الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وله ) أي للشخص ( أن يحرم كإحرام زيد ) كقوله أحرمت بما أحرم به زيد أو كإحرامه ، { لأن أبا موسى رضي الله عنه أهل بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما أخبره قال له : أحسنت طف بالبيت وبالصفا والمروة [ ص: 266 ] وأحل } ، وكذا فعل علي رضي الله عنه وكلاهما في الصحيحين ( فإن لم يكن زيد محرما ) أصلا أو أتى بصورة إحرام فاسد لكفره أو جماعه ( انعقد إحرامه مطلقا ) ولغت الإضافة إلى زيد ; لأنه قيد الإحرام بصفة ، فإذا انتفت بقي أصل الإحرام كما لو أحرم عن نفسه ومستأجره ; ولأن أصل إحرامه مجزوم به ( وقيل إن علم عدم إحرام زيد لم ينعقد ) إحرامه كما لو علق فقال إن كان محرما فقد أحرمت فلم يكن محرما ، وفرق الأول بأن في المقيس عليه تعليق أصل الإحرام فليس جازما به ، بخلاف المقيس فإنه جازم بالإحرام فيه ( وإن كان زيد محرما ) بإحرام صحيح ( انعقد إحرامه كإحرامه ) من حج أو عمرة أو كليهما فيتبعه في تفصيل أتى به ابتداء لا في تفصيل أحدثه بعد إحرامه ، كأن أحرم مطلقا وصرفه لحج ثم أحرم كإحرامه ، ولا فيما لو أحرم بعمرة ثم أدخل عليها الحج ثم أحرم كإحرامه فلا يلزمه في الأولى أن يصرفه لما صرف له زيد ، ولا في الثانية إدخال الحج على العمرة إلا أن يقصد التشبيه به في الحال في الصورتين ، فيكون في الأولى حاجا وفي الثانية قارنا .

                                                                                                                            ولو أحرم كإحرامه قبل صرفه في الأولى وقبل إدخاله الحج في الثانية وقصد التشبيه به في حال تلبسه بإحرامه الحاضر والآتي صح كما اقتضاه ما في الروضة عن البغوي ، وليس فيه معنى التعليق بمستقبل ; لأنه جازم به في الحال ، ولأن ذلك يغتفر في الكيفية لا في الأصل .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : طف بالبيت ) هو ظاهر بناء على أنه صلى الله عليه وسلم أحرم مطلقا ، لأن إحرام أبي موسى كإحرامه ينعقد مطلقا فيصرفه لما شاء ، فيجوز أنه صلى الله عليه وسلم رأى الأنسب لأبي موسى العمرة فأمره بها .

                                                                                                                            وإما على ما يأتي للشارح عن المجموع في أركان الحج بعد قول المصنف ، وفي قول التمتع أفضل من أن

                                                                                                                            [ ص: 266 ] الصواب أنه صلى الله عليه وسلم أحرم بالحج ثم أدخل عليه العمرة ، وخص بجوازه في تلك السنة للحاجة فمشكل لأنه حيث أحرم كإحرامه انعقد إحرامه حجا ، إلا أن يجاب بأن إحرامه وإن انعقد حجا ، لكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خصوا بجواز فسخ الحج إلى العمرة كما قاله الشارح ثم ، وعليه فأمره له بالعمرة أمر بفسخ الحج إليها وهو جائز لأصحابه خصوصية ( قوله : كما لو أحرم عن نفسه ) أي فإنه يقع عن نفسه لأنه لما امتنع الجمع بينهما تعين ما هو الأصل في الإحرام وهو كونه عن نفسه ( قوله : بخلاف المقيس ) هو قوله أحرمت بما أحرم به إلخ ( قوله : فلا يلزمه في الأولى ) هي قوله كأن أحرم مطلقا ، والثانية هي قوله ولا فيما لو أحرم بعمرة إلخ ( قوله : صح كما اقتضاه إلخ ) أي ويلزمه أن يتبع زيدا فيما يفعله بعد



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : بصورة إحرام فاسد ) أي باطل .

                                                                                                                            أما في الكفر فواضح ، وأما في الجماع فصورته أن يحرم مجامعا ، ويجوز بقاء الفساد بالنسبة للجماع على ظاهره وصورته أن يجامع معتمرا ثم يقرن فإن إحرامه بالحج يقع فاسدا




                                                                                                                            الخدمات العلمية