الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            باب زكاة الحيوان ولزكاة الحيوان شروط خمسة : الأول النعم كما قال ( إنما تجب ) الزكاة ( منه ) أي من الحيوان ( في النعم ) بالنص والإجماع ( وهي الإبل والبقر والغنم ) الإنسية .

                                                                                                                            سميت نعما لكثرة نعم الله فيها على خلقه ; لأنها تتخذ للنماء غالبا لكثرة منافعها ، والنعم اسم جمع لا واحد له من لفظه يذكر ويؤنث ، وجمعه أنعام وجمع أنعام أناعم ، وأفاد [ ص: 45 ] بذكر النعم صحة تسمية الثلاث نعما ، والإبل اسم جمع لا واحد له من لفظه ، ويجوز تسكين بائه للتخفيف ، والبقر اسم جنس الواحد منه بقرة ، والغنم اسم جنس أيضا يطلق على الذكور والإناث ولا واحد له من لفظه ( لا الخيل ) مؤنث يطلق على الذكر والأنثى وهو اسم جمع لا واحد له من لفظه ، سميت خيلا لاختيالها في مشيها ( و ) لا ( الرقيق ) يطلق على الواحد والجمع والذكر وغيره لخبر الشيخين { ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة } أي ما لم يكونا للتجارة كما سيأتي ( و ) لا ( المتولد من غنم وظباء ) لعدم تسميتها غنما ولهذا لم يكتف بها في الأضحية ، وكذا متولد بين زكوي وغيره عملا بالقاعدة السابقة أن الفرع يتبع أخف أصليه في عدم وجوبها ، ولا ينافيه إيجاب الجزاء على المحرم بقتله للاحتياط ; لأن الزكاة مواساة فناسبها التخفيف والجزاء غرامة المتعدي فناسبه التغليظ .

                                                                                                                            أما المتولد من نحو إبل وبقر فتجب فيه كما اقتضاه كلامهم .

                                                                                                                            وقال العراقي : ينبغي القطع به ، والظاهر كما قاله أنه يزكى زكاة أخفهما .

                                                                                                                            فالمتولد بين إبل وبقر يزكى زكاة البقر لأنه المتيقن ، والظباء بالمد جمع ظبي وهو الغزال .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( باب زكاة الحيوان ) ( قوله : زكاة الحيوان )

                                                                                                                            [ تنبيه ] أبدل شيخنا الحيوان بالماشية ، وذكر ما يصرح بأنها أعم من النعم ، وليس بصحيح حكما وإبدالا فالذي في القاموس أنها الإبل والغنم ، وفي النهاية أنها الإبل والبقر والغنم ، فهي أخص من النعم أو مساوية له ، ومنه قول المتن إن اتحد نوع الماشية ، وقوله ولوجوب زكاة الماشية إلخ ا هـ .

                                                                                                                            أقول : يمكن الجواب عن كلام الشيخ بأنها أعم عرفا ، وقول حج : وهي أخص من النعم أو مساوية له ، ظاهر في أن النعم اسم للإبل والبقر والغنم اتفاقا ، وهو مخالف لما في المصباح وعبارته : النعم المال الراعي ، وهو جمع لا واحد له من لفظه ، وأكثر ما يقع على الإبل قال أبو عبيد : النعم الإبل فقط ويذكر ويؤنث ، وجمعه نعمان مثل جمل وجملان وأنعام أيضا ، وقيل النعم الإبل خاصة ، والأنعام ذوات الخف والظلف وهي الإبل والبقر والغنم ، وقيل تطلق الأنعام على هذه الثلاث ، فإذا انفردت الإبل فهي نعم ، وإذا انفردت البقر والغنم لم تسم نعما ( قوله : خمسة ) عبارة المنهج أربعة ، ولا منافاة بينها وبين ما ذكره الشارح من عدها خمسة ; لأن الشارح جعل مضي الحول شرطا وبقاءها في ملكه إلى تمامه شرطا آخر والمنهج جعل مجموعهما شرطا واحدا حيث قال : وثالثها مضي حول في ملكه ( قوله : اسم جمع إلخ ) وإنما كان الإبل والنعم اسمي جمع والبقر اسم جنس ; لأن البقر له واحد من لفظه بخلاف النعم والإبل ، وفي شرح التوضيح : أن الكلم اسم جنس جمعي وليس جمعا لعدم غلبة التأنيث عليه ، والجمع يغلب عليه التأنيث ولا اسم جمع له ; لأن له واحدا من لفظه وهو كلمة ، بخلاف اسم الجمع فإنه لا واحد له من لفظه ، ومقتضى هذا الفرق أن يكون الغنم اسم جمع .

                                                                                                                            وفي المختار : الغنم اسم مؤنث موضوع للجنس يقع على الذكر والأنثى وعليهما جميعا ، وإذا صغرتها ألحقتها التاء فقلت غنيمة ; لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كانت في غير الآدميين فالتأنيث لها لازم ا هـ .

                                                                                                                            وهو قد يشعر بأن قوله موضوع للجنس مراده منه أنه يقع على الذكور والإناث مع كونه اسم جمع على ما تصرح به عبارته آخرا حيث قال لأن أسماء الجموع إلخ ( قوله : يذكر ويؤنث ) أي برجوع الضمير عليه وهذا مخالف لقول الجوهري .

                                                                                                                            [ ص: 45 ] وأسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كانت لغير الآدمي لزمها التأنيث ا هـ .

                                                                                                                            ومع ذلك ما ذكره الشارح هو الصحيح عندهم ( قوله : يزكى زكاة البقر ) هل المراد أنه يكمل به نصاب البقر إذا نقص فيكون حكمه حكمها مطلقا ، أو المراد أنه كالبقر في العدد بمعنى أنه لا تجب الزكاة فيه إلا إذا بلغ ثلاثين ؟ فيه نظر ، وعبارة حج : ويعتبر بأخفهما على الأوجه ; لأنه المتيقن ، لكن بالنسبة للعدد لا للسن كأربعين متولدة بين ضأن ومعز فيعتبر بالأكثر ، كما بينته في شرح الإرشاد وعبارته : ثم كما يأتي في الأضحية فلا يخرج هنا إلا ما له سنتان ا هـ .

                                                                                                                            والمتبادر منه أنه جنس مستقل فلا يكمل به أحدهما ( قوله : جمع ظبي وهو الغزال ) قال في القاموس : الغزال كسحاب الشادن : أي القوي حيث يتحرك ويمشي ، أو من حين يولد إلى أن يبلغ أشد الإحضار جمعه غزلة وغزلان بكسرهما ، وقال في مادة شدن : شدن الظبي وجميع ولد الخف والظلف والحافر شدونا قوي واستغنى عن أمه ا هـ



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : يذكر ويؤنث ) أي معنى لا لفظا [ ص: 45 ] قوله : وأفاد بذكر النعم صحة تسمية الثلاثة نعما ) أي فهذا نكتة ذكر المصنف له فلا يقال إنه لا حاجة إليه ( قوله : في عدم وجوبها ) إنما قيد به لأنه المنصوص عليه في كلامه .

                                                                                                                            وأما وجوب الأخف فيما إذا كانا زكويين فليس منصوصا عليه بدليل ما سيأتي من بحث الشارع له تبعا للعراقي .




                                                                                                                            الخدمات العلمية