الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ومن تلبس بصوم تطوع أو صلاته فله قطعهما ) ما لم ينذر إتمامه للخبر السابق في نية الصوم ، ولما صح من قوله صلى الله عليه وسلم { الصائم المتطوع أمير نفسه ، إن شاء صام وإن شاء أفطر } ويقاس بالصوم غيره من بقية النوافل غير ما سيأتي كاعتكاف وطواف ووضوء وقراءة سورة الكهف ليلة الجمعة أو يومها والتسبيحات عقب الصلوات . نعم يكره الخروج منه لغير عذر لظاهر قوله تعالى { ولا تبطلوا أعمالكم } أما لعذر كمساعدة ضيف عز عليه امتناع مضيفه منه أو عكسه فيسن ، فإن لم يعز على أحدهما

                                                                                                                            [ ص: 211 ] امتناع الآخر من ذلك فالأفضل عدم خروجه منه ، وإذا أفطر لم يثب على ما مضى إن خرج بغير عذر وإلا أثيب ، وعلى ذلك يحمل قول المتولي إنه لا يثاب لأن العبادة لم تتم ، وما حكي عن الشافعي أنه يثاب ومحل ما ذكر في تطوع غير حج وعمرة ، أما تطوعهما فيجب إتمامه لمخالفتهما غيرهما في لزوم الإتمام وإن فسدا والكفارة بالجماع ، وسيأتي أن من أفسدهما أو تحلل لفوات الحج لزمه القضاء ( ولا قضاء ) عليه حتما بسبب قطعه ذلك بل هو مستحب ، وإن خرج بعذر خروجا من خلاف من أوجب قضاءه ، أما من فاته وله عادة بصيامه كالاثنين فلا يسن له قضاؤه لفقد العلة المذكورة على ما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى لكنه معارض بما مر من إفتائه بقضاء ست من القعدة عن ست من شوال معللا له بأنه يستحب قضاء الصوم الراتب وهذا هو الأوجه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : { أمير نفسه } ) هو بالراء وروي بالنون أيضا ا هـ شيخنا الشوبري ( قوله : { إن شاء صام } ) أي أتم صومه ا هـ سم على بهجة ( قوله : نعم يكره الخروج منه ) هو

                                                                                                                            [ ص: 211 ] هو ظاهر في الصوم والصلاة لارتباط بعض أجزائهما ببعض ، وأما قراءة سورة الكهف والتسبيحات ونحوهما فهل المراد بالخروج منه الإعراض عنه والإشغال بغيره وترك إتمامه والمراد ما يشمل قطعه بكلام وإن لم يطل ثم العود إليه ؟ فيه نظر ، والأقرب الثاني ما لم يكن الكلام مطلوبا كرد السلام وإجابة المؤذن ( قوله وإلا أثيب ) ظاهره أنه يثاب على ما مضى ثواب بعض العبادة التي بطلت ( قوله : أما تطوعهما ) أي بأن كان الفاعل لهما عبدا أو صبيا ، وعليه فالوجوب بالنسبة للصبي متعلق بالولي ( قوله كالاثنين فلا يسن له قضاؤه ) ضعيف ( قوله لفقد العلة المذكورة ) هي قوله وإن خرج بعذر ( قوله : لصوم يوم ) أفهم التقييد بالصوم أن غيره مما يتبعض كالصدقة المالية والمنذور لا يحرم قطعه وهو ظاهر ، كالصوم والصلاة والحج ( قوله : وهذا هو الأوجه ) هو قوله بأنه مستحب



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 211 ] قوله : لفقد العلة المذكورة ) أي الخروج من الخلاف إذ لم يوجب ذلك أحد ( قوله : لكنه معارض بما مر من إفتائه بقضاء ست ذي القعدة إلخ ) قد يقال : لا معارضة للفرق الظاهر بينهما ، ألا ترى أن ست شوال يستحب قضاؤها لكل أحد ولو لم يعتدها بخلاف صوم ما ذكر




                                                                                                                            الخدمات العلمية