الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ولو علق إحرامه على إحرام زيد في المستقبل كإذا أو متى ، أو إن أحرم زيد فأنا محرم لم ينعقد إحرامه مطلقا كإذا جاء رأس الشهر فأنا محرم ; لأن العبادة لا تتعلق بالأخطار ، أو إن كان زيد محرما فأنا محرم ، أو فقد أحرمت وكان زيد محرما انعقد إحرامه ، وإلا فلا ; لأن المعلق بحاضر أقل غررا لوجوده [ ص: 267 ] في الواقع فكان قريبا من أحرمت كإحرام زيد في الجملة بخلاف المعلق بمستقبل ( فإن تعذر ) أي تعسر كما في الحاوي الصغير ; لأنه يعبر عن التعسر بالتعذر كثيرا نعم يمكن حمل التعذر على ظاهره بما إذا كان يرجو اتضاح الحال فيمتنع عليه نية الإفراد ; لأنه يورط نفسه في إبهام وتعاطي ما يحتمل الحرمة من غير ضرورة ( معرفة إحرامه بموته ) أو جنونه أو نسيانه ما أحرم به أو غيبته الطويلة لم يتحر لتلبسه بالإحرام يقينا فلا يتحلل إلا بيقين الإتيان بالمشروع فيه كما لو شك في عدد الركعات لا يتحرى ، وإنما تحرى في الأواني والقبلة كما مر ; لأن أداء العبادة ثم لا يحصل بيقين إلا بعد فعل محظور وهو صلاته لغير القبلة أو استعماله نجسا وهنا يحصل الأداء بيقين من غير فعل محظور ( جعل نفسه قارنا ) بأن ينوي القران لما مر ( وعمل أعمال النسكين ) ليتحقق الخروج عن عهدة ما هو فيه فتبرأ ذمته من الحج بعد إتيانه بأعماله إذ هو إما محرم به أو مدخل له على العمرة ، ولا تبرأ ذمته عن العمرة لاحتمال أنه أحرم بحج ويمتنع إدخالها عليه ولا دم عليه في الحالين إذ الحاصل له الحج فقط ، واحتمال حصول العمرة في صورة القران لا يوجبه إذ لا وجوب بالشك . نعم يسن لاحتمال كونه أحرم بعمرة فيكون قارنا ، ذكره المتولي .

                                                                                                                            أما لو لم يقرن ولا أفرد بأن اقتصر على أعمال الحج من غير نية حصل له التحلل لا البراءة من شيء منهما ، وإن تيقن أنه أتى بواحد منهما لكن لما لم يتعين الساقط منهما وجب عليه الإتيان بهما كمن نسي صلاة من الخمس لا يعلم عينها ، أو على عمل العمرة لم يحصل التحلل أيضا ، وإن نواها لاحتمال أنه أحرم بحج ولم يتم أعماله مع أن وقته باق .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : انعقد إحرامه ) أي فلو شك هل قال إن كان زيد إلخ أو قال إن أحرم أو إذا أو متى فينبغي أن تلغو نيته لأن الأصل عدم الإحرام ( قوله : وإلا فلا ) لا يقال : هذا مخالف لما مر في قوله كما لو علق فقال إن كان محرما فقد أحرمت إلخ .

                                                                                                                            لأنا نقول : ما مر مفروض فيما إذا لم يكن زيد

                                                                                                                            [ ص: 267 ] محرما وهو عين قوله هنا وإلا فلا ( قوله نعم يمكن حمل التعذر إلخ ) في هذا الحمل نظر لأن معنى التعذر استحالة معرفة الواقع ومن يرجو المعرفة لا تتعذر عليه ، فلعل العبارة إذا كان لا يرجو اتضاح إلخ ( قوله فيمتنع عليه نية الإفراد ) يتأمل هذا فإنه لا ينتظم مع قوله الآتي ، أما لو لم يقرن ولا أفرد بأن اقتصر على أعمال الحج إلخ ، والموافق لما يأتي أن يقول فينوي الإفراد أو يجعل نفسه قارنا ، وعبارة حج في جواب قوله فإن تعذر إلخ : لم يتحر إذ لا مجال للاجتهاد فيه ونوى الحج أو جعل نفسه قارنا إلخ ( قوله : جعل نفسه قارنا ) الأولى أن يقول وجعل بزيادة الواو لأنه جعل جواب الشرط قوله السابق لم يتحر ( قوله : نعم يسن ) أي الدم ( قوله : وإن تيقن ) أي والحال إلخ



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 267 ] قوله : أي تعسر ) هذا لا يقبله المتن بعد قوله بموته إلا أن يقال إنه لمجرد التمثيل ( قوله : نعم يمكن حمل التعذر على ظاهره إلخ ) كلام غير منتظم بحسب ما رأيته في النسخ وأصل ذلك من الإمداد .

                                                                                                                            وحاصله أن الحاوي الصغير عبر بالتعسر كما تقدم في الشرح فعدل عنه الإرشاد في اختصاره إلى لفظ التعذر لما بينه المصنف في تمشيته ، فرده الشهاب حج في إمداده ثم قال : نعم لو قيل فائدة التعبير بالتعذر أنه ما دام يرجو اتضاح الحال يمتنع عليه نية الإفراد والقران لأنه يورط نفسه في إبهام وتعاطي ما يحتمل الحرمة من غير ضرورة ، فكان التعبير لأجل ذلك بالتعذر أصوب منه بالتعسر لم يبعد ا هـ .

                                                                                                                            فتصرف فيه الشارح بما ترى فليحرر ( قوله : لم يتحر ) لا يخفى أن جعل هذا جواب الشرط محوج إلى واو قبل قول المصنف جعل نفسه قارنا ( قوله : جعل نفسه قارنا ) أي أو مفردا ، وكأن الشارح ذكره وسقط من النساخ بدليل أخذه مفهومه فيما يأتي في قوله أما إذا لم يقرن ولا أفرد ( قوله : في الحالين ) يعني على التقديرين .




                                                                                                                            الخدمات العلمية