الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويسن مسح ) ظاهر ( أعلاه ) الساتر لظهر القدم ( وأسفله ) وحرفه وعقبه ( خطوطا ) لأثر ابن عمر في الأولين وقياسا عليه في الآخرين ، والأولى وضع أصابع يمنى يديه منفرجة على ظهر مقدم الخف واليسرى على أسفل العقب وإمرارهما ، فتنتهي أصابع اليمنى إلى آخر الساق واليسرى إلى مقدم بطن الخف ولا يستحب استيعابه ، ويكره تكرار مسحه وإن أجزأ وغسله لأن ذلك يعيبه ويفسده .

                                                                                                                            ويؤخذ من العلة عدم الكراهة في نحو الخشب وهو كذلك ( ويكفي مسمى مسح ) كمسح الرأس ولو بعود أو وضع يده المبتلة عليه وإن لم يمرها ونحو ذلك لورود المسح مطلقا ولم يصح في تقديره شيء فتعين الاكتفاء بما يطلق عليه الاسم ، ولا بد أن ( يحاذي ) أي يقابل ( الفرض ) من ظاهره ، لا باطنه الملاقي للبشرة فلا يكفي بالاتفاق ، [ ص: 208 ] ولو كان عليه شعر لم يكف المسح عليه جزما ، بخلاف الرأس فإن الشعر من مسماه ، إذ الرأس لما رأس وعلا ، وهو صادق على ذلك بخلاف شعر الخف فلا يسمى خفا ( إلا أسفل الرجل وعقبها فلا ) يكفي ( على المذهب ) لعدم ورود الاقتصار عليه ، والرخصة يجب فيها الاتباع .

                                                                                                                            والثاني يكفي قياسا على الأعلى ، والعقب مؤخر القدم ، وهو بفتح العين وكسر القاف ، ويجوز إسكان القاف مع فتح العين وكسرها .

                                                                                                                            ( قلت : حرفه كأسفله ، والله أعلم ) لاشتراكهما في عدم الرؤية غالبا .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : واليسرى على أسفل إلخ ) لا يظهر من هذه الكيفية شمول المسح للعقب ، إلا أن يراد بأسفله وضع اليد على مؤخر العقب بحيث يستوعبه بالمسح ، ومعنى جعل ذلك أسفله أنه ليس من الساق مثلا .

                                                                                                                            هذا وجعل البكري ذلك مفيدا لدخوله حيث قال قوله : تحت العقب إشارة إلى استحباب مسح العقب ولا يشعر به المتن ا هـ .

                                                                                                                            وفي جعله مفيدا له تأمل كما علمته ، وكذا لا تفيد هذه الكيفية إدخال الحرف ( قوله : فتنتهي أصابع اليمنى إلى آخر الساق ) قضية قوله إلى آخر الساق استحباب التحجيل لأن آخر الساق ما يلي الركبة ، كذا قيل ، وقد يمنع أن آخره ذلك وإنما آخره ما يلي القدم لأن ما وضعه على الانتصاب يكون أعلاه أوله وآخره أسفله ، فأعلى الآدمي رأسه ، وآخره رجلاه كما قاله شيخ الإسلام في شرحه على الجزرية .

                                                                                                                            ثم رأيت سم على حج قال : إنه كان ظهر لنا استحباب التحجيل .

                                                                                                                            ثم رأيت في المجموع التصريح بخلافه ا هـ بالمعنى فراجعه ، وقوله : إلى آخر الساق يحتمل أنه أراد الآخر من جهة القدم ، ويحتمل أنه أراد بالآخر الأعلى إشارة إلى التحجيل حرره ، وعبارة العباب إلى الساق سم على منهج ، وهي تفيد عدم استحباب التحجيل وهو الموافق لما نقله عن المجموع فيحمل آخر الساق على ما يلي القدم منه وهو مدلوله على ما في شرح الجزرية ( قوله : ولا يستحب استيعابه ) قضية الاقتصار على نفي الاستحباب أنه مباح وليس مكروها ، ولا خلاف الأولى ، وعبارة المنهج فاستيعابه بالمسح خلاف الأولى ، ثم القول بعدم الاستحباب قد يشكل بأن مذهب مالك كما قاله ع وجوب الاستيعاب إلا مواضع الغضون ، فالقياس ندبه خروجا من الخلاف ، إلا أن يقال إن ما قلناه من عدم الاستيعاب هو الوارد في الأخبار المصرحة بأنه : أي المسح كان خطوطا وهو دال على ذلك ( قوله : لأن ذلك يعيبه ) فإن قلت : التعيب إتلاف للمال فهلا حرم الغسل والتكرار ؟ قلت : ليس التعييب محققا ، ولو سلم فقد يقال لما كان هنا لغرض أداء العبادة كان مغتفرا ولم يحرم فليتأمل سم على منهج ( قوله : لا باطنه ) قد يفيد إجزاء المسح على محاذى الكعبين لكونهما ليسا من الباطن ولا ما ذكر معه من صور عدم الإجزاء ، وبه صرح حج على ما نقله سم عنه ، وعبارته قال في شرح الإرشاد : ويكفي مسح الكعب وما يوازيه في الفرض غير العقب كما اقتضاه كلام الشيخين ، خلافا لما نقله الأذرعي عن جمع من أن [ ص: 208 ] العبرة بما قدام الساق إلى رءوس الأظفار لا غير ا هـ .

                                                                                                                            وكتب على المنهج : لو مسح باطنه فنفذ الماء من مواضع الخرز إلى ظاهره فلا يبعد أن يجزئ إن قصد الظاهر أو الباطن أو أطلق ، بخلاف ما إذا قصد الباطن فقط ، وكذا يقال إذا مسح الشعر الذي بظاهر الخف فأصاب الماء بقية الخف ، وقلنا إن مسح الشعر لا يكفي فتأمل ا هـ .

                                                                                                                            وقياس ما مر عنه من أنه لو قصد أحد الجرموقين لا بعينه لم يكف أنه هنا كذلك .

                                                                                                                            [ فرع ] هل يكفي المسح على الخيط الذي خيط به الخف سواء كان جلدا أو كتانا أو غير ذلك لا يبعد الاكتفاء لأنه صار يعد من جملته ، وهل يكفي المسح على الأزرار والعرى التي للخف ؟ فيه نظر .

                                                                                                                            ولا يبعد أيضا الاكتفاء إذا كانت مثبتة فيه بنحو الخياطة فليتأمل وليراجع سم على منهج ( قوله : ولو كان عليه شعر لم يكف عليه المسح جزما ) خلافا لحج ( قوله : لما رأس ) قال في المختار : رأس فلان القوم يرأسهم بالفتح رآسة فهو رئيس ويقال ريس بوزن قيم ا هـ ( قوله : فلا يسمى خفا ) زاد سم على منهج بعد مثل ما ذكر عن م ر ، وقد يقال ليس الشعر داخلا في حقيقة الرأس واكتفى به ، فقياسه الاكتفاء بشعر الخف كما قاله حج ( قوله : لعدم ورود الاقتصار عليه ) أي على ما ذكر من الأسفل والعقب



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : وإن أجزأ ) لم يظهر لي موقع هذه الغاية ، وهو تابع فيها لشرح الإرشاد




                                                                                                                            الخدمات العلمية