كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ، إذ لا اختلال في صيغة الدعاء .

                                                                                                                            أما اسم الإشارة فلقول أئمة النحاة إنه قد يشار بما للواحد للجمع كقول لبيد :

                                                                                                                            ولقد سئمت من الحياة وطولها وسؤال هذا الناس كيف لبيد

                                                                                                                            ولما مر عن الفقهاء من جواز التذكير في الأنثى وعكسه على إرادة الشخص .

                                                                                                                            وأما لفظ العبد فلأنه مفرد مضاف لمعرفة فيعم أفراد من أشير إليه ، وأما الصغير فسيأتي ما يقال فيه ( ويقدم عليه ) استحبابا : أي على الدعاء المار ( : اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا . اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان )

                                                                                                                            رواه أبو داود والترمذي وغيرهما ، وزاد غير الترمذي : لا تحرمنا أجره ولا [ ص: 478 ] تفتنا بعده .

                                                                                                                            وقدم هذا لثبوت لفظه في مسلم وتضمنه الدعاء للميت ، بخلاف ذاك فإن بعضه مؤدى بالمعنى وبعضه باللفظ ، وتبع المصنف في الجمع بين الدعاءين المحرر والشرح الصغير ولم يتعرض له في الروضة والمجموع ، ولو جمع بين الثلاثة فظاهر أن الأفضل تقديم الأخير ، وصدق قوله فيه وأبدله زوجا خيرا من زوجه فيمن لا زوجة له ، وفي المرأة إذا قلنا بأنها مع زوجها في الآخرة وهو الأصح بأن يراد في الأول ما يعم الفعلي والتقديري وفي الثاني ما يعم إبدال الذات وإبدال الهيئة ( ويقول ) استحبابا ( في ) الميت ( الطفل ) أو الطفلة والمراد بهما من لم يبلغ ( مع هذا ) الدعاء ( الثاني ) في كلامه ( اللهم اجعله ) أي الميت بقسميه ( فرطا لأبويه ) أي سابقا مهيئا مصالحهما في الآخرة ( وسلفا وذخرا ) بالذال المعجمة شبه تقدمه لهما بشيء نفيس يكون أمامهما مدخرا إلى وقت حاجتهما له بشفاعته لهما كما صح ( وعظة ) اسم مصدر بمعنى الوعظ أو اسم فاعل : أي واعظا ، والمراد به وما بعده غايته [ ص: 479 ] وهو الظفر بالمطلوب من الخير وثوابه ، فسقط التنظير في ذلك بأن الوعظ التذكير بالعواقب وهذا قد انقطع بالموت ( واعتبارا وشفيعا وثقل به موازينهما وأفرغ الصبر على قلوبهما ) ; لأنه مناسب للحال ، وزاد في المجموع والروضة كأصلها على هذا ، ولا تفتنهما بعده ولا تحرمهما أجره ، ويأتي فيه ما مر من التذكير وضده ويشهد للدعاء لهما ما في خبر المغيرة { والسقط يصلى عليه ويدعى لوالديه بالعافية والرحمة } فيكفي في الطفل هذا الدعاء ولا يعارضه قولهم لا بد من الدعاء للميت بخصوصه كما مر لثبوت هذا بالنص بخصوصه .

                                                                                                                            نعم لو دعا له بخصوصه كفى فلو شك في بلوغه هل يدعو بهذا الدعاء ; لأن الأصل عدم البلوغ ، أو يدعو له بالمغفرة ونحوها ؟ والأحسن الجمع بينهما احتياطا .

                                                                                                                            قال الإسنوي : وسواء فيما قاله لو مات في حياة أبويه أم بعدهما أم بينهما ، والظاهر في ولد الزنا أن يقول : لأمه ويقتصر عليها فيما تقدم ولهذا قال الزركشي : محله في الأبوين الحيين المسلمين ، فإن لم يكونا كذلك أتى بما يقتضيه الحال وهذا أولى .

                                                                                                                            قال الأذرعي : فلو جهل إسلامهما فكالمسلمين بناء على الغالب والدار ا هـ .

                                                                                                                            والأحوط تعليقه على إيمانهما لا سيما في ناحية يكثر الكفار فيها ، ولو علم كفرهما كتبعية الصغير للسابي حرم أن يدعو لهما بالمغفرة والشفاعة ونحوها ، ولو علم إسلام أحدهما وكفر الآخر أو شك فيه ولو من ولديه لم يخف الحكم [ ص: 480 ] مما مر ، بخلاف من ظن إسلامه ولو بقرينة كالدار فيما يظهر من اضطراب ( و ) يقول استحبابا ( في ) التكبيرة ( الرابعة اللهم لا تحرمنا ) بفتح المثناة الفوقية وضمها ( أجره ) أي أجر الصلاة عليه أو أجر مصيبته فإن المسلمين في المصيبة كالشيء الواحد ( ولا تفتنا بعده ) أي بالابتلاء بالمعاصي ، وزاد في التنبيه تبعا لكثير : واغفر لنا وله ، ويسن له أن يطول الدعاء بعد الرابعة وحده أن يكون كما بين التكبيرات كما أفاده الحديث الوارد فيه .

                                                                                                                            نعم لو خشي تغير الميت أو انفجاره لو أتى بالسنن فالقياس كما قال الأذرعي اقتصاره على الأركان ( ولو تخلف المقتدي ) عن إمامه بالتكبير ( بلا عذر فلم يكبر حتى كبر إمامه ) تكبيرة ( أخرى ) أو شرع فيها ( بطلت صلاته ) إذ المتابعة لا تظهر في هذه الصلاة إلا بالتكبيرات ، فيكون التخلف بها فاحشا كالتخلف بركعة ، وأفهم قوله حتى كبر إمامه أخرى عدم بطلانها فيما لو لم يكبر الرابعة حتى سلم الإمام .

                                                                                                                            قال ابن العماد : والحكم صحيح ; لأنه لم يشتغل عنها حتى أتى الإمام بتكبيرة أخرى ، بل هذا مسبوق ببعض التكبيرات فيأتي بها بعد السلام ، وأيده في المهمات بأنه [ ص: 481 ] لا يجب فيها ذكر فليست كالركعة ، بخلاف ما قبلها خلافا لما في التمييز من البطلان ، فإن كان ثم عذر كبطء قراءة أو نسيان أو عدم سماع تكبير أو جهل لم تبطل بتخلفه بتكبيرة فقط بل بتكبيرتين كما اقتضاه كلامهم ، ولو تقدم على إمامه بتكبيرة عمدا بطلت صلاته بطريق الأولى ، إذ التقدم أفحش من التخلف خلافا لبعض المتأخرين .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ويسن رفع يديه في التكبيرات ) أي وإن اقتدى بمن لا يرى الرفع كالحنفي فيما يظهر لأن ما كان مسنونا عندنا لا يترك للخروج من الخلاف ، وكذا لو اقتدى به الحنفي للعلة المذكورة : أي فلو ترك الرفع كان خلاف الأولى على ما هو الأصل في ترك السنة إلا ما نصوا فيه على الكراهة .

                                                                                                                            وأما ترك الإسرار فقياس ما مر في الصلاة من كراهة الجهر في موضع الإسرار كراهته هنا ( قوله : بأن خبر أبي أمامة أصح منه ) قد يقال هذا إنما يحتاج إليه إذا لم يكن في كلام ابن عباس ما يدل على عدم استحباب الجهر ، ولكن قوله إنما جهرت لتعلموا أنها سنة : أي مسلوكة على سبيل الوجوب يدل على أن الجهر ليس سنة ، إذ لو كان كذلك لما احتاج للاعتذار عنه ، إلا أن يقال : يجوز أنه إنما قال ذلك دفعا لتوهم عدم وجوب القراءة في صلاة الجنازة كما أشار إليه فيما نقله عن المجموع ( قوله : خلافا لابن العماد ) تبعه حج فقال : يأتي بدعاء الافتتاح والسورة إذا صلى على قبر أو غائب ( قوله : بفتح أولهما ) [ ص: 476 ] لعله إنما اقتصر عليه لكونه الأفصح ، وإلا فيجوز في الروح الضم كما قرئ به في قوله تعالى { فروح وريحان } وفي السعة الكسر ، وقد نظم ذلك العلامة الدنوشري فقال :

                                                                                                                            وسعة بالفتح في الأوزان والكسر محكي عن الصاغاني

                                                                                                                            ( قوله : أي ما يحبه ) وهو بضم الياء وكسر الحاء من أحب ، ويجوز فتح الياء وكسر الحاء من حب لغة في أحب .

                                                                                                                            ( قوله : وقد جئناك ) هل ذلك مخصوص بالإمام كما في القنوت وأن غيره يقول جئتك شافعا ، أو هو عام في الإمام وغيره فيقول المنفرد بلفظ الجمع ؟ فيه نظر ، والأقرب الثاني اتباعا للوارد ، ولأنه ربما شاركه في الصلاة عليه ملائكة ، وقد يؤيد ذلك ما سيأتي في كلام الشارح من أنه حصر الذين صلوا عليه صلى الله عليه وسلم فإذا هم ثلاثون ألفا ومن الملائكة ستون ألفا لأن مع كل واحد ملكين ( قوله : وإن كان مسيئا فتجاوز عنه ) ظاهره ولو كان الميت نبيا ، وهو ظاهر اتباعا للفظ الوارد ، وظاهر أيضا أنه لا فرق بين نبينا وغيره ، هذا والذي يظهر أن الأولى ترك قوله إن كان محسنا إلخ في حق الأنبياء لما فيه من إيهام أنهم قد يكونون مسيئين فيقتصر على غيره من الدعاء ويزيد : إن شاء على الوارد ما يليق بشأنهم صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم عليهم أجمعين ، وبقي ما لو ترك بعض الدعاء هل يكره أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الثاني ، ويفرق بينهم وبين القنوت بأن ذاك ورد تعليمه بخصوصه من النبي صلى الله عليه وسلم ، بخلاف ما هنا فإنه مجموع من أدعية متفرقة ، وورودها كذلك يقتضي عدم تعين واحد منها ( قوله : جمع ذلك الشافعي ) قال الشيخ عميرة يريد أنه لم يرد في حديث واحد هكذا ا هـ سم على منهج ( قوله واعف عنه ) أي ما صدر منه ( قوله : وعافه ) أي أعطه من النعيم ما يصير به كالصحيح في الدنيا ( قوله : وأكرم نزله ) أي أعظم ما يهيأ له في الآخرة من النعيم .

                                                                                                                            وفي المختار النزل بوزن القفل ما يهيأ للنزيل والجمع الأنزال ، والنزل أيضا الربع ، يقال طعام كثير النزل أو النزل بفتحتين ا هـ وفي المصباح : والنزل بضمتين : طعام النزيل الذي يهيأ له ، وفي التنزيل { هذا نزلهم يوم الدين } ا هـ .

                                                                                                                            وعليه فيجوز في نزله السكون والضم وهو الأكثر ( قوله : وزوجا خيرا من زوجه ) قضيته أن يقال ذلك وإن كان الميت أنثى ا هـ سم على بهجة .

                                                                                                                            والظاهر أن المراد بالإبدال في الأهل والزوجة إبدال الأوصاف لا الذوات قوله تعالى { ألحقنا بهم ذريتهم } ولخبر الطبراني وغيره { إن نساء الجنة من نساء الدنيا أفضل من الحور العين } ثم رأيت شيخا قال : وقوله أبدله زوجا خيرا من زوجه من لا زوجة له يصدق بتقديرها له أن لو كانت له ، وكذا في الزوجة إذا قيل إنها لزوجها في الدنيا ، يراد بإبدالها زوجا خيرا من [ ص: 477 ] زوجها ما يعم إبدال الذوات وإبدال الصفات ا هـ .

                                                                                                                            وإرادة إبدال الذوات مع فرض أنها لزوجها في الدنيا فيه نظر ، وكذا قوله إذا قيل كيف وقد صح الخبر به وهو أن المرأة لآخر أزواجها ، روته أم الدرداء لمعاوية لما خطبها بعد موت أبي الدرداء ، ويؤخذ منه أنه فيمن مات وفي عصمته ولم تتزوج بعده " فإن لم تكن في عصمة أحدهم موته احتمل القول بأنها تخير وأنها للثاني ، ولو مات أحدهم وهي في عصمته ثم تزوجت وطلقت ثم ماتت فهل هي للأول أو للثاني ؟ ظاهر الحديث أنها للثاني ، وقضية المدرك أنها للأول ، وأن الحديث محمول على ما إذا مات الآخر وهي في عصمته ، وفي حديث رواه جمع لكنه ضعيف { المرأة منا ربما يكون لها زوجان في الدنيا فتموت ويموتان ويدخلان الجنة لأيهما هي ؟ قال : لأحسنهما خلقا كان عندها في الدنيا } ا هـ حج بحروفه .

                                                                                                                            وهل مثل الزوجة السرية أم لا ؟ وهل للسيد تعلق بأرقائه في الآخرة أم لا ؟ راجعه ( قوله وأنث ما يعود إليها ) خرج بما يعود إليها الضمير في وأنت خير منزول به فإنه راجع إلى الله فلا يؤنثه ، ومن ثم قال حج : وليحذر من تأنيث به في منزول به فإنه كفر لمن عرف معناه وتعمده ا هـ .

                                                                                                                            وقد يقال في قوله كفر نظر لأنه يمكن رجوعه إلى الله على إرادة الذات والتأنيث فيه بالنظر للفظه ، فلعله أراد أنه كفر لمن قصد أن معناه مؤنث حقيقي وتعمده ، وبقي ما لو قال : وأنت خير منزول بهم هل يضر أو لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الثاني لأن المعنى عليه صحيح بناء على أن التقدير : وأنت خير كرام منزول بهم : أي خير الكرام الذين ينزل الضيوف عندهم وهو كقوله تعالى { وأنت خير الغافرين } ( قوله فالمتجه التعبير بالمملوك ) ومثله العبد على إرادة الشخص كما مر في الأنثى ( قوله : إنه قد يشار إلخ ) قضيته أن ذلك سائغ بلا تأويل بالمذكور أو نحوه ، لكن وقع في كلام غير واحد في مثله التأويل بالمذكور أو نحوه ( قوله : ويقدم عليه ) قضيته أنه لو اقتصر على هذا الثاني لم يكف وهو الموافق لما مر من أنه يجب الدعاء للميت بخصوصه وأنه لا يكفي الدعاء للمؤمنين والمؤمنات ( قوله : وصغيرنا وكبيرنا ) أي برفع الدرجات ; لأن المغفرة لا تستدعي سبق ذنب [ ص: 478 ] قوله : تقديم الأخير ) هو قوله اللهم اغفر له وارحمه واعف عنه وعافه وأكرم نزله إلخ ( قوله : وصدق قوله فيه ) أي في الأخير ( قوله ما يعم الفعلي إلخ ) فيه أن فرض الكلام أنه لم تتزوج في الدنيا فليس ثم إلا التقديري ، وقوله وفي الثاني ما يعم إلخ فيه أيضا أن الفرض أنها حيث كانت مع زوجها في الآخرة فلا معنى لإبدال الذات .

                                                                                                                            وعبارة سم على حج جوابا عما يقرب من هذا في كلام حج ما نصه : قوله يراد بإبدالها : أي بإبدال الزوجة مطلقا لا الزوجة المذكورة ، وقوله ما يعم إبدال الذات : أي كما إذا قلنا إنها ليست لزوجها في الدنيا ، وقوله إبدال الصفات : أي كما إذا قلنا إنها لزوجها في الدنيا ( قوله : وإبدال الهيئة ) أي الصفة ( قوله : ويقول استحبابا ) مثله في شرح الروض وهو يقتضي جواز الاقتصار على الدعاء الأول للطفل ، ويرد عليه أن الأول ليس فيه دعاء للميت بخصوصه بل لعموم المسلمين وهو غير كاف ، فلعل المراد أنه يستحب أن ما يأتي به متعلقا بالميت وهو هذا الدعاء الثاني دون غيره ، فإن لم يأت به وجب الدعاء له بخصوصه بأي دعاء اتفق ، أو يقال : إن الطفل مستثنى من قولهم يجب الدعاء لخصوص الميت ( قوله : فرطا لأبويه ) قال الشيخ عميرة : أي يقول ذلك ولو تأخر موته عن أبويه ا هـ سم على منهج ( قوله شبه تقديمه لهما إلخ ) مصدر مضاف لمفعوله : أي تقديم الداعي له عليهما حيث طلب كونه سابقا ، وعبارة حج شبه تقديمه عليهما إلخ وهي ظاهرة ( قوله : مدخرا ) هو بالذال المعجمة .

                                                                                                                            قال في المصباح : ذخرته ذخرا من باب نفع والاسم الذخر بالضم : إذا أعددته لوقت الحاجة إليه وادخرته على افتعلت مثله وهو مذخور وذخيرة أيضا [ ص: 479 ] ا هـ .

                                                                                                                            ويفهم من قوله وادخرته على افتعلت أنه يجوز قراءته بالدال المهملة المشددة وهو الأكثر ، وبالذال المعجمة ; لأن ما كان على وزن افتعل وفاؤه ذال معجمة قلبت تاؤه دالا مهملة وقلب الذال المعجمة دالا مهملة وإدغامها في الذال المهملة المبدلة من التاء وقلب الذال المبدلة من التاء ذالا معجمة وإدغام الأولى فيها ( قوله فسقط التنظير في ذلك ) أي في قوله وعظة ( قوله على قلوبهما ) يأتي فيه ما تقدم من الجواب عن قول المصنف وعظة إلخ إن كانا ميتين ( قوله : فيكفي في الطفل هذا الدعاء ) خلافا لحج ( قوله : بالنص بخصوصه ) أي على أن قوله اجعله فرطا إلخ حيث كان معناه : أي سابقا مهيئا لمصالحهما في الآخرة كان دعاء له بخصوصه لأنه لا يكون كذلك إلا إذا كان له شرف عند الله يتقدم بسببه لذلك ( قوله أو يدعو له بالمغفرة ) هذا ظاهر حيث لم يرد الجمع بينهما ( قوله : والأحسن الجمع بينهما ) أي فلو لم يأت بهذا الأحسن فينبغي أن يختار الدعاء له بالمغفرة لاحتمال بلوغه ( قوله : ويقتصر عليها فيما تقدم ) لعله كما تقدم ( قوله : ولهذا قال الزركشي ) أي ولكونه يقتصر على الأم في ولد الزنا ( قوله : وهذا أولى ) من م ر ( قوله : لم يخف الحكم مما مر ) أي من أنه يدعو للمسلم منهما ويعلق الدعاء على الإسلام فيمن شك فيه ثم ما تقرر كله فيما لو علم إسلام الميت أو ظن ، فلو شك في إسلامه كالمماليك الصغار حيث شك في أن السابي لهم مسلم فيحكم بإسلامهم تبعا له أو كافر فيحكم بكفرهم تبعا له ، فقال حج : يحتمل أن يصلي عليه احتياطا ، ويحتمل وهو الأقرب أن لا يصلي ا هـ .

                                                                                                                            وقد يقال : بل الأقرب أنه يصلي ويعلق النية كما لو اختلط مسلم وكافر إلا أن يفرق بأن في مسألة الاختلاط تحققنا وجوب الصلاة وشككنا في عين من يصلى عليه ، بخلافه هنا فإنا شككنا في وجوب الصلاة بل في صحتها والأصل بقاء الكفر ، ويؤيد ما قلناه قول الشارح الآتي بعد قول المصنف الآتي : ولو اختلط [ ص: 480 ] مسلمون بكفار إلخ ، ولو تعارضت بينتان بإسلامه وكفره غسل وصلي عليه ، ونوى الصلاة عليه إن كان مسلما ( قوله : كالدار فيما يظهر ) سبقه إليه حج ( قوله : واغفر لنا وله ) أي ولو صغيرا لأن المغفرة لا تستدعي سبق ذنب ( قوله : كما بين التكبيرات ) أي الثلاثة المتقدمة ، وظاهره حصول السنة ولو بتكرير للأدعية السابقة .

                                                                                                                            وقال حج : قيل وضابط التطويل أن يليقها بالثانية لأنها أخف الأركان ا هـ .

                                                                                                                            وهو تحكم غير مرضي ، بل ظاهر كلامهم إلحاقها بالثالثة أو تطويلها عليها .

                                                                                                                            [ فائدة ] سئل عن قراءة { ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان } الآية في رابعة الجنازة هل له أصل معتبر أم يقال لا بأس بها للمناسبة ، وكذلك قراءة الباقيات الصالحات عند المرور على القبر وكونها كفارة لإثم مروره عليه هل له أصل أيضا أم لا ؟ فأجاب بقوله جميع ما ذكر فيه لا أصل له ، بل ينبغي كراهة قراءة الآية المذكورة في الرابعة كما تكره القراءة في غير القيام من بقية الصلوات ، وقول السائل عند المرور على القبر إن أراد المشي عليه فهو مكروه لا إثم فيه ، أو بحذائه فلا كراهة ولا إثم ، فأي إثم في المرور حتى يحتاج لرفعه ؟ ا هـ فتاوى حج .

                                                                                                                            وقوله وكذا قراءة الباقيات : أي ذكر الآية المشتملة على قوله الباقيات وهي قوله { المال والبنون زينة الحياة الدنيا } إلخ ، ويحتمل وهو الظاهر أن المراد بالباقيات الصالحات قول : سبحان الله والحمد لله إلخ ( قوله : كما قال الأذرعي ) أي بل يجب ذلك إن غلب على ظنه تغيره بالزيادة ( قوله : فلم يكبر حتى كبر إمامه ) لو كبر المأموم مع تكبير الإمام الأخرى اتجه الصحة ولو شرع مع شروعه فيها ، ولكن تأخر فراغ المأموم هل نقول بالصحة أم بالبطلان ؟ هو محل نظر ا هـ عميرة .

                                                                                                                            أقول : الأقرب الأول لأنه صدق عليه أنه لم يتخلف حتى كبر إمامه أخرى ، وأن ذلك لا يتحقق إلا بتمام الإمام التكبير قبل شروع المأموم فيه ( قوله : تكبيرة أخرى ) وظاهر أن الأخرى لا تتحقق إذا كان معه في الأولى إلا بالتكبيرة الثالثة فإن المأموم يطلب منه أن يتأخر عن تكبير الإمام فإذا قرأ الفاتحة معه وكبر الإمام الثانية لا يقال سبقه بشيء ( قوله : بل هذا مسبوق ببعض التكبيرات ) ولو كبر الإمام الثانية عقب إحرام المسبوق بحيث لم يدرك قبل تكبير الإمام الثانية زمنا يسع شيئا من الفاتحة سقطت عنه وإن قصد عند إحرامه تأخيرها ، ولا عبرة بهذا القصد إذ لم يدركها في محلها الأصلي ، ولو أدرك المسبوق زمنا يسع [ ص: 481 ] نصف الفاتحة فقصد تأخيرها إلى الثانية مثلا فهل تكفيه قراءة نصفها بعد الثانية أو لا بد من جميعها لتمكنه منه ؟ فيه نظر ، وينبغي أن يكفيه نصفها لأنه الذي أدركه في محله الأصلي فهو الواجب عليه ليتأمل سم .

                                                                                                                            وقوله وإن قصد إلخ هذا قد يخالف ما في الحاشية العليا عن الجوجري ، ولعل هذا أوجه ا هـ سم على بهجة ( قوله : خلافا لما في التمييز ) اسم كتاب للبارزي ( قوله : لم تبطل بتخلفه بتكبيرة فقط بل بتكبيرتين ) قال سم على حج بعد كلام طويل ما حاصله : إنه لا يتحقق ذلك إلا بعد الشروع في الرابعة ، هذا وجرى حج على عدم البطلان مطلقا قال : لأنه لو تخلف بجميع الركعات ناسيا لم يضر فهذا أولى ، وعبارته : أما إذا تخلف بعذر كنسيان وبطء نحو قراءة وعدم سماع تكبير وكذا جهل عذر به فيما يظهر فلا بطلان فيراعي نظم صلاة نفسه ، إلى أن قال : ووقع للشارح أن الناسي يغتفر له التأخير بواحدة لا بثنتين ، وذكره شيخنا في شرح منهجه وغيره مع التبري منه فقال على ما اقتضاه كلامهم ا هـ .

                                                                                                                            والوجه عدم البطلان مطلقا لأنه لو نسي فتأخر عن إمامه بجميع الركعات لم تبطل صلاته فهنا أولى ا هـ .

                                                                                                                            ويمكن حمل النسيان على نسيان القراءة وحينئذ فلا اعتراض ( قوله : ولو تقدم على إمامه بتكبيرة ) أي قصد بها تكبيرة الركن أو أطلق ، فإن قصد بها الذكر المجرد لم يضر كما لو كرر الركن القولي في الصلاة ( قوله : خلافا لبعض المتأخرين ) مراده حج .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : كثالثة المغرب ) أي ولخبر أبي أمامة المتقدم ، وكان الأولى الاستدلال به أيضا بل تقديمه كما صنع غيره ( قولهم أجيب عنه بأن خبر أبي أمامة إلخ ) على أنه لا يحتاج فيه إلى جواب ; لأنه تكفل في الخبر بحكمة الجهر ، وهي أن يعلمهم أنها : أي القراءة سنة : أي طريقة : أي لا لكونها مندوبة [ ص: 476 - 477 ] قوله : ولما مر عن الفقهاء من جواز التذكير في الأنثى وعكسه ) كان مراده نظير ما مر إلخ ، لكن صورة العكس لم تتقدم في كلامه ولا النسبة للفقهاء ( قوله : على إرادة الشخص ) أي أو النسمة [ ص: 478 ] قوله : وقدم هذا لثبوت لفظه في مسلم ) الذي مر إنما هو روايته عن أبي داود والترمذي ، فالصواب حذف لفظ مسلم كما في عبارة شرح الروض التي هي أصل ما هنا ( قوله : وتضمنه الدعاء للميت ) انظر ما مدخله في توجيه التقديم ( قوله : فظاهر أن الأفضل تقديم الأخير ) هو تابع في هذا التعبير لشرح الروض لكن الأخير في شرح الروض هو حديث مسلم الذي وسطه الشارح ، فالأخير هنا حديث أبي داود والترمذي .

                                                                                                                            والحاصل أن مراده بالأخير حديث مسلم بدليل قوله وصدق قوله : فيه إلخ وإن لم يكن أخيرا في كلامه ( قوله : استحبابا عقب قول المصنف ويقول ) أي يستحب أن يأتي بهذا اللفظ مع الدعاء المتقدم وإن كفى بلفظ آخر ( قوله : اسم مصدر ) انظر هلا كان مصدرا ، غاية الأمر أنهم تصرفوا فيه بتعويض هائه عن واوه كوعد عدة ووهب هبة ( قوله : أو اسم فاعل ) صريح هذا السياق أنه معطوف على اسم مصدر ، وظاهر أنه ليس مرادا ، بل المراد أنه اسم مصدر على ما مر فيه إما مرادا منه المصدر ، وإما مرادا منه اسم الفاعل مبالغة كزيد عدل فتأمل ( قوله : والمراد به وما بعده إلخ ) هذا إنما يحتاج إليه إذا تقدم موت أبويه ، أما إذا لم يموتا فلا يحتاج إلى إخراجه عن ظاهره كما لا يخفى .

                                                                                                                            وعبارة التحفة وفي ذكره : أي عظة كاعتبار [ ص: 479 ] وقد ماتا أو أحدهما قبله نظر ، إذ الوعظ التذكير بالعواقب كاعتبار أو هذا قد انقطع بالموت ، فإن أريد بهما غايتهما من الظفر بالمطلوب اتجه ذلك انتهت ( قوله : وأفرغ الصبر على قلوبهما ) قال في التحفة هذا لا يأتي إلا في حي ( قوله : لثبوت هذا ) يعني مطلق الأمر بالدعاء لوالديه الشامل لهذا الدعاء ، وإلا فخصوص هذا الدعاء لم يرد ( قوله : وهذا أولى ) حينئذ فلا حاجة لما قدمه في تأويل عظة واعتبارا ، ومراده أنه أولى مما قاله الإسنوي وإن كان في سياقه صعوبة ، وعبارة شرح الروض : قال الإسنوي : وسواء فيما قالوه مات في حياة أبويه أم لا ، لكن [ ص: 480 ] قال الزركشي : محله في الأبوين الحيين المسلمين إلخ ( قوله : وحده أن لا يكون كما بين التكبيرات ) الظاهر أن المراد أن لا يطوله إلى حد لا يبلغه ما بين تكبيرتين من أي التكبيرات ، ويبعد أن يكون المراد جملة ما بين التكبيرات فليراجع [ ص: 481 ] قوله : بل بتكبيرتين ) هذا ظاهر في بطء القراءة بخلاف ما بعده .




                                                                                                                            الخدمات العلمية