الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            [ ص: 268 ] فصل في ركن الإحرام وما يطلب للمحرم من الأمور الآتية

                                                                                                                            ( المحرم ) أي مريد الإحرام ( ينوي ) بقلبه وجوبا دخوله في حج أو عمرة أو كليهما أو ما يصلح لشيء منهما وهو الإحرام المطلق ( ويلبي ) مع النية فينوي بقلبه ويقول بلسانه : نويت الحج مثلا وأحرمت به لله تعالى لبيك اللهم لبيك إلى آخره ، ولا يجهر بهذه التلبية ، ويندب كما قاله ابن الصلاح وتبعه في الأذكار ونقله في الإيضاح عن الجويني وأقره أن يذكر في هذه التلبية لا غيرها ما أحرم به وهو الأوجه ، لكن نقل الإسنوي عن النص عدم ندبه وصوبه ، والعبرة بما نواه لا بما ذكره في تلبيته .

                                                                                                                            ويسن أن يتلفظ بما يريده وأن يستقبل القبلة عند إحرامه وأن يقول : اللهم أحرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي ( فإن لبى بلا نية لم ينعقد إحرامه ) لخبر { إنما الأعمال بالنيات } [ ص: 269 ] ( وإن نوى ولم يلب انعقد على الصحيح ) كسائر العبادات . والثاني لا ينعقد لإطباق الأمة عليها عند الإحرام كالصلاة لا تنعقد إلا بالنية والتكبير .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 268 ] فصل ) في ركن الإحرام

                                                                                                                            ( قوله : في ركن الإحرام ) أي في الركن الذي هو الإحرام وهو النية فالإضافة بيانية ، أو في الركن المحصل للإحرام إن حمل الإحرام على الدخول في النسك . [ تنبيه ]

                                                                                                                            سئلت عن ملتصقين ظهر أحدهما في ظهر الآخر ولم يمكن انفصالهما ، فأحرما بالحج ثم أراد أحدهما تقديم السعي عقب طواف القدوم والآخر تأخيره إلى ما بعد طواف الركن فمن المجاب ، وهل إذا فعل أحدهما ما لزمه من الأركان والواجبات بموافقة الآخر ثم أراد الآخر ذلك يلزم الأول موافقته والمشي والركوب معه إلى الفراغ أيضا أو لا ، وهل يلزم كلا أن يفعل مع الآخر واجبه من نحو صلاة سواء أوجب عليه نظير ما وجب على صاحبه أو لا ضاق الوقت أو لا ؟ فأجبت بقولي : الذي يظهر من قواعدنا أنه لا يجب على أحدهما موافقة الآخر في فعل شيء أراده مما يخصه أو يشاركه الآخر فيه ، لأن تكليف الإنسان بفعل لأجل غيره لا مع نسبته لتقصير ولا لسبب فيه منه لا نظير له ولا نظر لضيق الوقت لأن صلاتهما معا لا تمكن لأن الفرض تحالف وجهيهما .

                                                                                                                            فإن قلت : لم لا نجبره ونلزم الآخر بالأجرة كما هو قياس مسائل ذكروها ؟ قلت : تلك ليست نظير مسألتنا لأنها ترجع إلى حفظ النفس تارة كمرضعة تعينت والمال أخرى كوديع تعين ، وما هو ؟ إنما هو إجبار لمحض عبادة وهي يغتفر فيها ما لا يغتفر فيهما .

                                                                                                                            فإن قلت : عهدنا الإجبار بالأجرة للعبادة كتعليم الفاتحة بالأجرة ، قلت : يفرق بأن ذاك أمر يدوم نفعه بفعل قليل لا يتكرر ، بخلاف ما هنا فإنه يلزم تكرر الإجبار بل دوامه ما بقيت الحياة وهذا أمر لا يطاق فلا يتجه إيجابه ، فإن رفعا للحاكم في شيء من ذلك أعرض عنهما إلى أن يصطلحا على شيء يتفقان عليه أخذا مما ذكروه أواخر العارية بل أولى فيتأمل ذلك فإنه مهم ا هـ حج في باب الفرائض قبيل فصل الحجب ، لكن نقل الإسنوي إلخ ضعيف ( قوله : المصنف لم ينعقد إحرامه )

                                                                                                                            [ ص: 269 ] فرع ] شك بعد جميع أفعال الحج هل كان نوى أو لا ؟ ، فالقياس عدم صحته كما في الصلاة ، وفرق بعض الناس بأن قضاء الحج يشق لا أثر له بل هو وهم ا هـ سم على حج رحمه الله .

                                                                                                                            أقوال : وقد يقال الأقرب عدم القضاء قياسا على ما لو شك في النية بعد فراغ الصوم ، ويفرق بينه وبين الصلاة بأنهم توسعوا في نية الحج ما لم يتوسعوه في نية الصلاة فقالوا : لو أحرم بالحج في رمضان عالما بذلك انعقد عمرة ، بخلاف ما لو نوى الظهر قبل دخول وقته عالما بذلك لم ينعقد فرضا ولا نفلا .

                                                                                                                            وقالوا : لو نوى الحج ظانا بقاء رمضان ثم تبين له أنه أحرم في شوال اعتد بنيته عملا بما في نفس الأمر .

                                                                                                                            وقالوا : لو علم أنه أحرم وتردد في وقت إحرامه هل هو قبل شوال أو فيه اعتد بنيته ، ويبرأ من الحج إذا أتى بأعماله



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 268 ] فصل ) في ركن الإحرام ( قوله : ويسن أن يتلفظ بما يريده ) مكرر مع ما مر قريبا




                                                                                                                            الخدمات العلمية