الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولا مفسد غير رمضان ) من نحو نذر وقضاء لأن النص ورد في رمضان وهو أفضل الشهور ومخصوص بفضائل لم يشاركه فيها غيره فلا يصح قياس غيره عليه .

                                                                                                                            وقد احترز عن ذلك بقوله من رمضان ( أو بغير جماع ) كأكل أو غيره لورود النص في الجماع وهو أغلظ من غيره وقد احترز عنه بقوله بجماع ( ولا ) على صائم ( مسافر جامع بنية الترخص ) لأنه لم يأثم لوجود القصد مع الإباحة ( وكذا بغيرها في الأصح ) لإباحة الإفطار له فصار شبهة في درء الكفارة ، والثاني تلزمه لأن الرخصة لا تحصل بدون قصدها .

                                                                                                                            ألا ترى أن المسافر إذا أخر الظهر إلى العصر فإن كان بنية الجمع جمع وإلا فلا ، وجوابه أن الفطر يحصل بلا نية بدليل غروب الشمس ولا كذلك تأخير الصلاة ، والمريض في ذلك كالمسافر ، وقد احترز عنه بقوله أثم ، إذ كلامه في آثم لا يباح له الفطر بحال ، ويصح أن يكون احترز به عن جماع الصبي ( ولا على من ظن ) وقت الجماع ( الليل ) فجامع ( فبان نهارا ) لانتفاء الإثم ( ولا على من جامع ) عامدا ( بعد الأكل ناسيا وظن أنه أفطر به ) أي الأكل لأنه يعتقد أنه غير صائم وقوله ناسيا متعلق بالأكل ( وإن كان الأصح بطلان صومه ) بهذا الجماع كما لو جامع على ظن بقاء الليل فبان خلافه .

                                                                                                                            والثاني لا يبطل كما لو سلم من ركعتين من الظهر ناسيا ثم تكلم عامدا لا تبطل صلاته ، والفرق على الأول أنه هنا صائم وقت الجماع

                                                                                                                            [ ص: 202 ] وهناك غير مصل في حالة الكلام .

                                                                                                                            أما إذا علم أنه لا يفطر به ثم جامع في يومه فيفطر وتجب الكفارة جزما .

                                                                                                                            واعلم أن هذا الذي ظن الفطر في مسألتنا فجامع إن علم وجوب الإمساك عن الجماع وغيره فإثمه لا بسبب الصوم فيخرج بالقيد الأخير وإن ظن الإباحة خرج بقوله أثم به .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : بدليل غروب الشمس ) أي فإنه يفطر بمجرد غروبها وإن لم يتعاط مفطرا ، ويؤيده ما أجاب به بعضهم من أنه لو حلف لا يفطر على حار ولا على بارد لم يحنث بتناول أحدهما بعد غروب الشمس لأنه حكم بفطره قبل التناول ، لكن المعتمد في تلك الحنث لأن مبنى الأيمان على العرف ( قوله : عن جماع الصبي ) عبارة سم

                                                                                                                            [ ص: 202 ] على شرح البهجة : قوله كجماع المسافر إلخ يحتمل أن يخرج به : أي بقوله أثم به للصوم ما لو جامع يعتقد أنه صبي ثم بان أنه كان بالغا عند الجماع لعدم إثمه ، ويحتمل خلافا لتقصيره بعدم معرفة حاله ، وقد يؤيد الأول مسألة ظن بقاء الليل ا هـ .

                                                                                                                            وكتب بهامشه شيخنا العلامة الشوبري : اعتقاد الصبي لا يبيح الجماع في رمضان ، وسقوط الإثم لعدم التكليف لا يقتضي الإباحة فهو ممنوع منه كما يمنع من الزنا فالوجه وجوب الكفارة ، ولا تأييد فيما ذكره للفرق الظاهر بين إباحة الإقدام وعدمه فليتأمل .

                                                                                                                            ويؤيد ما ذكرناه وجوب الحد عليه لو كان زانيا حينئذ ا هـ .

                                                                                                                            أقول : وفيه نظر ، أما أولا فلأن الصبي حيث لم يعلم ببلوغه لا إثم عليه كمن ظن بقاء الليل بل هذا أولى لعسر معرفة البلوغ عليه ، بخلاف معرفة بقاء الليل لسهولة البحث عنها ، وأما ثانيا فحرمة الفطر لا تستلزم الكفارة كما يأتي في ظن دخول الليل فإنه لا يجوز له الفطر ، ومع ذلك إذا جامع لا كفارة عليه للشبهة وإن حرم جماعه ، وأما كونه يحد حيث زنى ظانا صباه فبان خلافه فوجهه أن الزنا معصية في نفسه ومن ثم يمنعه منه الحاكم ويؤدب عليه ، وفطر الصبي ليس في نفسه معصية وأمر وليه له به وضربه عليه إنما هو ليعتاده فلا يتركه بعد إن شاء الله ، وما تقرر من وجوب الحد عليه صرح به الشارح في كتاب الزنا بعد قول المصنف وحد المحصن بقوله نعم لو أولج ظانا أنه غير بالغ فبان كونه بالغا وجب الحد في أصح الوجهين ( قوله : وهناك غير مصل إلخ ) أي لخروجه بالسلام من الصلاة ظاهرا فلا يقال إن سلامه لغو لكونه ناسيا فهو باق في صلاته كما أن الجامع صائم بعد أكله ( قوله أنه لا يفطر به ) أي بالأكل



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 201 ] قوله : إذ كلامه في آثم لا يباح له الفطر بحال ) يقال عليه لا دليل عليه ( قوله ويصح أن يكون احترز به عن جماع الصبي ) أي أيضا ( قوله : والفرق على الأول أنه هنا صائم وقت الجماع إلخ ) في هذا الفرق نظر ظاهر وما في [ ص: 202 ] حاشية الشيخ لا يدفعه




                                                                                                                            الخدمات العلمية