الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولوجوب زكاة الماشية ) أي الزكاة في النعم كما عرف مما قدمه ، فلا اعتراض عليه ، والإضافة هنا بمعنى في نحو { بل مكر الليل } ويصح كونها بمعنى اللام ( شرطان ) مضافان لما مر من كونها نصابا من النعم ، ولما سيأتي من كمال الملك وإسلام المالك وحريته ( مضي الحول ) سمي به لتحوله : أي ذهابه ومجيء غيره ( في ملكه ) لخبر { لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول } ولأنه لا يتكامل نماؤه قبل تمام الحول ( لكن ما نتج ) بضم النون وكسر التاء على البناء للمفعول ( من نصاب ) قبل انقضاء حوله ولو بلحظة ( يزكى بحوله ) أي النصاب بشرط كونه مملوكا لمالك النصاب بالسبب الذي ملك به النصاب إذا اقتضى الحال لزوم الزكاة فيه ، وإن ماتت [ ص: 64 ] الأمهات لقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لساعيه : اعتد عليهم بالسخلة ، ولأن الحول إنما اعتبر لتكامل النماء الحاصل ، والنتاج نماء في نفسه ، فلو كان عنده مائة وعشرون من الغنم فولدت واحدة منها سخلة قبل الحول ولو بلحظة والأمهات باقية لزمه شاتان ، ولو ماتت الأمهات وبقي منها دون النصاب ، أو ماتت كلها وبقي النتاج نصابا في الصورة الثانية أو ما يكمل به النصاب في الأولى زكي بحول الأصل ، فإن انفصل النتاج بعد الحول أو قبله ، ولم يتم انفصاله إلا بعده كجنين خرج بعضه في الحول ولم يتم انفصاله إلا بعد تمام الحول لم يكن حول النصاب حوله لانقضاء حول أصله ، ولأن الحول الثاني أولى به ، واحترز بقوله نتج عما لو استفاد بشراء أو غيره ، وسيأتي ومن نصاب عما نتج من دونه كعشرين شاة نتجت عشرين فحولها من حين تمام النصاب ، وخرج بقولنا بشرط أن يكون مملوكا إلى آخره ما لو أوصى الموصى له بالحمل به قبل انفصاله لمالك الأمهات ، ثم مات ثم حصل النتاج لم يزك بحول الأصل كما نقله في الكفاية عن المتولي وأقره ، ولو كان النتاج من غير نوع الأمهات كأن حملت المعز بضأن أو عكسه فعلى ما مر في تكميل أحد النوعين بالآخر ، لا يقال : شرط وجوب الزكاة السوم في كلأ مباح فكيف وجبت في النتاج .

                                                                                                                            لأنا نقول : اشتراط ذلك خاص بغير النتاج التابع لأمه في الحول ، ولو سلم عمومه له فاللبن كالكلأ ; لأنه ناشئ عنه على أنه لا يشترط في الكلأ أن يكون مباحا على ما يأتي بيانه ، ولأن اللبن الذي يشربه لا يعد مؤنة ; لأنه يأتي من عند الله تعالى ويستخلف إذا حلب فهو شبيه بالماء فلم تسقط الزكاة ، ولأن اللبن وإن عد شربه مؤنة إلا أنه قد تعلق به حق الله تعالى فإنه يجب صرفه في حق السخلة ، ولا يحل للمالك أن يحلب إلا ما فضل عن ولدها ، وإذا تعلق به حق الله تعالى كان مقدما على حق المالك بدليل أنه يحرم على مالك الماء التصرف فيه بالبيع وغيره بعد دخول وقت الصلاة إذا لم يكن معه غيره ، ولو باعه أو وهبه بعد دخول الوقت لم يصح لتعلق حق الله به ، ويجب صرفه للوضوء فكذا لبن الشاة يجب صرفه إلى السخلة فلا تسقط الزكاة ، ولأن النتاج لا يمكن حياته إلا باللبن ، فلو اعتبرنا السوم لألغيناه ; لأنه لا يتصور ، بخلاف الكبار فإنها تعيش بغير اللبن ، ولأن ما تشربه السخلة من اللبن ينمو بنموها وكبرها ، بخلاف المعلوفة فإنها قد لا تسمن ولا تكبر ، ولأن الصحابة أوجبوا الزكاة في السخلة التي يروح بها الراعي على يديه مع علمهم بأنها لا تعيش إلا باللبن ، وذكر في الروضة والمجموع أن فائدة الضم إنما تظهر إذا بلغت بالنتاج نصابا آخر بأن ملك مائة شاة فنتجت إحدى وعشرين فيجب شاتان ، [ ص: 65 ] فلو نتجت عشرة فقط لم يفد ا هـ .

                                                                                                                            قال بعضهم : وهو ممنوع بل قد تظهر له فائدة وإن لم يبلغ به نصابا آخر ، وذلك عند التلف بأن ملك أربعين ستة أشهر فولدت عشرين ، ثم ماتت عشرون قبل انقضاء الحول ، وكذلك لو مات في الصورة التي مثل بها ثمانون قبل انقضاء الحول فإنا نوجب شاة لحول الأمهات بسبب ضم السخال فظهرت فائدة إطلاق الضم ، وإن لم يبلغ النصاب ( ولا يضم المملوك بشراء أو غيره ) كإرث ووصية وهبة إلى ما عنده ( في الحول ) لأنه ليس في معنى النتاج لقيام الدليل على اشتراط الحول خرج النتاج لما مر فبقي ما سواه على الأصل ، واحترز بقوله في الحول عن النصاب فإنه يضم إليه على المذهب ; لأنه بالكثرة فيه بلغ حدا يحتمل المواساة ، فلو ملك ثلاثين بقرة غرة المحرم ، ثم اشترى عشرا أو ورثها أو نحو ذلك غرة رجب فعليه عند تمام الحول الأول في الثلاثين تبيع ، ولكل حول بعده ثلاثة أرباع مسنة ، وعند تمام كل حول للعشر ربع مسنة ( فلو ) ( ادعى ) المالك ( النتاج بعد الحول ) أو استفادته بنحو شراء وادعى الساعي خلافه مع احتمال ما يقوله كل منهما ( صدق ) المالك ; لأنه مؤتمن ; ولأن الأصل عدم ما ادعاه الساعي لعدم الوجوب ( فإن اتهم حلف ) ندبا احتياطا للمستحقين لا وجوبا فلو نكل ترك ، ولا يجوز تحليف الساعي لأنه وكيل ولا المستحقين لعدم تعيينهم .

                                                                                                                            والشرط الرابع بقاء الملك في الماشية جميع الحول كما يؤخذ من قوله ( ولو زال ملكه في الحول ) عن النصاب أو بعضه ببيع أو غيره ( فعاد ) بشراء أو غيره ( أو بادل بمثله ) مبادلة صحيحة في غير التجارة ( استأنف ) الحول لانقطاع الأول بما فعله فصار ملكا جديدا لا بد له من حول للخبر المار ، وعلم من تعبيره بالفاء الدالة على التعقيب ، وقوله بمثله للاستئناف عند طول الزمن واختلاف النوع بالأولى ، ويكره تنزيها فعل ذلك فرارا من الزكاة بخلافه لحاجة أولها وللفرار ، أو مطلقا على ما أفهمه كلامهم فلا ينافي ما قررناه من عدمها هنا فيما لو قصد الفرار مع الحاجة لما مر من كراهة ضبة صغيرة لحاجة وزينة ; لأن في الضبة اتخاذا فقوي المنع بخلاف الفرار ، فلو عارض غيره بأن أخذ منه تسعة عشر دينارا بمثلها من عشرين دينارا زكى الدينار لحوله والتسعة عشر لحولها .

                                                                                                                            أما المبادلة الفاسدة فلا تقطع الحول وإن اتصلت بالقبض ; لأنها لا تزيل الملك ، وشمل كلامه ما لو باع النقد ببعضه للتجارة كالصيارفة فإنهم يستأنفون الحول كلما [ ص: 66 ] بادلوا ، ولهذا قال ابن سريج : بشر الصيارفة بأنه لا زكاة عليهم ، ولو باع النصاب قبل تمام حوله ، ثم رد عليه بعيب أو إقالة استأنفه من حين الرد ، فإن حال الحول قبل العلم بالعيب امتنع الرد في الحال لتعلق الزكاة بالمال فهو عيب حادث عند المشتري ، وتأخير الرد لإخراجها لا يبطل به الرد قبل التمكن من أدائها ، فإن سارع لإخراجها أو لم يعلم بالعيب إلا بعد إخراجها نظر ، فإن أخرجها من المال أو من غيره بأن باع منه بقدرها ، واشترى بثمنه واجبه لم يرد لتفريق الصفقة ، وله الأرش كما جزم به ابن المقري تبعا للمجموع وإن أخرجها من غيره رد ، إذ لا شركة حقيقة بدليل جواز الأداء من مال آخر ، ولو باع النصاب بشرط الخيار ، فإن كان الملك للبائع بأن كان الخيار له أو موقوفا بأن كان لهما ، ثم فسخ العقد لم ينقطع الحول لعدم تجدد الملك ، وإن كان الخيار للمشتري ، فإن فسخ استأنف البائع الحول ، وإن أجاز فالزكاة عليه وحوله من العقد ، ولو مات المالك في أثناء الحول استأنف الوارث حوله من وقت الموت ، وملك المرتد وزكاته وحوله موقوفات ، فإن عاد إلى الإسلام تبينا بقاء ملكه وحوله ووجوب زكاته عليه عند تمام حوله وإلا فلا ( و ) الشرط الثاني في كلام المصنف ، وهو الشرط الخامس ( كونها سائمة ) أي راعية لخبر أنس { وفي صدقة الغنم في سائمتها } إلى آخره دل بمفهومه على نفي الزكاة في معلوفة الغنم ، وقيس بها الإبل والبقر اختصت السائمة بالزكاة لتوفر مؤنتها بالرعي في كلأ مباح ( فإن علفت معظم الحول ) ولو مفرقا ( فلا زكاة ) فيها ، إذ الغلبة لها تأثير في الأحكام ( وإلا ) بأن علفت دون المعظم ( فالأصح أنها إن علفت قدرا تعيش بدونه بلا ضرر بين وجبت زكاتها ) لخفة المؤنة ( وإلا ) أي وإن كانت لا تعيش في تلك المدة بدونه ، أو تعيش لكن بضرر بين فلا تجب فيها زكاة لظهور المؤنة ، والماشية تصبر اليومين ولا تصبر الثلاثة غالبا .

                                                                                                                            والثاني إن [ ص: 67 ] علفت قدرا يعد مؤنة بالإضافة إلى رفق الماشية فلا زكاة ، وإن كان حقيرا بالإضافة إليه وجبت ، وفسر الرفق بدرها ونسلها وصوفها ووبرها ، ولو أسيمت في كلأ مملوك كأن نبت في أرض مملوكة لشخص أو موقوفة عليه فهل هي سائمة أو معلوفة وجهان : أصحهما كما أفتى به القفال ، وجزم به ابن المقري أولهما لأن قيمة الكلأ تافهة غالبا ، ولا كلفة فيها ، ورجح السبكي أنها سائمة إن لم يكن للكلأ قيمة ، أو كانت قيمته يسيرة لا يعد مثلها كلفة في مقابلة نمائها ، وإلا فمعلوفة ، والمناسب لما يأتي في المعشرات من أن فيها سقى بماء اشتراه أو اتهبه نصف العشر كما لو سقى بالناضح ونحوه أن الماشية هنا معلوفة بجامع كثرة المؤنة .

                                                                                                                            قال الشيخ : وهو الأوجه ، ولو جزه وأطعمها إياه في المرعى أو البلد فمعلوفة ، ولو رعاها ورقا تناثر فسائمة ، فلو جمع وقدم لها فمعلوفة .

                                                                                                                            قال ابن العماد : ويستثنى من ذلك ما إذا أخذ كلأ الحرم وعلفها به فلا ينقطع السوم ; لأن كلأ الحرم لا يملك ولهذا لا يصح أخذه للبيع ، وإنما يثبت به نوع اختصاص ، ( ولو ) ( سامت ) الماشية ( بنفسها ) أو أسامها غاصب أو مشتر شراء فاسدا فلا زكاة كما يأتي لعدم إسامة المالك ، وإنما اعتبر قصده دون قصد الاعتلاف ; لأن السوم يؤثر في وجوب الزكاة فاعتبر قصده والاعتلاف يؤثر في سقوطها فلا يعتبر قصده ; لأن الأصل عدم وجوبها ، أو اعتلفت السائمة بنفسها أو علفها الغاصب القدر المؤثر من العلف فيهما لم تجب الزكاة في الأصح لعدم السوم ، وكالغاصب المشتري شراء فاسدا ( أو كانت عوامل ) لمالكها أو بأجرة ( في حرث ونضح ) وهو حمل الماء للشرب ( ونحوه ) كحمل غير الماء ولو محرما ( فلا زكاة في الأصح ) ; لأنها لا تقتنى للنماء بل للاستعمال كثياب البدن ومتاع الدار ، فقوله في الأصح راجع [ ص: 68 ] للجميع كما تقرر .

                                                                                                                            والثاني في الأول مبني على عدم اشتراط قصد السوم لحصول الرفق ، وفي الثانية مبني على عدم اشتراط النية في العلف ، وفي الثالثة يقول الاستعمال زيادة فائدة على حصول الرفق بإسامتها ، ولا بد أن يستعملها القدر الذي لو علفها فيه سقطت الزكاة كما نقله البندنيجي عن الشيخ أبي حامد ، وفرق بين المستعملة في المحرم ، وبين الحلي المستعمل فيه بأن الأصل فيها الحل ، وفي الذهب والفضة الحرمة إلا ما رخص ، فإذا استعملت الماشية في المحرم رجعت إلى أصلها ، ولا ينظر إلى الفعل الخسيس ، وإذا استعمل الحلي في ذلك فقد استعمل في أصله ، ولا أثر لمجرد نية العلف ولا لعلف يسير كما مر إلا إن قصد به لقطع السوم وكان مما يتمول .

                                                                                                                            وعلم مما تقرر أن المعتبر إسامة المالك أو من يقوم مقامه من وكيل أو ولي أو حاكم بأن غصب معلوفة وردها عند غيبة المالك للحاكم فأسامها صرح به في البحر .

                                                                                                                            قال الأذرعي : لو كان الأحظ للمحجور في تركها فهو موضع تأمل ا هـ .

                                                                                                                            وظاهر عدم الاعتداد بها حينئذ لتعديه بفعلها وهل تعتبر إسامة الصبي والمجنون ماشيتهما أو لا أثر لذلك ؟ فيه نظر ، ويبعد تخريجهما على أن عمدهما عمد أم لا ، هذا إن كان لهما تمييز ، ويحتمل أن يقال لو اعتلفت من مال حربي لا يضمن أن السوم لا ينقطع كما لو جاعت بلا رعي ولا علف .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وإسلام المالك وحريته ) [ ص: 64 ] لا ينافي هذا ما تقدم من أن شروط زكاة الحيوان أربعة ; لأن كلا من الإسلام والحرية وتمام الملك لا يختص بجنس دون آخر ( قوله : اعتد عليهم بالسخلة ) أي احسبها ، وفي المختار : السخلة لولد الغنم من الضأن والمعز ساعة وضعه ذكرا كان أو أنثى ، وجمعه سخل بوزن فلس ، وسخال بالكسر ا هـ رحمه الله ( قوله : لزمه شاتان ) أي كبيرتان ( قوله : أو ماتت كلها وبقي النتاج ) ، ويخرج من الصغار في هذه الصورة ( قوله : ولم يتم انفصاله إلا بعده ) أفهم أنه لو تم انفصاله مع تمام الحول كأن حول أصله حوله ، لكن قال حج : خرج بحوله ما حدث بعد الحول أو مع آخره فلا يضم للحول الأول بل الثاني ( قوله : ما لو أوصى الموصى له إلخ ) كأن أوصى زيد المالك لأربعين من الغنم بحملها لعمرو ، ثم مات زيد وقبل عمرو الوصية بالحمل ، ثم أوصى به قبل انفصاله لوارث زيد المالك للأمهات بالإرث ، ثم مات عمرو وقبل وارث زيد الوصية فلا يزكي النتاج بحول الأصل ; لأنه ملك النتاج بسبب غير الذي ملك به الأمهات ( قوله : فعلى ما مر في تكميل أحد النوعين ) معتمد ( قوله أن يحلب ) بالضم ا هـ مختار ( قوله : إلا ما فضل عن ولدها ) أي عما يحصل به النمو لولدها ، ولا يكفي ما يمنع منه الضرر فقط ( قوله : ولا تكبر ) هو بضم الباء : أي لا تعظم جثتها ، وعظم [ ص: 65 ] الجثة لا يستلزم السمن فهو عطف أعم على أخص ( قوله : فلو نتجت عشرة ) عبارة حج : فلو نتجت عشرين فقط لم يفد كما في الروضة والمجموع ا هـ .

                                                                                                                            وهو الصواب الموافق لقوله بعد : ولذلك لو مات في الصورة التي مثل إلخ ، فإنه بفرض أن يكون النتاج عشرة فقط إذا مات ثمانون لم يكن الباقي نصابا إذ هو ثلاثون فقط ( قوله : التي مثل بها ) هي قوله فلو نتجت إلخ ( قوله : غير التجارة ) أما هي فلا تضر المبادلة فيها أثناء الحول على ما يأتي ( قوله : استأنف ) أي فيما بادل فيه دون غيره .

                                                                                                                            ( قوله : من عدمها هنا ) الإشارة لقوله أو لها للفرار ( قوله : فلو عارض غيره إلخ ) صريح ما ذكر أن الحول إنما ينقطع فيما خرج عن ملكه دون ما بقي فليراجع ، ومقتضى قوله قبل عن النصاب أو بعضه ببيع أو غيره إلخ خلافه فإنه ظاهر في استئناف الحول بالنسبة للكل ، وإن كان الاستبدال في بعضه ، وأنه لا فرق بين الماشية وغيرها إلا أن يقال : المراد استأنف فيما بادل فيه ، وقد يدل عليه قوله قبل فصار ملكا جديدا ، لأن ما لم يستبدل فيه فليس بملك جديد .

                                                                                                                            وأجاب عنه سم على حج بجواب آخر ، فقال : وبعضهم أجاب بأن محل انقطاعه بما إذا لم يقارنها ما يحصل به تمام النصاب من نوع المتمم له ( قوله : أما المبادلة الفاسدة إلخ ) كالمعاطاة ( قوله : فإنهم يستأنفون ) أي بشرط صحة المبادلة من الحول والتقابض والمماثلة عند اتحاد الجنس والحلول تقابض فقط [ ص: 66 ] عند اختلافه ( قوله : فإن حال الحول إلخ ) أي حول المشتري ( قوله : امتنع ) أي على المشتري ( قوله : قبل التمكن من أدائها ) أما التأخير بعد التمكن من الأداء فيبطل الرد ; لأن إمساكه تلك المدة كأنه رضي بالعيب فأشبه ما لو اشترى شيئا واطلع فيه على عيب ولم يبادر برده ( قوله : وهو الشرط الخامس ) أي بواسطة ما أشار إليه قبل من جعل مضي الحول شرطا والبقاء في ملكه إلى تمامه شرطا آخر ( قوله : دل بمفهومه إلخ ) فإن قلت : لم خص القياس بالمفهوم ، ولم يعممه فيه وفي المنطوق ؟ قلت : لأن غير الغنم من الإبل والبقر دل حديث أنس المتقدم على وجوب الزكاة فيها من غير قيد ، والقصد إخراج المعلوفة فيحتاج إلى دليل وهو القياس على معلوفة الغنم ، على أن إيراد هذا الحديث إنما قصد به إخراج المعلوفة من الغنم ، ومن ثم جعله دليلا على اشتراط السوم .

                                                                                                                            وأما أصل الزكاة في الغنم فقد علم مما سبق أيضا هذا .

                                                                                                                            فإن قلت : جعل الحديث دالا بالمفهوم مشكل ، فإن شرط العمل بالمفهوم أن لا يكون القيد مما يغلب وقوعه في المقيد ، والسوم غالب في غنم العرب .

                                                                                                                            قلت : أجاب سم على منهج بأن ذلك محله حيث لم يظهر للقيد معنى غير كونه مجرد الغالب ، وهنا يمكن أنه ذكر للتنبيه على خفة المؤنة ا هـ .

                                                                                                                            وفي كلام بعضهم أن محل ذلك أيضا فيما لم يفد حكما عاما .

                                                                                                                            أما هو فيعمل بمفهومه وإن كان غالبا أو في جواب سؤال ، وهو ظاهر ( قوله : فلا تجب فيها زكاة ) أي فلو ادعى المالك أنها علفت القدر الذي يقطع السوم ، وأنكر الساعي فهل يصدق المالك بلا بينة أو لا لإمكان إقامة البينة على ما ادعاه .

                                                                                                                            قال سم : فيه نظر ، واستقرب أنه لا بد من بينة كما لو ادعى الوديع تلف الوديعة بسبب ظاهر ا هـ .

                                                                                                                            أقول : وقضية قول الشارح فإن اتهم حلف ندبا أنه يصدق بلا بينة ، وأظهر [ ص: 67 ] منه قول المحلي : قال في الروضة : إن اليمين مستحبة بلا خلاف في هذا الذي لا يخالفه الظاهر ومستحبة ، وقيل واجبة فيما يخالف الظاهر كقوله كنت بعت المال في أثناء الحول ، ثم اشتريته واتهمه الساعي في ذلك فيعلفه ( قوله : بالإضافة إلى رفق الماشية ) أي بالنظر ( قوله : كأن نبت في أرض مملوكة ) أي أو اشتراه ولو بقيمة كثيرة ، ومثل ذلك ما يستنبه الناس كأن استأجر أرضا للزراعة وبذر بها حبا فنبت فهو من الكلأ المملوك ففي الراعية له الخلاف المذكور قال سم : ونقل عن الشهاب الرملي ما يخالفه .

                                                                                                                            قال : ورده ولده وذكر أنه بتسليم صحة نقله عنه لا يعول عليه إلا بنقل ( قوله : أصحهما كما أفتى بهالقفال وجزم به ابن المقري أولهما ) أي أنها سائمة فتجب فيها الزكاة ( قوله : ورجح السبكي أنها سائمة ) نقل سم على حج عن الشارح اعتماد ما قاله السبكي ( قوله : قال الشيخ وهو الأوجه ) ضعيف ( قوله : فمعلوفة ) أي إن كان ما أكلته من المجزور قدرا لا تعيش بدونه بلا ضرر بين ( قوله : ويستثنى من ذلك ) أي من قوله فلو جمع وقدم لها فمعلوفة ( قوله : ولو سامت بنفسها ) ومن ذلك ما جرت به العادة من رعي الدواب في نحو الجزائر فهي سائمة ، وأما ما يأخذه المتكلم عليها من نحو الملتزم من الدراهم فهو ظلم مجرد لا يمنع من الإسامة ، ومعلوم أنه لا تجب الزكاة إلا إذا كانت كذلك جميع السنة وبقي ما لو كانت ترعى في كلأ مباح جميع السنة ، لكن جرت عادة مالكها بعلفها إذا رجعت إلى بيوت أهلها قدرا لزيادة النماء أو دفع ضرر يسير للحفظ هل ذلك يقطع حكم السوم أم لا ؟ فيه نظر ، وقد يؤخذ من قول الشارح الآتي ، ولو كان يسرحها نهارا ويلقي لها شيئا من العلف ليلا لم يؤثر أنها سائمة ( قوله : أو كانت عوامل ) أي ولو في محرم أخذا من قوله ، وفرق بين المستعملة في محرم إلخ .

                                                                                                                            [ تنبيه ] وقع السؤال في الدرس عما لو حصل من العوامل نتاج هل تجب فيه الزكاة أم لا ؟ والجواب عنه بأن الظاهر أن يقال : تجب فيه الزكاة إذا تم نصابه وحوله من حين الانفصال ، وما مضى من حول الأمهات قبل انفصاله لا يعتد به لعدم وجوب الزكاة فيها ( قوله وهو حمل الماء للشرب ) لعل المراد به إخراج الماء من البئر للشرب أو نحوه لما يأتي في كلام المحلي من أن النضح السقي من ماء بئر أو نهر ببعير أو بقرة ، ويسمى ناضحا [ ص: 68 ] قوله : ولا بد أن يستعملها إلخ ) ولو لغيره وبأجرة أو عارية ( قوله : إلا ما رخص ) أي فيه ( قوله : إلا إن قصد به قطع السوم ) وقياسه أنه لو استعملها قدرا يسيرا ، وقصد به قطع الحول سقطت الزكاة ( قوله : لو كان الأحظ للمحجور في تركها ) أي السائمة ( قوله : ويبعد تخريجهما ) أي فيكون الراجح أنه لا اعتبار بإسامتها ( قوله : لا يضمن ) أي بأن لم يكن له أمان ( قوله أن السوم لا ينقطع ) معتمد



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : بالسبب الذي ملك به النصاب ) يعني أنه انجر إليه ملكه من ملك الأصل لا أنه ملكه بسبب مستقل كالسبب الذي ملك به النصاب [ ص: 64 - 65 ] قوله : مبادلة صحيحة في غير التجارة ) أي بالنسبة لغير الصرف كما يأتي ، ولا يعترض به عليه لأن المفهوم إذا كان فيه تفصيل لا يعترض به ( قوله : وشمل كلامه ما لو باع النقد ببعضه ) أي مع قطع النظر عما قيده به من قوله في غير [ ص: 66 ] التجارة ( قوله : فإن حال الحول ) يعني عند المشتري أي حول غير حول البائع ( قوله فإن سارع بإخراجها ) أي بأن لم يؤخر تأخيرا يبطل رده بأن أخرج مع التمكن ( قول المصنف وكونها سائمة ) أي بإسامة المالك كما يعلم مما يأتي




                                                                                                                            الخدمات العلمية