الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ثم إذا جعل غير المكلف محرما بإحرام الولي أو مأذونه أو بإحرامه وهو مميز بإذن وليه فعلى الولي منعه من محظورات الإحرام وعليه إحضاره المواقف كلها وجوبا في الواجبة وندبا في المندوبة كعرفة ومزدلفة والمشعر الحرام لإمكان فعلها منه [ ص: 238 ] ولا يغني حضوره عنه وعليه وجوبا أو ندبا كما ذكر أمره بما قدر عليه من أفعال النسك كغسل وتجرد عن مخيط ولبس إزار ورداء أو غيرها وإنابة عنه فيما عجز عنه فيناوله هو أو نائبه الحجر ليرمي به إن قدر وإلا رمى عنه بعد رميه عن نفسه وإلا وقع للرامي وإن نوى به الصبي .

                                                                                                                            وفي المجموع عن الأصحاب : يسن وضع الحصاة في يده ثم يأخذ بيده ويرمي بها ، وإلا فيأخذها من يده ثم يرمي بها ، ولو رماها عنه ابتداء جاز ، وكذلك إذا قدر على الطواف أو السعي علمه ذلك وإلا طاف وسعى ، ولو أركبه دابة اشترط أن يكون سائقا أو قائدا إن كان الراكب غير مميز ، ولا يكفي السعي والطواف من غير استصحابه وإنما يفعلهما به بعد فعلهما عن نفسه نظير ما مر في الرمي ، إذ مبنى الحج على عدم التبرع به مع قيام الفرض ، ولو تبرع وقع فرضا لا تبرعا ، ويصلي عن غير المميز ركعتي الإحرام والطواف استحبابا ، ويشترط للطواف طهارته من الخبث وستر عورته ، وكذا وضوءه وإن لم يكن مميزا كما اعتمده الوالد رحمه الله تعالى ، ويغتفر صحة وضوئه هنا للضرورة كما اغتفر صحة طهر مجنونة انقطع حيضها لتحل لحليلها ، ويؤخذ من التشبيه أن الولي ينوي عنه وهو الأوجه ، ولا بد من طهر الولي وستر عورته أيضا

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وعليه إحضاره المواقف كلها ) مفهومه أنه إذا أحضره الأجنبي لا يعتد

                                                                                                                            [ ص: 238 ] بذلك وبه صرح حج ( قوله : ولا يغني حضوره ) أي الولي وقوله عنه أي الصبي ( قوله ليرمى به إلخ ) أفهم أنه لو استقل بالرمي بنفسه لا يكفي وهو قياس ما يأتي في الطواف والسعي ( قوله : بعد رميه إلخ ) قضيته أن المناولة لا يشترط للاعتداد بها كون المناول رمى عن نفسه ، وبحث حج أنه لا بد أن يكون رمى عن نفسه لأن مناولة الحجر من مقدمات الرمي فتعطى حكمه ا هـ ( قوله : وإن نوى به الصبي ) قضيته أنه لا يقبل الصرف وإلا لم يقع عن الرامي لصرفه إياه بقصد الرمي عن الصبي ( قوله في يده ) أي الصبي ( قوله : اشترط أن يكون إلخ ) أي الولي ومثله مأذونه ( قوله : وإنما يفعلهما ) أي السعي والطواف ( قوله : بعد فعلهما عن نفسه ) قضيته اشتراط ذلك وإن كان الصبي مباشرا للأعمال ، ويوجه بأنه لما اشترطت مصاحبة الولي له نزلت منزلة فعله ، وقد يشكل على هذا ما سيأتي من أن المحرم إذا حمل محرما لم يطف واحد منهما عن نفسه ودخل وقت طوافه ونواه الحامل للمحمول وقع للمحمول ثم يطوف الحامل بعد ذلك عن نفسه ، وقد يفرق بأن الطفل لما لم يعتد بإحرامه مستقلا ألغي فعله ونزل فعل الحامل منزلة فعل المحمول فلو أوقعناه عن الطفل لزم إلغاء فعل الحامل مع أن القصد إنما هو فعله بخلاف ما سيأتي فإنه لما كان كل منهما له قصد صحيح وتعارض فعلاهما غلب جانب المحمول فألغي معه فعل الحامل على نفسه لتنزيله منزلة الدابة أو أن ما هنا مصور بما لو أطلق وما يأتي مصور بما إذا قصد المحمول وحده .

                                                                                                                            ويؤيد هذا الجواب ما سيأتي في كلام الشارح ثم من قوله وسواء في الصغير حمله وليه الذي أحرم عنه أم غيره ( قوله : وكذا وضوءه إلخ ) وإذا وضأه الولي والحالة ما ذكر ثم بلغ على خلاف العادة وهو بطهارة الولي أو كان مجنونا فأفاق ولم يحصل منهما ناقض للوضوء هل يجوز له أن يصلي بها لأنها طهارة معتد بها أو لا يصح أن يصلي بها ؟ تردد فيه سم على حج ثم قال : يحتمل الأول ويحتمل الثاني وهو غير بعيد ا هـ .

                                                                                                                            أقول : والأقرب الأول لأن الشارع نزل فعل وليه منزلة فعله فاعتد به وصار كأنه فعله بنفسه فتصح صلاته به ( قوله : ولا بد من طهر الولي ) انظر الحكمة في اشتراطهما من الولي مع أنه آلة للطواف بغيره فهو كالدابة ، وقد يقال يحتمل أنه لما اشترطت مصاحبته له نزل منزلة المباشرة




                                                                                                                            الخدمات العلمية